الغربة صعبة لكن الموت أصعب.. أسر مصرية تشد الرحال قبل أن يرحل أطفالهم عن الحياة بسبب أمراض التمثيل الغذائى ..أهالى الأطفال: معاناتنا مستمرة وعيالنا بتموت وعاوزين علاج من الحكومة.. وأم تصرخ: أنا بشحت على بنتى

الغربة صعبة لكن الموت أصعب.. أسر مصرية تشد الرحال قبل أن يرحل أطفالهم عن الحياة بسبب أمراض التمثيل الغذائى ..أهالى الأطفال: معاناتنا مستمرة وعيالنا بتموت وعاوزين علاج من الحكومة.. وأم تصرخ: أنا بشحت على بنتى
الغربة صعبة لكن الموت أصعب.. أسر مصرية تشد الرحال قبل أن يرحل أطفالهم عن الحياة بسبب أمراض التمثيل الغذائى ..أهالى الأطفال: معاناتنا مستمرة وعيالنا بتموت وعاوزين علاج من الحكومة.. وأم تصرخ: أنا بشحت على بنتى

كتبت نهير عبد النبى

حياة أطفالهم هى السبب الرئيسى لقرار الغربة، فلم يكن أمامهم سوى هذا الخيار المؤلم والمخيف، فحرمان أبنائهم ومرضهم والإهمال الطبى كلها عوامل لم تترك أمامهم فرصة للاختيار.

"اليوم السابع" تمكن من الوصول إلى أكثر من 100 أسرة يعانى أطفالها من أمراض التمثيل الغذائى، منهم المغتربون الذين تركوا حياتهم ومستقبلهم من أجل إنقاذ أرواح ابنائهم، ومنهم الذين لم يحالفهم الحظ ولن يستطيعوا الهجرة بسبب ظروف المعيشة وقرروا البقاء والكفاح من أجل الحصول على "عبوة لبن مدعم"من المستشفيات الحكومية، ليعيش أطفالهم عليها لأسابيع.

واجتمعت هذه الأسر فى جروب واحد على الـ" واتس اب" باسم "أولاد مصر" لمناقشة ومتابعة مشكلاتهم المشتركة ومحاولة ايجاد حلول لعلاج أطفالهم والتعامل الجيد مع حالاتهم، وذلك من خلال تبادل أحدث طرق العلاج وتقديم وصفات الأكلات المخصصة لأطفالهم.

 

"قرار الغربة صعب لكن الموت أصعب"

"الإهمال الطبى كان السبب فى ضياع بنتى، والغربة أهون بكتير انى اسيبها تموت قدام عينى".. كانت هذه أولى كلمات والدة الطفلة م.م  (4 سنوات) تعانى من " PKU    "، لـ"اليوم السابع".

لم تكتشف والدتها المرض إلا بعد مرور عامين من ولادتها، وهو الأمر الذى أدى إلى تدهور حالتها، تقول الأم:"التشخيص الخطأ كان السبب فى ضياع ابنتى الصغيرة، فقد كانت تعانى من تأخر ذهنى وحركى وهو أحد أعراض امراض التمثيل الغذائى وفيه يكون الانزيم المسئول عن تكسير "الفنيل ألينين" غير موجود و نسبته مرتفعة فى الجسم ويؤثر على المخ، وبالتالى فالمرضى ممنوعون من اللحوم والألبان والجبن وكل الأطعمة التى يوجد فيها  نسبة بروتين عالية، ولكن للأسف كان التشخيص" نقص غدة درقية "، واستمرت على علاج الغدة لمدة سنتين وبالصدفة طلب منى الدكتور تحليل EMS، واكتشفت المرض وهى عمرها سنتان".

تضيف:"من هنا بدأت رحلة العلاج والمعاناة فى المستشفيات، فهؤلاء الأطفال لهم أكلات وألبان مخصصة ومصنوعة بمواد خالية من البروتينات، ومن المفترض أن يكون علاجهم  فى مستشفى الدمرداش وللأسف الأصناف ضئيلة جدا ورديئة فضلا عن تعطل الأجهزة الطبية فى المستشفى".

تابعت: "تدهورت حالة ابنتى، فاضطررت أن أسافر للسعودية نظرا لتوفير العلاج والأكلات الخاصة بالأطفال مرضى التمثيل الغذائى..وفى السعودية تحسنت حالتها والأكل متوفر فى السوبر ماركت وبأصناف متنوعة "قشطة وحليب وأرز ومكرونة وحلويات" ،بالإضافة الى الاطعمة الأساسية والتحاليل بصفه دورية".

وأنهت حديثها قائلة " نفسى ارجع مصر وأعيش وسط اهلى، قرار الغربة صعب لكن الموت أصعب".    

                              

مأساة أخرى ترويها والدة طفلين مريضين نفس المرض، تقول الأم ع .د:"بعد 17 سنة فى الغربة كان نفسى ارجع بلدى لكن مرض ولادى اجبرنى على اختيار الغربة بدلا من الموت فى مصر"، وتضيف: "اكتشفت مرض ابنتى الكبيرة فى سن متأخر وذلك بعد ولادة ابنى الثانى وإجراء تحاليل ما بعد الولادة، وأثبتت نتيجة التحاليل انه يعانى من  PKU ، ومن باب الاطمئنان اجريت نفس التحاليل لابنتى واتضح انها تعانى من نفس المرض".

وتابعت:"أعيش حاليا فى الإمارات ومن قبل كنت فى السعودية، وبعد اكتشاف المرض قررت أن أعود إلى مصر لتعيش ابنتى حياة طبيعية مع الأسرة والعائلة ونعيش فى جو أسرى سليم بعيدا عن الغربة ، ولكن هنا كانت المفاجأة عندما اكتشفت ان الأمر فى مصر صعب، وحياة الأطفال مهددة بالخطر بسبب الإهمال وعدم توفير الأطعمة والألبان الخاصة بهم، وهنا قررت البقاء فى الإمارات لأن احتياجات أطفالى المرضى متوفرة" .

وتختتم :"رغم قساوة الغربة وحرمانى من اهلى إلا ان حياة اولادى مقابل اى شىء، وأتمنى ان توفر الحكومة الدعم الكامل لهؤلاء الأطفال" .

 

معاناة المصريين فى الحصول على "عبوة لبن"

والدة الطفل ي.م أم مكلومة فقدت طفلتها الأولى بعد أسبوع من ولادتها، وتنتظر على أبوب مستشفى الدمرداش لتحصل على علبة اللبن لطفلها الثانى، بعدما اكتشفت أنه يعانى من نفس مرض شقيقته المتوفيه وهو مرض Msud.، لم تستطيع السفر بسبب ظروف المعيشة ولكنها تحارب من اجل الحصول على العلاج والأكلات المخصصة لطفلها.

تقول والدة الطفل ي.م  لـ "اليوم السابع": "علاج أمراض خلل التمثيل الغذائى نادر ويباع بأثمان باهظة، فعلبة اللبن بـ 500 جنيه وسعر الكشف فى العيادات الخاصة اكثر من 400 جنيه، فضلا عن الحقن والتحاليل وجلسات التخاطب، ونظرا لارتفاع الأسعار وظروف المعيشة نصحنى البعض بالذهاب الى مستشفى الدمرداش لمتابعة الحالة، وهناك كانت الصدمة ، عدد كبير من أهالى الصعيد والأرياف يأتون بأطفالهم من أجل علب اللبن، ولكنها غير متوفرة بشكل كبير والأكلات فى مطبخ المستشفى رديئة، ولا نسمع منهم سوى كلمة "اللبن محجوز علشان الجمارك"، احنا عاوزين حل عيالنا بتموت وعاوزين علاج من الحكومة".

وقالت والدة الطفلة ن.ا (7 سنوات): "اكتشفت مرض ابنتى وهى فى عمر 10 شهور عندما لاحظت عدم انتباهها وحركتها البطيئة، واكتشفت أنها تعانى من PKu ، الحال فى مصر صعب وليس هناك اهتمام بتوفير اللبن المخصص للأطفال، وفى بعض الأحيان اطلب من صديقاتى فى الغربة أن يساعدننى فى ارسال الاطعمة الخاصة بالحالة، ولكن هذا الوضع لن يستمر كثيرا، " انا مش هقعد طول عمرى اشحت على بنتى عشان تعيش".

 

 الدكتور محمد سيد أستاذ التغذية بالمركز القومى للبحوث وصف طبيعة المرض قائلا:" هذه الأمراض عبارة عن عملية هضم وهدم للمواد الغذائية وخلل فى التمثيل الغذائى، ومنها: مرض السكر والغدة الدرقية ، والتوحد (الاوتيزم)" ، حيث لا يستطيع الأطفال ان يعبروا عن أوجاعهم، وهنا يأتى دور الأهالى فى انقاذ أبنائهم والكشف المبكر وإجراء الفحوصات منذ الولادة .

وأضاف سيد، أن هناك أسبابا عديدة لوجود خلل فى التمثيل الغذائى ومنها"

1: مرض وراثى أو زواج الأقارب.

 2: نتيجة العوامل البيئية وتلوث الجو والأطعمة.

 3:تناول بعض الأطعمة بطريقة خاطئة مثال على ذلك تناول الكرنب بشكل مستمر يؤثر على الغدة الدرقية، وذلك لأنه يحتوى على احماض امينية تحتوى على "الكبريت" الذى يمنع امتصاص اليود داخل الجسم وبالتالى يؤثر على الغدة  .

4:بعض المواد والألوان المضافة إلى الأطعمة.

وأكد أن العلاج حسب الحالة ولكن يجب عدم التعرض لتلوث البيئة.

 ومن المعروف أن أمراض التمثيل الغذائى هى أمراض وراثية جينية، عبارة عن خلل فى التمثيل الغذائى، وتضم أكثر من 50 نوعا جميعها خطيرة، وقد تؤدى إلى الوفاة، ومنها "الجوشر ، السكر، تضخم الغدة الدرقية ، الأحماض العضوية".

 

 

 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع