أخبار عاجلة

سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 17 يناير 1955.. الشيخ محمد متولى الشعراوى يؤلف 110 أبيات من الشعر تبجيلا وتقديرا لطه حسين أثناء زيارته للسعودية

سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 17 يناير 1955.. الشيخ محمد متولى الشعراوى يؤلف 110 أبيات من الشعر تبجيلا وتقديرا لطه حسين أثناء زيارته للسعودية
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 17 يناير 1955.. الشيخ محمد متولى الشعراوى يؤلف 110 أبيات من الشعر تبجيلا وتقديرا لطه حسين أثناء زيارته للسعودية

انتهى عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين، من الاستماع إلى قصائد الشعراء السعوديين، الذين أرسلوها إليه فى مدينة جدة، أثناء زيارته إلى السعودية منذ يوم 15 يناير 1955 لرئاسة اجتماع اللجنة الثقافية لجامعة الدول العربية، وكان الأستاذ أمين الخولى هو الذى يقرأها له، وبعدها انتقل «الخولى» إلى قصيدة كتبها الشيخ محمد متولى الشعراوى، تقديرا وتبجيلا لعميد الأدب العربى.. «راجع، ذات يوم، 15 و16 يناير 2021».
 

كان الشيخ الشعراوى يعمل فى السعودية منذ عام 1950 أستاذا للشريعة فى «جامعة أم القرى»، واستعد للترحيب بعميد الأدب العربى فى زيارته التى استمرت 19 يوما، وكان يوم 17 يناير، مثل هذا اليوم، 1955، يومها الثالث، ويروى الدكتور محمد حسن الزيات، زوج ابنة طه حسين، ووزير خارجية مصر أثناء حرب أكتوبر 1973 فى كتابه «ما بعد الأيام» جانبا مما جرى فيها.
 

يذكر الزيات، أن «الخولى» قال لطه حسين: «الشاعر السعودى حسين عرب جعلكم من العدائين، ولكن الشاعر المصرى الشيخ محمد متولى الشعراوى، عضو البعثة الأزهرية، جعلكم من العدائين ومن الحدائين، إن كان هذا التعبير صحيحا، فقد قال: «يا حداة الآمال، بالله زيدوا/ فمهيج الركبان حلو الحداء/ وثقوا بالمنى، فإن زمام العلم/قد صار فى يدى عداء/ هو منه فى خير كل قديم/ وجديد، على نبوغ سواء».

يعلق طه حسين قائلا: «أستغفر الله لأخينا الشعراوى ولأنفسنا كذلك، لقد قرأت قصيدته وهى طويلة جيدة جدا».. رد أمين الخولى: إنه طويل النفس حقا، القصيدة أكثر من مائة وعشرة أبيات، قد جمعت فأوعت كما يقولون: انظر كيف ذكر كتبك عن الإسلام ذكرا جميلا حين قال: «وجمال الإسلام فى «وعدك الحق» تجلى فيه الفداء/ صور لا تكون فى غير حق خلدتها مصارع الشهداء/ «هامش السيرة» الحبيبة فيه تغنى سماحة الأنبياء/ فهو فى الأذن معبدى خفيف/ وثقيل الميزان يوم الجزاء/ وهو عن نعمة البيان زكاة ولهذا أدركت سر النماء».
 

يرد طه حسين: «لقد أثرت فى نفسى أبيات من قصيدته تحدث فيها عن هذه البلاد، التى كان صديقنا الدكتور محمد حسين هيكل يسميها منزل الوحى»، ويقول أمين الخولى: لا شك أنك تقصد الأبيات التى يقول فيها: «ركب طه، هنا مطالع طه، وانبثاق الشريعة السمحاء/ كل أرجائها جلالات ذكرى، لهدى الله خاتم الأنبياء».. يرد طه حسين: «نعم، كل أرجائها جلالات ذكرى»، ويسأل: متى نزور مدينة الرسول؟

يجيب أمين الخولى: «لقد ذكرت لأعضاء الوفد السعودى رغبتك فى القيام بزيارة المدينة المنورة، وسيبلغوننا بما يمكن تدبيره اليوم، ولكن قصيدة الشيخ متولى الشعراوى، وحديث الدكتور هيكل، عن منزل الوحى يذكر أننى بالقصيدة البديعة الطويلة، خمسة وأربعين بيتا، التى نظمها حسن عبدالله القرشى، ويقول فيها: «مرحبا فى منازل الوحى، كم ضاءت رباها بسيد المرسلين/ إنها مشرق الرسالة، مهد النور قدما، ومشروع الواردينا/ أيا طه حللت أهلا، وعذرا، ألا يكون القريض معينا/ فيك سر القرون من أمة العرب تتحدى الدهاة والجاحدينا»..يعلق طه حسين: «أعود فاستغفر الله لهم جميعا، واستغفره لنفسى أيضا».

فى فندق الكندرة بجدة، يسأل طه حسين عن كيفية الوصول إلى المدينة المنورة، فيرد الأستاذان المرافقين معه، أمين الخولى ومحمد فتحى، بأنه لا سبيل إلا بالطائرة، ويرد طه حسين قائلا: «أنا لا أركب الطائرة، ألا توجد سبل أخرى، إن عمر فريضة الحج أكبر من عمر الطائرة، ويقول الخولى: «عملت كل شىء، وحاولت كل طريقة، وكلمت سمو الأمير ولكن الطريق البرى مقطوع بسبب السيول الغزيرة التى هطلت هذا العام، ألا تؤجل الزيارة هذه المرة؟».
 

يرفض طه حسين، قائلا: «لن أغفر ذلك لنفسى أبدا، شوقى إلى هذه الزيارة يتزايد منذ أكثر من سنتين، أى أنواع الطائرات تطير إلى المدينة؟.. يرد محمد فتحى: أخشى أنها الطائرة الصغيرة، طيارات «داكوتا» الركوب فيها غير مريح.. يقول طه حسين: لا لن أتعب، لقد كنت أعيش بفكرى وقلبى فى هذه الأماكن المقدسة زهاء عشرين عاما منذ بدأت أكتب «على هامش السيرة» حتى الآن، وهنا فى جدة، أحسست أننى أعيش فيها بفكرى وعقلى وجسدى جميعا.
 

بعد الحديث عن زيارة المدينة، يسمع طه حسين من سكرتيره رسالة السفير السورى عمر بهاء الدين الأميرى، إليه، ويتأسف فيها أسفا شديدا، لأن مشاغل اللجنة الثقافية تجعل من المستحيل الاستجابة لرغبات السفارات العربية فى إقامة حفلات تكريم له، ويبدى إعجابه العظيم بكلمته فى افتتاح اللجنة، وخاصة حديثه عن «تعريب قلوب المسلمين غير العرب».


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع