سعيد الشحات يكتب: ذات يوم..23 يونيو 1930.. الحكومة تغلق «النواب» بالسلاسل الحديدية ورئيس المجلس يأمر بتحطيمها بـ«البلط»

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم..23 يونيو 1930.. الحكومة تغلق «النواب» بالسلاسل الحديدية ورئيس المجلس يأمر بتحطيمها بـ«البلط»
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم..23 يونيو 1930.. الحكومة تغلق «النواب» بالسلاسل الحديدية ورئيس المجلس يأمر بتحطيمها بـ«البلط»

أغلقت الحكومة أبواب البرلمان، ووضعت حوله قواتها المسلحة، وربطت بابه الخارجى بسلاسل من حديد يوم 23 يونيو «مثل هذا اليوم» من عام 1930 لمنع اجتماع المجلس، لكن الشيوخ والنواب حضروا فى الموعد، وحسب عبدالرحمن الرافعى فى الجزء الثانى من كتابه «فى أعقاب الثورة المصرية - ثورة 1919» عن «دار المعارف - القاهرة»: «كلف الأستاذ ويصا واصف، رئيس مجلس النواب، بوليس البرلمان بتحطيم السلاسل، فحطمها اثنان من رجال المطافئ بالبلط، وسمى هذا اليوم المشهود بـ«يوم تحطيم السلاسل»، ودخل النواب القاعة وتُلى بها مرسوم التأجيل وسط هرج ومرج شديدين، وأقسم النواب بالمحافظة على الدستور، كما اجتمع مجلس الشيوخ، وتُلى عليهم مرسوم التأجيل أيضًا، وأقسموا نفس اليمين التى أقسمها نواب البرلمان».

 

كانت الأحداث تتويجا لخلاف احتدم فى الساعات السابقة عليه، وبدأ بإصدار الملك فؤاد مرسوما بتكليف إسماعيل صدقى باشا بتشكيل وزارة جديدة، خلفا لوزارة مصطفى النحاس باشا المستقيلة، احتجاجا على عدم تمكن الوزارة من تنفيذ برنامجها، ولاقت وزارة «صدقى باشا» احتجاجات واسعة، والسبب كما يقول «الرافعى»: «إن الوزارة الجديدة تألفت من عناصر معادية للدستور ومناوئة للأغلبية التى اختارتها الأمة فى انتخابات ديسمبر 1929، وكان صدقى باشا صاحب سوابق فى الاستهانة بالدستور».

 

بدأت الوزارة عملها وفقا لـ«الرافعى»، بتأجيل انعقاد البرلمان شهرا يبدأ من يوم 21 يونيو عام 1930، وأراد النواب والشيوخ أن يجتمعوا يوم 23 يونيو، وهو اليوم المحدد من قبل لانعقاد الجلسة، واتفق عدلى باشا رئيس مجلس الشيوخ، و«ويصا واصف» رئيس النواب على أن مرسوم التأجيل يجب أن يُتلى على نواب المجلسين، لكن الوزارة اعترضت بحجة أن المرسوم صدر يوم 21 يونيو، وأن التأجيل يجب أن ينفذ من ذلك اليوم، فأجاب رئيسا المجلسين بأن هذا لا يمنع من تلاوة المرسوم فى المجلسين، وإعلان أن جلسة الانعقاد التالية ستكون يوم 21 يوليو أى بعد انتهاء فترة التأجيل، فطلب «صدقى باشا» من «واصف» أن يعطيه تعهدا بألا يتكلم أى عضو بعد تلاوة مرسوم التأجيل، فرأى «واصف» فى هذا الطلب تدخلا من الحكومة فى شؤون المجلس، وغضًّا من كرامته، ورفض إعطاء مثل هذا العهد، فأرسل صدقى باشا إليه يوم 23 يونيو كتابا يصر فيه على أن يصله هذا التعهد قبل الساعة الواحدة من ظهر ذلك اليوم: «إذا لم يردنى قبل الساعة الواحدة بعد ظهر اليوم رد، أعتقد أن العزم قد صح على مخالفة مرسوم التأجيل، وإذا كان هذا المرسوم الذى صدر فى حدود الحقوق التى قررها الدستور لا يعطى حقه من الطاعة والاحترام من جانب أحد المجلسين «النواب والشيوخ»، فإن الحكومة ترى فرضا عليها أن توفر ما يجب له من الطاعة والاحترام، وأن تتخذ لذلك كل ما تراه ملائما من الوسائل».

 

بدا التهديد والوعيد فى كتاب «صدقى باشا» إلى «واصف»، فرد عليه «واصف»: «تطلبون أن أرسل لدولتكم، تأكيدا قبل الساعة الواحدة من تاريخ اليوم بألا آذن لأحد بالكلام عند تلاوة المرسومين الخاصين بتشكيل وزارتكم وتأجيل انعقاد المجلس لمدة شهر، وأنه إن لم يصلكم هذا التأكيد فى الميعاد المذكور تعمل الحكومة كل ما تراه ملائما من الوسائل، أحيط دولتكم علما بأنه ليس من حق الحكومة أن توجه إلى رئيس مجلس النواب مثل هذا الخطاب لما فيه من تدخل السلطة التنفيذية فى إدارة جلسات المجلس التى هى من اختصاص رئيس الجلسة دون سواه».

 

بعد هذه المكاتبات، لجأ كل طرف إلى اللعب بأوراق قوته، فأغلقت الحكومة مجلس النواب بـ«السلاسل»، أما النواب فذهبوا إلى المجلس فى الموعد المحدد، وكسروا السلاسل، ودخلوا وعقدوا الجلسة المقررة، وكذلك عقد «الشيوخ» جلسته وأصدر قرارا بالإجماع اقترحه «فتح الله باشا بركات» نص، حسب الرافعى، على: أولا: الاحتجاج على ما ارتكبته الحكومة من مخالفة الدستور بأن أغلقت أبواب البرلمان، ووضعت قواتها المسلحة حوله وفى داخله، لتمنع بالقوة المسلحة شيوخ الأمة ونوابها من عقد جلستى المجلس المحددة لهما الساعة السادسة من مساء اليوم، حتى اضطر حضرة رئيس مجلس النواب بأن يأمر قوات البرلمان بكسر السلاسل التى وضعتها الوزارة وفتح الباب، وبذاك فقط تمكن شيوخ الأمة ونوابها من دخول البرلمان. ثانيا: استنكار ما أقدمت عليه الوزارة من المخالفات الدستورية الأخرى من وقت تشكيلها».

 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع