بينما تستعد مصر لاستضافة مؤتمر الأمم المتحدة حول المناخ، هناك الكثير من التساؤلات المطروحة والتى ربما يطلب البعض إجاباتها.. أهمها ما هو المؤتمر نفسه، وماذا تستفيد مصر من استضافته على أرضها فى شرم الشيخ، ومن يدفع تكاليف هذا المؤتمر وإقامة الضيوف؟ وما هى أهمية أن يناقش العالم قضية المناخ وتأثيراته؟
تغير المناخ هو حالة طوارئ عالمية تتجاوز الحدود الوطنية، وتتطلب حلولا وتعاونا دوليا لمساعدة الدول على التحرك نحو اقتصاد منخفض الكربون، ولمواجهة تغير المناخ وآثاره السلبية، تبنت 197 دولة اتفاق باريس فى مؤتمر الأطراف 21 فى باريس، فى 12 ديسمبر 2015. ويهدف إلى الحد بشكل كبير من انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى العالمية والحد من زيادة درجة الحرارة العالمية فى هذا القرن إلى درجتين مئويتين مع السعى إلى الحد من الزيادة إلى 1.5 درجة.
حتى اليوم، انضمت 193 دولة «192 دولة والاتحاد الأوروبى» إلى اتفاق باريس، الذى يوفر طريقا للدول المتقدمة لمساعدة الدول النامية فى جهود التخفيف من حدة المناخ والتكيف معها مع إنشاء إطار للرصد والإبلاغ الشفافين عن الأهداف المناخية للدول.
تمثل نتيجة الدورة السادسة والعشرين «COP26» ميثاق جلاسجو للمناخ، ثمرة مفاوضات على مدى أسبوعين، وعملا رسميا وغير رسمى مرهق على مدى عدة أشهر، والمشاركة المستمرة بشكل شخصى وافتراضى لمدة عامين تقريبا، طرحت مصر مطالب الإقليم وأفريقيا أمام قمة المناخ الـ26 فى جلاسجو، وقدم الرئيس عبدالفتاح السيسى، رؤية أفريقيا ودول العالم الثالث تجاه أزمة المناخ، حتى تستطيع مواكبة المتغيرات والتهديدات التى تواجه الكوكب وتهدد البشر، ويسدد فقراء العالم فاتورة أنشطة ومنافسات وطموحات الدول الصناعية، التى تعهدت سابقا بتقديم 100 مليار دولار لمساعدة الدول النامية والفقيرة فى تخطى تأثيرات التغيرات المناخية والتلوث والانبعاث الحرارى، والتى تسببت فيها الدول الصناعية، ولم تلتزم بتعهداتها السابقة.
تعد قمة المناخ السابعة والعشرون «COP 27»، التى تعقد فى مصر خلال نوفمبر المقبل، فرصة لطرح قضية تغير المناخ، ومواجهتها بجدية، من خلال وفاء الدول المسؤولة بتعهداتها تجاه إصلاح ما تسببت فيه، والتوصل إلى توصيات قابلة للتنفيذ، باعتبار أن قضية التغيرات المناخية لم تعد تخص الدول الفقيرة أو أفريقيا، بل تتعلق بمستقبل العالم، ويفترض أن تكون هناك دراية بأهمية هذا الملف، لأن التغيرات المناخية انعكست فى صورة حرائق عمت العالم شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، فى العام الماضى والأسبق، أو فيضانات وجفاف فى مناطق أخرى، وهو ما يضاعف من خطر الجوع، أو التصحر.
جمع مؤتمر الأمم المتحدة المعنى بتغير المناخ فى جلاسجو COP26 نحو 120 من قادة العالم وأكثر من 40000 مشارك مسجل، بما فى ذلك 22274 مندوبا و14124 مراقبا و3886 من ممثلى وسائل الإعلام، لمدة أسبوعين، وهو نفس العدد الذى يتوقع حضوره فى شرم الشيخ.
ويتوقع حضور 100 رئيس على الأقل، ورؤساء حكومات ووزراء وعلى الأقل من 30-40 ألف مشارك، وهنا السؤال من يدفع نفقات كل هؤلاء الحضور؟، الإجابة أن «مؤتمر الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة للمناخ، تنظمه الأمم المتحدة وتنفق على تكاليف تنظيمه، وكل رئيس أو وفد أو مشارك يدفع نفقات إقامته، أى أن تكاليف المؤتمر تدخل إلى فنادق ومنشآت سياحية، وهى عوائد مباشرة تفتح الباب لموسم سياحة، فضلا عن دعاية مجانية لإمكانات سياحية هائلة تمتلكها مصر.
وحتى الآن فإن كل الفنادق كاملة العدد، وتم افتتاح فنادق جديدة، ومنشآت، الفنادق بكل الدرجات فى شرم الشيخ وحتى دهب كلها كاملة العدد.
وهذه المنشآت والجهود ترفع الحاجة لآلاف من فرص العمل وتنعكس على الخدمات والأعمال المعاونة، من توريدات ونقل وخدمات طبية وطاقة ولوجستيات، وهى عوائد مباشرة وغير مباشرة.
ومن أجل الاستعدادات فإن الحكومة تتابع إنشاء استعدادات للمؤتمر، ومنها تحويل شرم الشيخ إلى مدينة خضراء ذكية صديقة للبيئة بواقع 30 مشروعا منها توسعة مطار شرم الشيخ الدولى ومجلس المدينة الجديد الذكى الصديق للبيئة، وتطوير طرق المدينة، ومحطات شحن الأتوبيسات الكهربائية، والممشى السياحى، ورفع كفاءة محطة تحلية المياه، وتنفيذ الخط الناقل الاستراتيجى، ومنظومة الحلول الرقمية، ومحطات الطاقة الشمسية، والحديقة المركزية، وتأمين الطرق بكاميرا بانورامية، ومشروع الهوية البصرية لمدينة شرم الشيخ، والمبنى التجارى والبنوك، ومحطات النقل صديق البيئة، بالإضافة إلى تطوير الميادين، ومحطات شحن السيارات بالغاز الطبيعى والكهرباء، ومبنى الرصد الأمنى الموحد، و260 أتوبيسا تعمل بالغاز الطبيعى والكهرباء، ومشروع تجميل الموقع العام لشوارع وميادين شرم الشيخ، وأعمال الزراعات على المحاور الرئيسية والعرضية.
كلها أعمال تعكس بناء صورة تتناسب مع المؤتمر، وأيضا تستمر كمدينة سياحية صديقة للبيئة.. هذه الصورة التى يقدمها نجاح تنظيم مثل هذه المؤتمرات، بجانب العوائد، فالقدرة على استضافة وتنظيم وتأمين هذه المؤتمرات تفتح الباب لأن تكون مصر مركزا لتنظيم الفعاليات العالمية.
لهذا تتسابق الدول لاستضافة هذه المؤتمرات، وهذا العام فى مصر، والعام المقبل فى الإمارات العربية المتحدة، ومن هنا يأتى الاهتمام بالتجهيزات والاستعدادات فى أن تكون الطرق والطاقة والمطارات فى أفضل صورها، وهى أعمال ضرورية تبقى لنا، خاصة مع توقع أن يعود جزء من هؤلاء المشاركين فى رحلات سياحية.
وبالتالى فإن المؤتمر نفسه فرصة لطرح وجهات نظر أفريقيا أمام العالم، فضلا عن أنها تمثل عوائد مباشرة مادية ومعنوية وسياحية.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع