بوابة صوت بلادى بأمريكا

البنك الدولى ووكالة الطاقة يطالبان بوقف عمليات توليد الكهرباء من الفحم.. 8500 محطة توليد تعمل بالفحم أغلبها فى آسيا.. ينطلق منها خُمْس الانبعاثات الضارة وتولِّد ثلث إمدادات الكهرباء

كشف البنك الدولى، ووكالة الطاقة الدولية، إن نحو 8500 محطة توليد كهرباء تعمل بالفحم قيد التشغيل على مستوى العالم، محذرا من استمرار توليد الكهرباء من الفحم نتيجة استمرار خروج الانبعاثات الضارة، خاصة أن سعة هذه المحطات تزيد على 2000 جيجاوات، وهي تولِّد أكثر من ثلث كل إمدادات الكهرباء. 

 

وينطلق من محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالفحم خُمْس انبعاثات الدفيئة العالمية - أي أكثر مما ينتجه أي مصدر منفرد آخر. 

 

وعلى الرغم من أن تخفيض الانبعاثات أصبح إحدى الأولويات الرئيسية، فمن المتوقع أن يبدأ تشغيل أكثر من 300 محطة كهرباء جديدة تعمل بالفحم في السنوات الخمس القادمة.

 

وبحسب البنك والوكالة فإنه ما لم تُتخذ إجراءات قوية حيال ذلك، فإن تلك المحطات التي ستعمل ستؤدي إلى زيادة حجم الانبعاثات زيادةً كبيرة.

 

وأشار إلى أن محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم تساعد في بناء الاقتصادات في أنحاء العالم، لكن يجب الإسراع إلى تقليص انبعاثات غازات الدفيئة التي تنطلق منها لوضع الانبعاثات العالمية في مسار متناقص، ومعالجة أحد أهم العوامل المساهمة في التغيرات المناخية. وسيتطلب تحقيق هذا الهدف حلولا مبتكرة، وموارد مالية كبيرة وجرعة كبيرة من الشجاعة السياسية.

 

وقال رئيس البنك الدولى ديفيد مالباس وفاتح بيرول، المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية في مقال حديث بصحيفة اللوموند الفرنسية ، ونشره البنك الدولى منذ ساعات قليلة علي موقعه الرسمى، إن كثير ا من الاقتصادات الصاعدة والنامية  تشهد نموا سريعا للطلب على الكهرباء. 

 

وتزدهر مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في مناطق كثيرة، لكنها لا تنمو بالسرعة الكافية لمواكبة الطلب، وتقنيات التخزين لم تصبح بعد تجارية على نطاق واسع، ولذلك غالبا ما يتم اللجوء إلى الفحم لسد هذه الفجوة. علاوةً على ذلك، في اقتصادات الأسواق الصاعدة والنامية، تشتمل عمليات كثيرة في صناعة الفحم على درجة عالية من ملكية الدولة، وتُعد مصدرا رئيسيا لفرص العمل والتشغيل، ولذلك تواجه السلطات مفاضلات صعبة بين الدعوات إلى خفض الانبعاثات والحاجة إلى تنمية اقتصاداتها وتقديم الخدمات لمواطنيها.

 

وأوضح أنه يقع في الاقتصادات الصاعدة والنامية معظم العمليات القائمة لتوليد الكهرباء باستخدام الفحم في العالم. على سبيل المثال، يأتي نحو 60% من الكهرباء المُولَّدة في الصين والهند وإندونيسيا من الفحم. وبالمثل، توجد قرابة 90% من محطات توليد الكهرباء الجديدة التي تعمل بالفحم ويجري تطويرها أيضاً على مستوى العالم في اقتصادات صاعدة ونامية، أغلبها في آسيا.

وعلى النقيض من ذلك، بلغ استهلاك الفحم في الاقتصادات المتقدمة ذروته في عام 2007 وإن لم يسهم في المتوسط إلا بنسبة 20% من مزيج إمدادات الكهرباء في هذه البلدان.

 

وأضاف إن  تحليلات وكالة الطاقة الدولية أن محطات الفحم في أنحاء آسيا حديثة العهد نسبيا (13 عاما في المتوسط)، وذات عمر تشغيلي يمتد في العادة إلى 40 أو 50 عاما، وهو ما يُشكِّل تحديا ماليا مختلفا عن محطات الفحم المتقادمة التي توشك على الخروج من الخدمة في معظم الاقتصادات المتقدمة.

 

وفي بعض الاقتصادات، تنطوي التسهيلات الائتمانية المقدمة من الجهاز المصرفي المحلي إلى محطات الفحم على مخاطر مالية حقيقية. وسيتسبب الإغلاق السريع لمناجم الفحم، إذا لم تتم إدارتها إدارةً سليمة، في اختلالات اقتصادية واجتماعية كبيرة، وكذلك في زيادة المخزون العالمي الضخم بالفعل من مواقع التعدين المهجورة والملوثة التي تستمر انبعاثات الميثان المتسربة منها لعقود بعد الإغلاق، لتساهم مساهمةً كبيرة في الاحترار العالمي.

 

"إننا نُطلِق اليوم دعوةً مشتركةً إلى وقف الموافقات على إنشاء محطات كهرباء جديدة تعمل بالفحم إلا إذا تم تزويدها بأنظمة تحتجز انبعاثاتها الكربونية قبل أن تنطلق في الغلاف الجوي. ولكن لتحقيق تقدم حقيقي نحو بلوغ هدف تخفيض انبعاثات غازات الدفيئة، لن يكون هذا وحده كافياً."

 

إذ يجب علينا أيضا معالجة الانبعاثات التي تنطلق من المحطات القائمة. وتتطلب هذه المهمة إرادة سياسية وموارد مالية كبيرة تتجاوز إغلاق محطات الفحم، وإعادة تجهيزها بتقنيات احتجاز الكربون أو استخدام أنواع من الوقود ذات انبعاثات أقل.

 

ولا يوجد نهج واحد يصلح لجميع الحالات لأن الكثير يتوقف على القوانين المحلية، وتعاقدات مُعيَّنة، وخيارات التمويل المتاحة.  وإحداث تحوُّل كامل لمنطقة منتجة للفحم عملية طويلة قد تستغرق عقودا. ويلزم اتخاذ خطوات لدعم وإعادة تدريب العمال وعائلاتهم الذين تعتمد أرزاقهم على أنشطة التعدين والشحن وإحراق الفحم.

وستحتاج المجتمعات المحلية ومنشآت الأعمال أيضا إلى المساعدة لتغطية تكاليف تنظيف التلوث ومعالجة الآثار البيئية الناشئة عن إخراج محطات الفحم من الخدمة. وتظهر مبادرات في الآونة الأخيرة في شيلي وبولندا كيف أن مؤسسات التمويل الإنمائي يمكنها العمل مع الجهات الرئيسية صاحبة المصلحة للتخلص تدريجيا من محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالفحم وفي الوقت نفسه معالجة الآثار الاجتماعية والبيئية السلبية.

 

ويجب أن يأتي إلغاء أنظمة الدعم الضارة على رأس أولوياتنا: فعلى الرغم من آثار التلوث الخطيرة للفحم، فإنه يتلقى دعماً مكثفاً. وفي عام 2020، تلقَّت صناعة الفحم دعما قيمته 18 مليار دولار، وهي أموال يمكن إنفاقها على نحو أفضل على تقنيات أخرى، وتحسينات لشبكة الكهرباء، ومساعدة صناعة الفحم على إعادة تدريب العاملين بها للقيام بمهن جديدة.

 

ويمكن الإسراع بعملية التحول بعيدا عن الفحم بتهيئة أسواق شفافة وتنافسية لإنتاج الكهرباء، لاسيما حينما تقترن بشكل ما من تسعير الكربون أو ضرائب الكربون.

ولا يمكن التخلص تدريجيا من محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالفحم المسببة للتلوث ما لم تتوفر مصادر لتوليد الكهرباء منخفضة الانبعاثات الكربونية مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية والطاقة النووية - وتكون على استعداد لشغل هذا الفراغ. وفي المسار الذي تضمنته خريطة الطريق التي أصدرتها في الآونة الأخيرة وكالة الطاقة الدولية للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، يقفز إجمالي الاستثمارات المطلوبة في مجال الطاقة في العالم من أقل من تريليوني دولار حاليا إلى 5 تريليونات دولار بحلول عام 2030.

 

وستكون استثمارات القطاع الخاص حيوية في تمويل مصادر الطاقة الأنظف التي تحل محل الفحم، لكن يجب على واضعي السياسات أخذ زمام المبادرة في تعبئة وتحفيز هذه الزيادة الهائلة للاستثمارات.  ويمكن أن يساعد ابتكار أدوات مالية ترتبط بالاستدامة وتدعم التحول في مجال الطاقة على فتح سبل جديدة لتمويل تخفيض الانبعاثات الكربونية من خلال أسواق رأس المال بالبناء على الطلب الكبير للمستثمرين على الاستثمارات المرتبطة بالمناخ.

 

"إن معالجة مشكلة الفحم ليست بالأمر الذي ستفعله الأسواق إذا تُركت لتتدبر أمورها بنفسها. فهي تتطلب قروضا ضخمة مع امتيازات وتيسيرات كبيرة مثل أسعار فائدة دون مستويات السوق أو فترات سماح أطول وذلك لمساعد المناطق المتضررة على تمويل أنشطة تعافيها وانتعاشها. "

 

ومجموعة البنك الدولي في وضع فريد يُمكِّنها من القيام بدور رائد، وإدراك المساهمة الكبيرة التي تقدمها البلدان الأفقر للجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ مع تحولها بعيدا عن مناجم الفحم ومحطات الكهرباء التي تعمل بالفحم.

 

وبالإرادة السياسية والتخطيط السليم وتضافر جهود المجتمع الدولي لتمويل هذا المسعى الحيوي يمكن تحقيق تحول عادل ومساعدة العمال والمجتمعات المحلية ومنشآت الأعمال في تحولها نحو مستقبل ذي انبعاثات كربونية أقل وأكثر نظافة. ولكن هذه العملية تستغرق وقتا طويلا، ومن ثمَّ يجب علينا التحرك الآن.

 

 


هذا الخبر منقول من اليوم السابع