أخبار عاجلة

بالصور.. عذاب أهل الصعيد فى الأعياد.. العشوائية والإهمال يصل القطارات.. عربات العلاوة لا تمنع التكدس.. والمتسولون يتجولون بحرية بين عربات الدرجة الأولى.. والتطوير لم يصل بعد للعقول والإدارة


كتب شعبان هدية

"عذاب كل عيد"، هذا هو حال أهل الصعيد فى السفر، ولا يفرق الأمر سواء كان بقطار مكيف أو أتوبيس أو ميكروباص ، فكله يتساوى العشوائية و غياب الحكومة.

فبداية قد تكون القطارات الوسيلة الوحيدة التي تحت إدارة وإشراف كامل للحكومة ممثلة في وزارة النقل وهيئة السكة الحديد ، إلا أنها تحولت من الوشاية الأكثر أمانا إلى الأكثر تسيبا وإهمالا ، فمنذ لحظة البحث عن التذاكر للقطارات  المكيفة بدرجتيها الأولى والثانية تبدأ رحلة سوء التخطيط من الحكومة وعدم تقدير الموقف، وغياب الرقابة .

المسافرين لا يجدون مقاعد للسفر
المسافرين لا يجدون مقاعد للسفر

ويعتقد وزير النقل الدكتور هشام بركات باعتبار أن هذا أول موسم له في الوزارة أن إحكام السيطرة على السوق السوداء بتحديد عدد ٤ تذاكر للمواطن الواحد للحجز، أو ربطها بالرقم القومي،  أو تحديد المحطات الرئيسية فقط بالقاهرة  والجيزة لصرف التذاكر ، رغم كل هذا مازالت السوق السوداء تتعايش مع كل هذه القرارات سواء عن طريق موظفين أو عمال في الهيئة أو متعاونين يتلاعبوا بالتذاكر وبيعها لمن يدفع أكثر.


 وفِى الوقت الذى تتقدم فيه المؤسسات وتستغل التكنولوجيا فى تسهيل عملها خاصة مع الجماهير، تأتى السكة الحديد لتلغى نظام حجز التذاكر من خلال الإنترنت الذى كان مطبقا لعدة سنوات سابقة.


فما يحدث فى قطارات الصعيد المكيفة لا يمكن تسميته إلا عشوائية وامتهان لكرامة المواطنين "الصعايدة" ، رغم عدد عربات "العلاوة" التى تم زيادتها فى كل قطار (عربتان لكل قطار) ، ورغم زيادة عدد عربات القطارات للطاقة القصوى لإمكانيات وقدرات الجرارات الحالية ( ١٢ عربة) ، ورغم زيادة ٤ قطارات للصعيد فترة العيد .

دورة المياه داخل قطارات السكة الحديد
دورة المياه داخل قطارات السكة الحديد


كل هذا خلق عشوائية أكثر،  وأدى لتفاقم المشكلة أكثر وإنعاش أولا ل"اصحاب الكروش"،  واصحاب البحث عن الاستفادة والثراء وأغلبهم  داخل هئية السكة الحديد بكل تشعباتها وأقسامها ، فأصبح الباحث عن تذكرة في هذه الأيام كالبحث عن كنز او وظيفة ولابد له من واسطة ومعرفة او يتعرض لنهش أصحاب المصلحة من السماسرة .

ومظاهر كل هذا تظهر  تدخل محطتي رمسيس والجيزة ومع وصول القطار تجد أكثر من ثلاث أضعاف العدد الرسمي المقرر للقطار ، فكل عربة قطار بها رسميا ٦٠ مقعدا ، ويكون ضعفهم يقف في الطرقات وضعفهم ايضا بين المقاعد وبين عربات القطار وعلى الأبواب ، لدرجة أن البعض يمكن أن يتركه القطار بسبب عدم قدرته على الدخول أو الوصول لمقعده ، ووصل الامر ايضا إلى أن أسرة كاملة ٦ أفراد أخطوا في قراءة التذكرة لعدم خبرتهم في مسميات هيئة السكة الحديد ( مكتوب على التذكرة علاوة ١ فسرها الراكب وكذلك موظف منعدم الضمير بانه عربة رقم ١ ) ، فذهب إلى اول القطار واكتشف بعدما تحرك القطار انه في العربة الخطأ فلم يستطع التنقل للوصول لمكانه داخل القطار وظل الأب والأم يقفان على أقدامهما وهم يحملان اثنين من أطفالهما لمدة ثلاث ساعات ونصف .

هذا واحد من مشاهد عدة حدثت في قطار ٩٧٨ القاهرة -أسيوط اليوم الجمعة ٢٣ يونيو ،  وهنا يأتي دور الهيئة الغائب ، ولأنها بتفكر فقط في البحث عن الفلوس وزيادة الموارد حتى أن كان على حساب الناس وكرامتهم.

كبار السن يعانون من طول السفر وقلة الخدمات
كبار السن يعانون من طول السفر وقلة الخدمات


فأين موظف المحهطة الذي كان يسأل كل من يدخل المحطة عن التذكرة ؟ وأين مسئول الأمن الذي كان يمنع انتظار او دخول من ليس له حجز للدرجة الأولى؟، وأين الكمساري الذي كان يمنع اي أحد لا يحمل  تذكرة من ركوب القطارات التى بالحجز ، خاصة  أن  لائحة الهئية لا يوجد فيها غرامة على ركوب الدرجة الأولى بدون تذكرة والمخالفة المقررة فقط ٦ جنيهات للدرجة الثانية ، لذلك يستسهل الكمساري ويعطى تذاكر لغير الحاجزين ولا يهتم رغم أنهم  يجلسون في الطرقات بالدرجة وعددهم يفوق الجالسين والحاجزين مرتين تقريبا .

ناهيك عما يسببه مثل هذا السلوك من مشاجرات واشتباكات طوال الطريق ، خاصة إن أغلب المسافرين يصطحبون أسرهم من زوجاتهم وأولادهم
، فلا أحد يستطيع المرور للوصول لمقعده ، ولا يستطيع حمل حقائبه للمرور في الطرقات, و٨٠٪‏ ممن يشغلوا الطرقات والحمامات وبين العربات وعلى الأوال لايذفعن جنيه واحد للسكة الحديد والحكومة نتيجة استخدامهم لشغل مكان في قطار وكلها خسائر على الدولة .

ومازاد من الأمر سوءا أن تصل مظاهر التسيب والعشوائية إلى وجود متسولين داخل القطارات ، دون أن يمنعهم لا مسئول الأمن ( فرد شرطة وأمين) يمرون ذهابا وإيابا بين العربات ، ولا الكمساري ولاحتى عامل القطار الذي يهتم فقط بتأجير خزانة القطار لوضع شنط المسافرين وتحصيل المقابل ١٠ جنيه عن كل شنطة.

معاناة المسافرين
معاناة المسافرين

وقائع كثير حدثت في القطارات الفترة الاخيرة بسبب التكدس وأذكر منها على سبيل المثال ، قطار ٩٧٨ الذى يتحرك من القاهرة ٦،٣٠ صباحا ليصل أسيوط الساعة ١٢ ظهرا ، فنتيجة التكدس وعدم تشغيل التكييف تعرض  دكتور بجامعة بني سويف "د.نشأت" لهبوط وانخفاض الضغط وحالة إغماء ، نتيجة الإرهاق من الحركة للوصول لمقعده في عربة رقم ١ ، وتم إسعافه بمشاركة الركاب .

خلافا لصراخ الأطفال الدائم نتيجة المشاجرات والاشتباكات التي حدثت أكثر من مرة ، وكأنها "سويقة" وليس درجة أولى، قد يتعلل المسئولين بأن ليس بيدهم شيء وأن الأزمة في عدد السكان  المتزايد ، لكن الحقيقة أن مبررات تفتقد للمنطق ولا تتعمل مع الًواقع بكفاءة .

معاناة كبار السن والمرضى داخل القطارات
معاناة كبار السن والمرضى داخل القطارات

فكيف لاتستفيد هيئة السكة الحديد من هذا الكم من المواطنين الذين يثقون أن القطار الوسيلة الآمنة في السفر حتى الآن رغم  كل هذه السلبيات؟ ، وكيف لا تستفيد وزارة النقل من هذا العدد بزيادة أعداد القطارات إلى أقصى حد تتحمله السكة وقضبان  خط الصعيد خاصة وأنها قامت  بزيادة كفاءته الفترة الاخيرة ؟
ما يحدث في السكة الحديد وعشوائية إدارة العمل  وخاصة في فترة الأعياد يدل على غياب الكفاءة وغياب التخطيط .

فلا يوجد مرفق مواصلات في العالم عليه هذا الإقبال ويخسر ، خسائرها تزيد عن  4 مليارات جنيه سنويا ، فأي منطق وأي نظام إدارة في العالم يقول أن التوك توك يكسب والقطار يخسر  ، باعتراف وزير النقل ؟!


ولا يوجد وسيلة مواصلات مهما كانت مدعومة من الدولة تعامل المواطنين وخاصة من يدفعون كامل ثمن الخدمة ( ٧٦ جنيه للدرجة الأولى لأسيوط و٤٢ للدرجة الثانية ) ، بهذا القدر من الإهمال والتدني في الخدمة ، فإذا كان يحدث هذا فيما نعده خدمة مميزة وهي القطارات الأسباني والفرنساوي والسريع المكيف فما بالنا بقطارات أقل درجة ك " مميز" و" العادي" او السبنسة؟

فإذا كانت الهيئة تشكو من التكدس فيجب استغلال ما لديها من عمالة وموظفين في ضبط المنظومة ، فهناك أكثر من 73 ألف عامل أغلبهم بلا عمل، والهيئة لا تحتاج غير ما يقرب من 20% فقط من العمالة الموجودة باعترافات رسمية من مسئولي وزارة النقل .

فكيف تشكو هيئة السكة الحديد من تدني الموارد وتترك جميع ممتلكاتها من قطارات ومحطات وأراضي وساحات انتظار بدون أن تدر دخلا للدولة ، فلا يوجد إعلانات على طول  1200 كم هى أطوال خط السكة الحديد ، ولا حتى تستغل الحكومة  القطارات ولا المحطات ولا مرافق الهيئة في الإعلانات رغم أن المواطنين العاديين يستخدمونها واولهم الباعة الجائلون، حتى الكافتيريات في المحطات تتعامل معها وزارة النقل كأنها درجة ثالثة فلا تؤجرها الحكومة بالسعر وبالطريقة المناسبة ، مما أنعكس على مستوى الخدمة ، ورغم مليارات الجنيهات التي انفقتها وزارة النقل على تطوير المحطات بالسيراميك والرخام والدهانات ، لكن لم تقم بتطوير العقول ولا تراقب الأداء ، فمستوى المحطات الشيك المصروف عليه مليارات ضاع بسبب إهمال  عامل النظافة الذي لا يراعي ضميره ولا ينظف المكان وخاصة الحمامات التي تغطي رائحتها أرجأ المحطة .

التطوير في مرفق كهئية السكة الحديد، لايتم بالقطعة ولا يرتكز على الحجر فقط ولكن الأهم من تطوير العقول والإدارة والاستفادة من أقدم وأهم وآمن وسيلة مواصلات فى مصر.

 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع