أكرم القصاص يكتب: الثقافة والمثقفون والناس العاديون فى معرض الكتاب

بمناسبة معرض القاهرة للكتاب، يدور نقاش على مواقع التواصل، حول عدد الحضور أو هدفه، وهل هذا العدد مناسب لعدد السكان، وهل يحمل معانى لافتة؟، الواقع أن النقاش على مواقع التواصل غالبا يعكس حجم التعدد فى الآراء والتنوع فى الأفكار، مع الأخذ فى الاعتبار أن عدد من يدخلون هذه المناقشات بحثا عن معنى، أقل ممن يفضلون الادلاء بآرائهم فى أى قضية بنفس الثقة والثبات، وربما لا توجد فرصة كبيرة لخلق مناقشات جادة فى ظل زحام كبير، بجانب أن البعض يفضل إصدار أحكام والذهاب إلى نتيجة.

 

معرض الكتاب دائما منطقة جذب للناس، وكالعادة مع كل حدث هناك من يذهب للبحث عن كتب، أو للفرجة أو الفسحة، وكلها أهداف طبيعية تتناسب مع حاجة وهدف كل شخص، وخلال خمسة أيام حسب الإحصائيات بلغ عدد زوار المعرض مليونا، مع توقع أن يصل العدد الكلى إلى 4 ملايين. 

 

الرقم نفسه أثار انتباه بعض المعلقين، حيث يرى البعض أن هذا العدد يكشف عن رغبة واهتمام بالثقافة، وينفى انصراف الناس عن الكتاب بالرغم من ارتفاع أسعاره، أو حتى الظروف العالمية التى ترفع أسعار الورق بشكل كبير مع غيره من السلع.

 

طبعا هناك من يخرج ليرى أن مليون مواطن من بين أكثر من 100 مليون هو رقم متواضع، ويضيف آخرون أن كل هؤلاء لا يذهبون ليشتروا كتبا أو يحصلوا على الثقافة، وإنما للفسحة أو التقاط الصور ضمن رحلة سنوية، وبالمناسبة طوال العقود هناك من يعتبر معرض الكتاب فسحة، ومن يذهب بحثا عن كتب أو حضور ندوات ومناقشات، ثم أن الطفل عندما يصاحب أهله يعتاد على رؤية الكتاب، وبشكل عام وعلى مدى السنوات والعقود المعرض فسحة ومتعة، ودائما عدد من يقرأون أو يهتمون بالكتب أعدادهم قليلة، وغير معروفين، وليس فقط هؤلاء الذين يظهرون فى الصورة، الأقاليم والأحياء تضم من تضربهم الثقافة والقراءة، بجانب أن أحدا لا يمكنه تحديد ميول القراءة لدى الجمهور، ونوعية الكتب التى تطرحها دور النشر. 

 

النقاش حول نوعية الكتب مطروح على مدى عقود، والمهم هو فتح المجال لمناقشات جادة، وتوسيع دوائر النقاش خلال ندوات وفعاليات تتم دراستها من قبل لجان تضع خططا للندوات التى تناسب الموضوعات والنقاشات الدائرة، على المستويات المختلفة.

 

كانت ندوات معرض الكتاب على مدى عقود فرصة للقاءات مع نجوم أو مثقفين وكتاب كبار، وبعضها كانت تطرح موضوعات وقضايا مطروحة، مع الوقت تغيرت الموضوعات على مدار سنوات شهدت تحولات كثيرة، فرضت جدلا ونقاشا من نوع خاص، مثلما النقاش عن الجدل، وحتى فيما يتعلق بمستقبل الكتاب المطبوع مقابل الكتب الإلكترونية فى ظل ارتفاع أسعار الورق، مثلما هو الحال مع الصحافة الديجيتال والمطبوعة، وهى تطورات تفرضها تكنولوجيا العصر، وتراجع إنتاج الورق لأسباب مناخية تفرض تقليل قطع الغابات أو الأشجار، والتى تمثل خامات الورق. 

 

بالطبع سوف يستمر الكتاب المطبوع، لكن حجم مبيعات الكتب الإلكترونية على أمازون وجوجل يشير إلى تغيير فى قبول الكتاب الديجيتال، بجانب ما جرى من تزايد نسخ «بى دى إف»، التى تمثل مصدرا مهما للقراءة تتزايد يوميا، مع الأخذ فى الاعتبار أن هناك أجيالا تربت على القراءة فى المكتبات العامة، واعتمدت على سور الأزبكية والكتب المستعملة فى اقتناء الكتب، وهو أمر مستمر ومعين متواصل، أمامه وقت حتى يتوقف، وربما يكون السعى للتوسع فى المكتبات العامة، وقصور الثقافة، بكتب ورقية أو إلكترونية خطوة ضمن صناعة الوعى ودعم الثقافة، لتسهيل الحصول على الكتاب. 

 

الشاهد أن معرض القاهرة للكتاب، هو الأكبر عربيا، وانعقاده بانتظام وعدد الحضور، فرصة للتعرف على متطلبات الثقافة، وتدعيمها، وهو أمر مطروح للنقاش الجاد، بين المثقفين والناس العاديين، الذين هم جمهور القراءة غير المرئى، والذى يصنع النقاش والوعى.

 


 

 


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع