سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 19 أغسطس 1882.. الشيخ حسن العدوى أحد كبار علماء الأزهر يقرأ كتاب «البخارى» لمساندة أحمد عرابى فى ثورته ضد الخديو ومحاربته الإنجليز

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 19 أغسطس 1882.. الشيخ حسن العدوى أحد كبار علماء الأزهر يقرأ كتاب «البخارى» لمساندة أحمد عرابى فى ثورته ضد الخديو ومحاربته الإنجليز
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 19 أغسطس 1882.. الشيخ حسن العدوى أحد كبار علماء الأزهر يقرأ كتاب «البخارى» لمساندة أحمد عرابى فى ثورته ضد الخديو ومحاربته الإنجليز

استدعى المحققون الشيخ حسن العدوى، أحد كبار العلماء المالكية فى الأزهر، من أجل مواجهته بالاتهامات، كان الشيخ فى السجن، أما الاتهامات فكانت تدور حول مشاركته فى الثورة العرابية، وتأييده الكبير لزعيمها أحمد عرابى، ومضى فى مشاركته وتأييده دون خوف من سلطة الخديو توفيق.

 

والشيخ حسن العدوى، من قرية «العدوة» بمحافظة المنيا، وحفظ القرآن فيها، ثم التحق بالأزهر فى القاهرة، ولنبوغه قام بالتدريس بالأزهر فى سن مبكرة وعمره 21 عاما، ومما يقوله الشيخ على مبارك عنه فى موسوعته «الخطط التوفيقية»: «جلس للتدريس فى سنة 1242 هجرية، فقرأ جميع الفنون المتداولة بالأزهر، وانتفع به الطلبة، واشتهر بحفظ السنة وسير الصالحين، وأخذ عنه كثير من مدرسى الأزهر مؤلفاته»، ويعدد على مبارك صفاته :»له حب شديد للطلبة فتراه دائما يسعى فى مصالحهم والشفاعة لهم، وتنفيس الكربات عنهم، كما أنه موضع إجلال وتقدير من كبار الأمراء ولذا فإن شفاعته دائما مقبولة ومجابة».

 

بهذه السمات كانت المكانة الدينية للشيخ حسن العدوى رفيعة، وبالتالى كان انحيازه للثورة العرابية مع شيوخ آخرين مؤثرا، ويذكر عرابى فى مذكراته الصادرة عن الهيئة العامة لقصور الثقافة - القاهرة، أن المؤتمر العام بديوان الداخلية يوم 23 يوليو 1882 بعد معركة كفر الدوار بحضور الأعيان والشيوخ وضباط وسياسيين، صدرت عنه «فتوى شرعية من الشيخ العارف بالله شيخ الإسلام والمسلمين السيد محمد عليش، وشيخ الإسلام الشيخ حسن العدوى والشيخ الخلفاوى، وغيرهم من العلماء، ونصت على: مروق الخديو توفيق باشا من الدين مروق السهم من الرمية لخيانته لدينه ووطنه وانحيازه لعدو بلاده».

 

 فور هزيمة الثورة العرابية تم القبض على الشيخ «العدوى» ضمن المقبوض عليهم من قيادات الثورة، وبقية المشاركين فيها من فئات الشعب، وأحيل إلى المحاكمة، وكان يتم استدعاؤه من السجن للتحقيق معه ثم إعادته إليه، وتأتى نصوص هذه التحقيقات بالإضافة إلى التحقيقات الكاملة مع زعماء الثورة فى كتاب «مصر للمصريين» للكاتب «سليم النقاش» الصادر عن «الهيئة العامة للكتاب - القاهرة».

 

فى التحقيقات مع الشيخ «العدوى» كانت هناك واقعة لافتة، حيث سأله المحقق: «موجود تلغراف صادر منك إلى أحمد عرابى بتاريخ 19 أغسطس، مثل هذا اليوم، 1882 تعلمه بعزمك على التوجه لطرفه مع بعض إخوانك وصحبتكم البخارى الشريف لقراءته عند الطابية الجديدة، وتوجهت مرارا لكفر الدوار والتل الكبير مركز العصاة، وطلبت أيضا الصفح عن شخص يسمى محمد عرابى، ودعوت الله أن يؤيد أحمد عرابى المذكور».

 

قام «المحقق» بمناولة الشيخ العدوى بصورة من التلغراف ثم استكمل سؤاله: «كيف مع علمك بعصيان أحمد عرابى على الحضرة الخديوية وخروجه عن الطاعة تتوجه لطرفه فى مركز المحاربة، مستصحبا بعض إخوانك والبخارى الشريف وتدعو له بالنصر، ومن هو محمد عرابى الذى طلبت له العفو؟»، وكما هو واضح فإن «الشيخ العدوي»، ومعه آخرون رأوا أن أفضل وسيلة منهم لمساندة جنود وضباط الجيش فى الحرب ضد الإنجليز هو، الذهاب إلى ميدان القتال ومعهم كتاب «البخارى» الذى يحتوى على الأحاديث النبوية الشريفة لقراءته ،كنوع من التبرك، واعتقادا بأنه يأتى بالنصر.

 

أكد الشيخ العدوى على أن التلغراف له فعلا، وأن محمد عرابى الذى يتشفع له من المحلة، وتهمته أنه «تكلم فى حق عرابى وتشيع للحضرة الخديوية»، أما قراءة البخارى فقال عنها أنها لنصرة الدين وعن الإسلام لا لنفس عرابي، وكان معى الشيخ أحمد البصرى والشيخ أحمد مروان»، مضيفا: «ما كان بينى وبين عرابى المذكور من العداوة معلوم»، فرد المحقق: «قلت إنك لم تقرأ البخارى لنفس عرابى بل لنصرة الدين، مع أنه موجود جواب منك للمذكور، وصفته فيه بأوصاف لا يصفه بها، إلا من كان متشيعا له، ومتحدا معه ودعوت له أن يجعل كيده عدوه فى نحره، وقلت له إنك لا تنساه ولا إخوانك عقب درس البخارى، فلا يخفى أن صدور ذلك ممن كان مثلك معتبرا من أعظم العلماء يوجب أحمد عرابى أن يفتخر بنفسه، ويظن ما لا يتوهم فضلا عن تشويش الأذهان».  

 

ناول المحقق، الشيخ العدوى صورة الجواب المرسل منه إلى عرابي، فأجاب الشيخ: «هذا الجواب صدر منى وكفى فى قولى رزقنا الله وإياكم الاستقامة ووفقنا لمرضاته، وهذا من باب النصيحة ومن باب الدعاء بعز الإسلام لا لنفس أحمد عرابى». 

 


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع