سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 16 يونيو 1974.. وفاة الموسيقار على إسماعيل..وعبد الحليم حافظ يبكيه لكمال الطويل: «جزء من المزيكا مات يا كمال»

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 16 يونيو 1974.. وفاة الموسيقار على إسماعيل..وعبد الحليم حافظ يبكيه لكمال الطويل: «جزء من المزيكا مات يا كمال»
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 16 يونيو 1974.. وفاة الموسيقار على إسماعيل..وعبد الحليم حافظ يبكيه لكمال الطويل: «جزء من المزيكا مات يا كمال»

طارد المخرج الكبير حسين كمال صديقه الموسيقار على إسماعيل لينتهى من موسيقى فيلمى «لا شىء يهم»و«مولد يا دنيا»، بالإضافة إلى موسيقى مسرحيته الجديدة«كباريه»، حسب رواية «شجون» ابنة على إسماعيل للكاتب الصحفى أيمن الحكيم فى مجلة الإذاعة والتليفزيون، 18 أغسطس 2016، مؤكدة أن والدها كان فى نفس الوقت مطلوبا منه السفر مع فرقة رضا«كان ملحنها وأحد مؤسسيها» فى رحلتها إلى عدة دول، ويسافر هو منفردا قبلها بأيام إلى روسيا ليتسلم«جائزة جمال عبدالناصر»التى نالها من هناك ثم يلحق بالفرقة.

 

وتضيف:«جاء والدى إلى المسرح ليقود الفرقة فى البروفة الجنرال للمسرحية..وجاء حاملا الافتتاحية الموسيقية الخاصة بـ«مولد يا دنيا»، وبعد البروفة ذهب إلى مكتب سمير خفاجى ومعه نجوم المسرحية، نيللى وعمر خورشيد وعبدالمنعم إبراهيم، ومخرجها حسين كمال»..وتكشف: دخل كمال فى حوار مع والدى:«يا على أنت مسافر بعد بكره وهتغيب شهر بره مصر..أنا خايف تعطلنا»، رد:«أوعدك لما أرجع كل حاجة تكون جاهزة»..تؤكد:«كان حسين كمال يعرف محبة والدى الاستثنائية لى،فقال له:«طب احلف.. قول وحياة شجون»..لم يرد، كانت رأسه بين ذراعيه، وظنوه مرهقا، أويدبر مقلبا، كان مشهورا بخفة الظل، لكن الانتظار طال، قال له حسين كمال:«خلاص يا على، ده مش وقت هزار»، لكن والدى ظل ساكنا فى مكانه».

 

قام«كمال» ليطمئن على صديقه، فوجد أغرب سيناريو لم يتوقعه أبدا، وهو موت على إسماعيل فى المسرح بين أصدقائه يوم16 يونيو- مثل هذا اليوم-1974 كان الخبر صادما للجميع، وتروى«شجون» لجريدة«فيتو-6 مارس 2018»: إن عبدالحليم حافظ كان مريضا وممنوعا من الحركة، وطلب من كمال الطويل الحضور بسرعة، وغادر المنزل حافى القدمين من شدة الصدمة، ولم ينتبه إلا عندما أخبره كمال بأنه نسى ارتداء حذائه،وردد جملة واحدة:«على مات يا كمال..جزء من المزيكا مات»، وانهار بالبكاء.

 

لم يبالغ«عبدالحليم» فى التعبير عن صدمته فى رحيل صديقه الذى وزع له كل أغنياته الوطنية فى خمسينيات وستينيات القرن الماضى، ورغم حياته القصيرة«مواليد 18 ديسمبر 1922، بدرب الدقاق، حى المناصرة،القاهرة»، إلا أنه وحسب«زياد عساف» فى كتابه«المنسى فى الغناء العربى»،«قدم فنا وإبداعا متميزا يعد نقلة نوعية فى عالم الموسيقى السائدة فى مرحلة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى، أبدع فى كتابة التوزيع الأوركسترالى للعديد من الملحنيين المصريين، واعتمد الإيقاع السريع فى الألحان آنذاك، ووظف خبرته فيما تعلمه على الآلات النحاسية عند توزيع أغانيه، وكان هذا الأسلوب محببا لدى الشباب»، يضيف عساف:«كان مبدعا للموسيقى التصويرية لما يقارب 250 فيلما، منها الأيدى الناعمة، الأرض،العصفور،المماليك،حسن ونعمية،معبودة الجماهير،أبى فوق الشجرة،البنات والصيف،السفيرة عزيزة،رمال من ذهب،أميرة العرب،عروس النيل،لاشىء يهم،الاختيار،عائلة زيزى،صاحبة الجلالة،أدهم الشرقاوى،خلف البنات،مولد يا دنيا».

 

كان لحنه لأغنية«الأرض لوعطشانة نرويها بدمانا» فى فيلم«الأرض»أيقونة فى الغناء الوطنى الذى يدعو إلى تمسك الإنسان بأرضه حتى لوكان دمه ثمنا، يذكر«عساف»أنه أقام فى معسكرات الفدائيين الفلسطينيين أياما، تفاعل خلالها بإحساسه مع كل ماشاهده، وخلال أيام أنجز لحن أغنية«فدائى..أموت أعيش..مايهمنيش..وكفاية أشوف علم العروبة باقى»،وقدمها عبدالحليم لتصير على كل لسان،ووضع لحن النشيد الوطنى الفلسطينى»بلادى..يا أرض الجدود..فدائى يا شعبى..يا شعب الخلود»..تؤكد ابنته شجون لأيمن الحكيم:«لم يكتف بالتوزيع الموسيقى، فكانت له ألحانه الوطنية الخاصة المتفردة، بداية من قصيدة«دع سمائى»التى لحنها فى معركة العدوان الثلاثى سنة 1956، وذاعت وانتشرت على الأفواه حتى باتت كالنشيد القومى فى تلك المعركة».

 

تضيف:«كانت أفكاره مبتكرة وجديدة، فهو صاحب فكرة أغنية«الفوازير»التى غناها عبدالحليم، واستعان فيها بمقاطع من خطب عبدالناصر ويرد عليها عبدالحليم غناء، ولا أستطيع أن أصف بالكلمات كيف كان والدى يتابع خطابات عبدالناصر، كنت أراه يجلس أمام التليفزيون مأخوذا يتابع الخطاب متوحدا معه،ولوكلمته حينها لايرد أبدا،كأنه تلميذ نجيب يؤدى امتحانا، آمن والدى بعبدالناصر وزعامته،واعتبر نفسه جنديا وراءه يحارب قضيته بالأغنية وبسلاح الفن، بكى يوم جنازة عبدالناصر، كما لم يبك أبيه،وذهب لحضور الجنازة مع والدتى،الشاعرة الغنائية نبيلة قنديل،وعاد فى شبه انهيار،وتحول بيتنا إلى سرادق عزاء وكأن عبد الناصر من بقية عيلتنا».

 

تؤكد شجون:«لم يفقد إيمانه أبدا بعبد الناصر،حتى بعد نكسة 5 يونيو 1967 وانكسار الحلم، كان على يقين أنه سيقوم ويرد الضربة وينتصر،وهو ما تجلى فى أغنية«طالعين شايلين فى إيدنا سلاح..راجعين شايلين رايات النصر»، وهى الأغنية التى لحنها فى فيلم«العصفور»..أذكر أن مخرجه يوسف شاهين طلب منه أغنية ليضعها فى نهاية الفيلم لتبشر بالنصر،وذهب إلى والدتى«الشاعرة نبيلة قنديل» طالبا منها كتابة كلمات أغنية عن النصر القادم،سألته وكانت تعيش حالة من الإحباط بعد النكسة:«أكتب إيه يا على؟»،فرد بثقة:«اكتبى على لسان الجنود اللى رايحين يحاربوا ويحرروا الأرض..رايحين شايلين السلاح..راجعين شايلين رايات النصر»..بشرت هذه الأغنية بالنصر الذى تحقق فى أكتوبر1973، وتعد من أيقونات الغناء الوطنى، بالإضافة إلى أغنيته«أنا أم البطل» للفنانة شريفة فاضل وكتبتها نبيلة قنديل أيضا. 


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع