تقوم الدولة الفرنسية بإجراءات جديدة ومشددة لمواجهة الجمعيات والمؤسسات الإسلامية والأئمة والوعاظ المدعومين من قطر وتركيا على الأراضي الفرنسية، ويضم حوالى 2500 مسجد في فرنسا 300 إمام "معار" من تركيا والمغرب والجزائر، واستطاع الرئيس اجتياز العديد من الصعاب، إلا أن ملف الإرهاب ومواجهة دعاة الفكر المتطرف الذين يستهدفون 4.5 مليون فرنسى يعتنقون الدين الإسلامى بحسب الأرقام الرسمية ـ أكثر من 5 ملايين بحسب بيانات غير رسمية ـ يظل الملف الأكثر أهمية خاصة فى ظل تنامى موجات عودة المقاتلين الأجانب من صفوف داعش إلى بلدانهم الأوروبية الأم.
وفى الوقت الذى تتوالى فيه التهديدات الإرهابية لفرنسا عبر ذئاب داعش المنفردة، تظل فرنسا التى تعد من الدول الأكثر استضافة للجاليات المسلمة أكثر عرضة لخطر الإرهاب وسط مخاوف من استقطاب المسلمين الفرنسيين من قبل تنظيمات إرهابية واعتناقهم الفكر المتطرف، وهو ما دفع الدولة الفرنسية للبدء بشكل عاجل فى خطة للسيطرة على تلك الجالية واحتواءها ليس فقط من خلال التحركات الأمنية والرصد والتتبع، وإنما عبر تحرك شامل يهدف لإعادة تأهيلها كشف تفاصيله صحيفة "لو جورنال دو ديمونش" الأسبوعية الفرنسية.
وقالت وسائل الإعلام الفرنسية انه يجب على، المحاور الرئيسي للسلطات، أن Jؤسس خلال ستة أشهر مسار "تأهيل تدريب الأئمة" وتنظيم "شهادات" اعتماد لهم ووضع "ميثاق يؤدي عدم احترامه إلى العزل".
ويهدف هذا المشروع إلى تحقيق رغبة السلطات في إنهاء نشاط 300 إمام في فرنسا "مبتعثين" من تركيا والمغرب والجزائر.
ونظرا لعدم وجود هيئة تمثلهم، من الصعب الحسم في عدد الأئمة الناشطين حاليا في 2500 مسجد في فرنسا حيث يعتبر الإسلام الديانة الثانية.
ويوجد اختلاف كبير في تدريب هؤلاء الأئمة، كثير منهم تدرب "عن طريق الممارسة" في حين تخرج عدد منهم من معاهد فرنسية وترعرع آخرون في الخارج (المغرب، الجزائر، تونس، مصر، السعودية، وغيرها) وجاؤوا خاصة عبر آلية "الابتعاث".
واعتبر رئيس مؤسسة إسلام فرنسا غالب بن الشيخ أن "ما يوجد حاليا غير كاف".
وتوجد أقل من عشرة معاهد تدريب في فرنسا، يرتبط كل منها بعدد من المساجد، بعضها مقرب من الجزائر، والآخر مقرب من تركيا أو حتى من جماعة الإخوان ، وعدد "خريجي" هذه المعاهد محدود جدا.
ويقول عميد مسجد باريس شمس الدين حفيظ الذين يحمل الجنسيتين الفرنسية والجزائرية: "سأكون سعيدا إن وجدت بين 15 و20 إماماً مدرّبين خلال ثلاثة أعوام.
ويهدف التحرك الجديد إلى الحفاظ على معايير وقيم العلمانية الفرنسية، كما يتضمن 4 محاور تشرف وزارة الداخلية الفرنسية على تنفيذها بشكل كامل ـ بحسب الصحيفة ـ حيث أكد الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون مرارا سعيه لإعادة تنظيم وهيكلة منظومة الإسلام فى فرنسا لإدماجه فى الجمهورية الفرنسية ومكافحة الأصولية والفكر المتطرف بشكل فعال.
وقالت الصحيفة الأسبوعية "لو جورنال دو ديمونش" التى أجرت حوار مؤخرا مع "ماكرون"، قال خلاله إنه يعمل على استعادة "قلب العلمانية"، وكشفت بدورها نقلا عن مصادر، اعتزام الحكومة استحداث هيئة جيدة لتمثيل المسلمين الفرنسيين مع تخصيص تمويل كاف لدور العبادة الإسلامية مع برنامج لإعادة تأهيل وتدريب تشرف عليه وزارة الداخلية للأئمة والوعاظ الذين سيكون لهم بطبيعة الحال دور فى نشر نسخة معتدلة للإسلام داخل فرنسا.
كما تهدف الخطة إلى إصلاح المجلس الفرنسى للديانة الإسلامية المعنى بتمثيل المسلمين فى فرنسا، مشيرة إلى أنه جرى بالفعل تشكيل مجموعة عمل داخل المجلس الفرنسى لإعداد مقترحات سترفع إلى الحكومة فى يونيو المقبل.
كما تتضمن الخطة استحداث منصب "إمام فرنسا الأكبر" حيث تريد وزارة الداخلية إسناد مهمة ادارة المجلس الفرنسى للديانة الإسلامية للمسلمين الأكثر اندماجا فى فرنسا.
وقبل أيام، دعا مانويل فالس رئيس الوزراء الفرنسى الأسبق فى حكومة فرنسوا هولاند، ممثلى الديانة الإسلامية فى فرنسا إلى إبراز الفرق بين الإسلام والإرهاب. وقال فالس فى مقابلة تلفزيونية إنه على ممثلى الديانة الإسلامية فى فرنسا إبراز الفرق بين الإسلام المتسامح والتشدد الداعى للإرهاب.
وكان فالس قد شدد فى وقت سابق على ضرورة خوض معركة لتحقيق فصل واضح بين حقيقة الإسلام فى فرنسا وهذه الأيديولوجيات المنحرفة.
وبحسب بيانات وإحصائيات وزارة الداخلية الفرنسية، تضم فرنسا 4.5 مليون مسلم مسجلين لدى الحكومة، فى وقت تؤكد فيه تقارير شبه رسمية أن العدد يصل إلى ما يتراوح بين 5 لـ 6 ملايين مسلم، حيث أن غالبية المسلمين المتواجدين داخل فرنسا غير مسجلين فى الأوراق الرسمية.
وبموجب القوانين العلمانية داخل فرنسا، يحظر ممارسة الشعائر الدينية فى الأماكن العامة أو المفتوحة، كما يحظر ارتداء الرموز الدينية مثل الصليب أو غطاء الرأس اليهودى أو الزى الإسلامى بما فى ذلك النقاب والحجاب، وغير ذلك من الرموز.
وعلى مدار السنوات القليلة الماضية، اكتوت فرنسا بنيران العمليات الإرهابية التى راح ضحيتها مئات ما بين قتيل وجريح فى اختراقات أمنية متتالية كان لها دور بالغ فى عدم تفكير الرئيس الفرنسى السابق فرانسوا هولاند خوض السباق الانتخابى مرة أخرى، والاكتفاء بولاية رئاسية واحدة.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع