أخبار عاجلة

محافظ الجيزة.. رجل الروتين المقدس.. يفكر ببطء ولا يقتحم المشكلات.. يعادى المساحات الخضراء وصاحب أشهر مذبحة أشجار بالدقى والعجوزة.. لا يتواصل مع الجماهير.. والأقل إنجازاً فى سجل المحافظين

محافظ الجيزة.. رجل الروتين المقدس.. يفكر ببطء ولا يقتحم المشكلات.. يعادى المساحات الخضراء وصاحب أشهر مذبحة أشجار بالدقى والعجوزة.. لا يتواصل مع الجماهير.. والأقل إنجازاً فى سجل المحافظين
محافظ الجيزة.. رجل الروتين المقدس.. يفكر ببطء ولا يقتحم المشكلات.. يعادى المساحات الخضراء وصاحب أشهر مذبحة أشجار بالدقى والعجوزة.. لا يتواصل مع الجماهير.. والأقل إنجازاً فى سجل المحافظين

التحول من الجمال إلى القبح، ومن التنظيم والتخطيط إلى العشوائية، ومن المرونة وقضاء حوائج الناس إلى الروتين و"فوت علينا بكرة ياسيد"، مكتسبات دخيلة عرفها سكان محافظة الجيزة مع اللواء أحمد راشد، المحافظ الحالى، فالرجل لم يقدم أكثر من الأداء الوظيفى الجامد على مدار عامين ونصف، كان خلالها خصماً مباشراً للأشجار الخضراء فى الشوارع الراقية، وأمر بقطعها والجور عليها، وتحولت معه أحياء الدقى والعجوزة والمناطق الراقية إلى أماكن تعج بالفوضى، فسيارات الميكروباص تتجول بشوارع الدقى بالمخالفة لخطوط السير دون رقيب.

محليات محافظة الجيزة لا يشغلها سوى مطاردة الباعة الجائلين، وتروسيكلات الموز ومصادرة كراتين الشيبسى من أصحاب الأكشاك، وقبل عام تقريباً كتبت عن مشكلات المحافظة ومحافظها، ودللت على ما يحدث بالنص القرآنى فى الآية 92 من سورة النحل، التى تقول: "وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا"، فتلك المرأة الحمقاء التى تحدثت عنها الآية الكريمة كانت تبرم الغزل وتوثقه وتجمع شتاته، ثم سرعان ما تفسده، لتحوله إلى الوهن والضعف التى كان عليها مرة أخرى، وهذه الرواية التى قد تبدو بسيطة ويفهمها العامة والمتخصصون، إلا أننا مازلنا ننقض الغزل، ونكسر كل قائم ومتماسك من أجل أن نبدأ من جديد مرة أخرى، عشقاً فى البدايات المتعثرة، والروتين المقدس.

القصة فى محافظة الجيزة لا تختلف كثيراً عن "حمقاء مكة" التى كانت تنقض الغزل بعد قوة، فقد أزالت المحافظة أرصفة الدقى والمهندسين والعجوزة، وكسرتها وخربتها، مع العلم أنها لم تكن قديمة أو متهالكة، ولم تكن مهدمة أو غير ممهدة، بل كانت بحالة جيدة، إلا أنه فجأة ودون إنذار وجدنا أعمال التكسير فى كل الشوارع، والرمال فى كل مكان، وتحولت تلك الأحياء الراقية إلى صورة من الفوضى والعشوائية، فقد صار "بلاط" الأرصفة فى كل مكان، وأكوام الرمال تحاصر المارة والسيارات، وبالفعل تم إنفاق الميزانية المرصودة، التى توفرها الدولة "بشق الأنفس"، على  "بضاعة أتلفها الهوى"، وموازنة لا نعرف كيف انفقتها المحافظة؟ وما أولوياتها فى هذا الإنفاق؟ فهل الأولى أن توجه هذه الأموال إلى العشوائيات والمناطق الفقيرة والمحرومة أم إلى الأحياء الراقية التي نزيل فيها الأرضيات "الرخامية"، لنستبدلها بالانترلوك!!

لم نر من محافظ الجيزة تحركا واحدا لمشكلة التوتوك التى تؤرق سكان الهرم وفيصل وحدائق الأهرام، فقد تحولت شوارع هذه الأحياء إلى مظاهر صارخة للفوضى والعشوائية، وما استتبع ذلك من انتشار للجريمة المنظمة، بينما يعادى المحافظ ومعه رؤساء الأحياء ومراكز المدن الأشجار والمساحات الخضراء، فمنذ فترة كانت حملة وحشية تجاه شوارع الدقى أزالت كل أشجارها وجعلتها جرداء قبيحة وشوهت مشهد الحى الراقى، ومنذ أسابيع قليلة بدأت حملة أشد خطورة وعدوان تم خلالها تدمير مجموعة من الأشجار التاريخية النادرة في كورنيش العجوزة، التي يعود بعضها إلى الأسرة العلوية، وكانت تمثل تاريخ تراثى مميز لا يمكن لعاقل أن يستهدفه ويبدأ فى تقطيعه بمناشير تجار الأخشاب، وبيعه لأصحاب مكامير الفحم بثمن بخس!!

 محافظ الجيزة دائما ما يضع نفسه والمحافظة فى دائرة الصراع، فالرجل أصدر قراراً غريباً منذ فترة يعطى للأحياء سلطة تحرير محاضر للسيارات ووضع "الكلابشات" بها حال وجودها على الأرصفة، وبواقع هذا القرار يتم تحرير مخالفة قيمتها 530 جنيها بصورة فورية من صاحب السيارة، دون علم إدارة المرور فى وزارة الداخلية، ودون تنسيق مع مديرية الأمن، ليصبح الموضوع أشبه بـ "إتاوة" تفرضها الأحياء عنوة دون وجود قانون ينظم هذه المسألة أو يحدد غرامات عادلة.

محافظ الجيزة واحد من المسئولين الذين يتزرعون دائماً بفكرة تطبيق القانون، دون أن يدرى أن القانون الذى يغير مشهد الشوارع من الجمال إلى القبح يحتاج إلى تغيير، القانون الذى يُحمل الدولة نفقات لا تحتاجها وأموال لا طاقة لها بها يحتاج لتغيير، القانون الذى يجبرنا على تحطيم المنشآت القائمة واستبدالها بأخرى أقل جودة وكفاءة يحتاج إلى تغيير، القانون الذى يعادى المواطن ولا يوفر له بدائل مناسبة يحتاج إلى تغيير وعلى من يتشبث به أن يخضع للتغيير أيضاً.

محافظ الجيزة رجل يفكر ببطء، يتحرك على مهلٍ، لا يقتحم المشكلات وينتظر حتى تقع الواقعة، لا ينشغل بسماع الناس، لا يتحدث مع الإعلام، لا يتواصل مع الجماهير، بل يتعامل دائماً بمنطق "أنا الحكومة"، ومن ليس معى ضدى، ومن ينتقدون أدائى يخططون لإفشالى وسيفشلون!!

لو شئنا التوقف عند دورة الإنجاز فى محافظة الجيزة، على مدار العامين الماضيين، سنجد أن المحافظ الحالى الأقل إنجازاً بين أقرانه على مدار 50 عاماً أو يزيد، فلم نسمع عن عمارة تحترق لمدة أسبوع كامل إلا فى عهده، ولم نعرف فوضى التوك توك والميكروباص إلا فى عهده، ولم نعرف الانشغال بالأمور الإدارية الشكلية إلا فى عهده، وما تحولت المناطق الراقية والأحياء الهادئة للفوضى والعشوائية إلا فى عهده.. وختاماً أتمنى أن تجد هذه الكلمات صداها لدى نواب البرلمان ليطلبوا محافظ الجيزة في جلسة استماع عاجلة، وأن يرى المحافظ كلماتى برداً وسلاماً، انطلاقاً من مبدأ الحق في النقد الذى كفلة القانون ضماناً لحرية الصحافة، واستهدافاً للمصلحة العامة وحرصاً على حق المجتمع.


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع