علاقات وطيدة ربطت دولة الكويت ومصر خلال فترة حكم أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الذي وافته المنية اليوم الثلاثاء عن عمر ناهز الـ91 عاما.
ويعود تاريخ العلاقات السياسية إلى قرن سابق من الزمان، حيث كانت أول زيارة لمسؤول كويتى لمصر فى عام 1919، وذلك بالتزامن مع الحراك الشعبى فى مصر من ناحية ومع نهاية الحرب العالمية الأولى من ناحية أخرى، حيث قام الشيخ أحمد الجابر الصباح بزيارة القاهرة والتقى بالسلطان حسين كامل ملك مصر وقتها، وأجرى الجانبان مباحثات ثنائية شكلت أولى معالم علاقات متميزة ومتنامية امتدت وازدادت رسوخا جيلا بعد جيل، وشهدت العديد من المواقف وصور التعاون فى شتى المجالات عبر عقود طويلة جسدت فى حد ذاتها ملحمة من العمل الأخوى قلما تشهده علاقات الدول.
ثم جاءت الدفعة التى اكتسبتها علاقات البلدين فى العقد الحالى، عقب ثلاث زيارات قام بها الرئيس عبدالفتاح السيسى للكويت ولقائه الأمير الراحل لتكون علامة جديدة على رسوخ وتطور هذه العلاقات، تواكب معها ثلاث زيارات مماثلة للشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير الكويت، لمصر كانت الأولى للمشاركة فى فعاليات المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ، والثانية لحضور حفل افتتاح مشروع ازدواج قناة السويس، وسبقتهما زيارة خاصة لحضور حفل تنصيب الرئيس عبدالفتاح السيسى بعد انتخابه رئيسا للبلاد عام 2014.
ومع ثورة 30 يونيو، أشاد الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير دولة الكويت الراحل، بالقوات المسلحة المصرية على الدور الإيجابي والتاريخي الذي قامت به في الحفاظ على الاستقرار.
وكانت الكويت من أوائل الدول التي أعلنت مساندة مصر وثورتها، كما عرضت دولة الكويت تقديم مساعدة تقدر بــ6 مليارات دولار، سواء وديعة في البنك أو مساعدات نفطية.، وأعرب الشيخ صباح الأحمد عن وقوف الكويت مع مصر في كل ما يصون المصالح المصرية ويحفظ حقوقها وأمنها المائي، بما في ذلك دعم بلاده لمصر في ملف السد الإثيوبي.
والمطلع على علاقات الكويت ومصر يدرك أنها علاقات استراتيجية متعددة الأبعاد والمجالات، من السياسة إلى الاقتصاد، ومن الثقافة إلى الإعلام.
يذكر الكويتيون بكل الخير وقفة مصر عام 1961 إلى جانبهم عندما تصدت لأطماع حاكم العراق وقتها عبدالكريم قاسم من خلال الوقفة الصلبة للزعيم جمال عبدالناصر، كما يذكرون وقفتها الحاسمة عام 1990 عندما تصدت لغزو صدام حسين، وحين شاركت فى تحرير الكويت عام 1991, ولاتزال محطات العلاقة بين البلدين مستمرة إلى الآن وتزداد صلابة بمرور الوقت، وهو ما يؤكده المسؤولون فى البلدين من أن أمن الكويت والخليج مسألة مهمة لمصر ومرتبطة بشكل مباشر بالأمن القومى لمصر وأمن واستقرار مصر من أهم أولويات الكويت.
ومن أهم مجالات العلاقة بين مصر والكويت هو المجال الاقتصادى، حيث إنه من المبادئ الراسخة لديهما التوظيف المستمر للموارد والاستثمارات فى مساعدة الشعوب ودفع العلاقات قدما وتنميتها، وتبادر الكويت دائما بتبنى مشروعات وبرامج دعم للدول الشقيقة، ولذلك تم إنشاء الصندوق الكويتى للتنمية العربية عام 1961 والذى تزامن مع استكمال الكويت لاستقلالها معبرا عن هذا التوجه ومجسدا له.
ولم يتوقف الدعم الكويتى لمصر على مر التاريخ، وفى كافة المجالات وخاصة المجال الاقتصادى، فتشير التقديرات إلى أن نسبة الاستثمارات الكويتية فى مصر تبلغ نحو 25% من حجم الاستثمارات العربية فى مصر، وتحتل المرتبة الثالثة بين هذه الاستثمارات، فضلا عن أن هناك نحو 1230 شركة كويتية تعمل فى مصر فى مجالات مختلفة ومتنوعة.
وعلاوة على ذلك، تفتح الكويت أبوابها للكوادر المصرية، وهو نوع آخر من التعاون الاقتصادى والدعم غير المباشر للاقتصاد المصرى، حيث وصل حجم الجالية المصرية فى الكويت إلى ما يقارب 700 ألف مصرى يساهمون فى مجالات التنمية المختلفة وتتجاوز قيمة تحويلاتها 4 مليارات دولار سنويا، وتعد الجالية العربية الأولى فى الكويت.
وتشير التقديرات إلى أن حجم الاستثمارات الكويتية الحكومية والخاصة فى مصر شهدت نموا، بشكل مطرد خلال الآونة الأخيرة، حيث تبوأت الكويت المرتبة الرابعة ضمن قائمة الدول الأكثر استثمارا فى مصر، والثالثة عربيا، باستثمارات تصل إلى نحو 16 مليار دولار، فضلا عن استثمارات مصرية بالسوق الكويتى تقدر بنحو 1.1 مليار دولار، ويعد ذلك إحدى ثمار الجهد المشترك لتعزيز هذه الاستثمارات، علاوة على الدور المحورى الذى تقوم به اللجنة المشتركة المصرية الكويتية التى تشكلت عام 1998، وعقدت العديد من الاجتماعات، كان أحدثها اجتماع الدورة الثانية عشرة بالكويت خلال ديسمبر الماضى، هذا بالإضافة إلى اجتماع اللجنة القنصلية المشتركة فى القاهرة.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع