الاندماج مع الأكراد.. الجامعة العربية تضع التقارب مع كردستان كـ"أولوية" لدعم وحدة العراق.. أبو الغيط يحرص على لقاء الزعماء الكرد لتشجيعهم على "الذوبان" مع المكون العربى.. ويؤكد: الانسجام يضفى رصيدا للدولة

زيارة هامة يقوم بها الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إلى العراق، تمثل امتدادا لنشاط دبلوماسي مكثف، بدأته إدارتها، في الأيام الماضية، بهدف تحقيق "لم الشمل"، داخل العديد من مناطق الصراع في المنطقة العربية، وهو ما بدأ في لبنان، في زيارة الأمين العام المساعد، السفير حسام زكى، في انعكاس صريح لأهمية استعادة الاستقرار داخل الكيانات العربية، عبر إنهاء الصراعات وتحقيق قدر من الوحدة بين مختلف أطيافها، لتكون نواة مهمة لخطوات أكبر نحو تحقيق الهدف الأسمى، والذى يتجسد في "الوحدة العربية"، في المستقبل القريب، والذى يعد الهدف الذى طال انتظاره، منذ عقود طويلة من الزمن، بينما تعوقه العديد من التحديات، أبرزها الأطماع الدولية، والطموحات التي تتبناها العديد من القوى الإقليمية لتوسيع نفوذها على حساب الهوية العربية.

وبين لبنان والعراق، ثمة العديد من التشابهات، أبرزها حالة التداخل الدولى، ومساعى القوى الإقليمية للسيطرة على مقدرات الشعوب، مما خلق حالة من الاستقطاب والتنافس الدولى، من رحم الصراعات، والتي شهدتها تلك الدول منذ سنوات، مما ساهم في تفاقمها بصورة كبيرة، لتأتى بعد ذلك أزمات أخرى، على غرار تفشى وباء كورونا، ليضع المزيد من الضغوط على الحكومات، والتي ربما ليس لديها من الإمكانات ما يساعدها على مجابهته، في ضوء معطيات أبرزها عجز القوى الدولية المتقدمة على احتوائه في الداخل، رغم التقدم العل، بينما تبقى الشعوب بين مطرقة الصراع وسندان المرض، ناهيك عن أزمات الاقتصاد.

إلا أن الحالة العراقية، ربما تتسم بقدر من التفرد، فعلى الرغم من تلاقيها في العديد من الأبعاد المرتبطة بالتداخل الدولى والإقليمى، بالإضافة إلى تعدد المكونات في الداخل، ولكن يبقى غياب الهوية العربية، عن المكون الكردى، والذى يمثل قطاعا كبيرا من المجتمع العراقى، ناهيك عن تمتعه بالحكم الذاتي، في مساحة من الأرض، تمثلها منطقة كردستان، مما يساهم بصورة أو بأخرى لتصاعد النزعات الانفصالية، ربما تجلت في أبهى صورها إبان الاستفتاء الذى عقد في سبتمبر 2017، بينما اعترضت عليه الحكومة المركزية في بغداد ووصفته بأنه إجراء "فاقد للشرعية".

50612fcf1a.jpg

الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط

وهنا تبقى الحاجة إلى تحقيق قدر من الاندماج بين المكون العربى، والذى يمثل الأغلبية الساحقة في العراق، ونظيره الكردى، من أجل إحداث قدر من التوازن، من شأنه الحفاظ على سيادة البلاد ووحدة أراضيها، وهو الأمر الذى ربما وضعه الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط على عاتقه، خلال الزيارة التي قام بها إلى بغداد، حيث كان حريصا على لقاء المسئولين بمختلف أطيافهم، بدءً من الرئيس برهم صالح، ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمى، ووزير الخارجية فؤاد حسين، كما حرص كذلك على لقاء عدد من المسئولين الأكراد في إقليم كردستان، وعلى رأسهم رئيس وزراء الإقليم مسرور بارزانى، رئيس الحزب الديمقراطى الكردستانى مسعود بارزانى، في انعكاس صريح لإدراك الإدارة الحالية للكيان العربى المشترك لأهمية الاستماع لكافة الأطراف، ومن ثم التحرك نحو احتواء الخلافات، التي من شأنها تعزيز الانقسام والفوضى.

وبحسب بيان صادر عن الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، أكد الأمين العام أحمد أبو الغيط، على هامش لقاءاته في كردستان، على عمق العلاقة بين المكونين العربى والكردى، وبالتالي فيبقى استقرارها مرتبطا بشكل مباشر باستقرار العراق، معتبرا أن الانسجام بين مختلف المكونات يضفى رصيدا لقوة الدولة العراقية، كما أعرب عن تقديره الكبير لزعامة آل بارزانى التاريخية، ودورها الهام في الحفاظ على استقرار العلاقة بين الإقليم والحكومة المركزية في بغداد.

إلا أن حديث أبو الغيط حول الأكراد ودورهم، لا يمثل حالة استثنائية، ترتبط باللقاء مع مسئولي الإقليم، وإنما تمثل امتدادا للعديد من المواقف التي تبنتها الجامعة العربية، لدعم المكون الكردى، ليس فقط على الأراضى العراقية وإنما أيضا في دول عربية أخرى، على رأسها سوريا، منذ بداية استهدافهم عسكريا من قبل قوى إقليمية طامحة للسيطرة على أراضيهم، والاستيلاء على مواردهم، وذلك بالرغم من الكثير من التحديات التي واجهت عملها هناك، منذ اندلاع الأزمة السورية قبل عقد من الزمان.

أبو الغيط فى لقائه مع المسئولين الأكراد
أبو الغيط فى لقائه مع المسئولين الأكراد

فقبل عدة أشهر، حرص الأمين العام المساعد، السفير حسام زكى، على التأكيد على دعم المنظمة الإقليمية للدور الذى يلعبه أكراد سوريا في التصدي للإرهاب وتعزيز السلم الأهلى، مشددا على الحاجة من أجل العمل على الحفاظ على وحدة الأراضى السورية وعدم انتهاك سيادتها، عبر العمل مع كافة أطياف المعارضة الوطنية للوصول إلى حل الأزمة التي أطاحت بسوريا دون حل منذ سنوات، تخللها كافة أشكال العنف والإرهاب، ناهيك عن الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تواجهها البلاد.

وهنا يصبح الحفاظ على وحدة الأراضى العربية، واحترام سيادتها، هو الهدف الذى تبحث عنه إدارة الجامعة العربية في المرحلة الراهنة، عبر تحقيق الاندماج بين كافة المكونات، وسواء السياسية أو العرقية، لتذوب جميعها في بوتقة الدولة، عبر إشراكهم في العملية السياسية، فيصبح وجودهم بمثابة وسيلة لإضفاء المزيد من القوة سواء على المستوى السياسى أو الاقتصادى، أو المجتمعى، عبر التنوع، والذى من شأنه تحقيق الثراء لأى مجتمع، دون انتهاك لسيادتها أو وحدة أراضيها.

 


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع