بوابة صوت بلادى بأمريكا

إدوارد فيلبس جرجس يكتب: اعـتراف (الحلقة االثانية)

كان واضحاً أن القلق يسيطر عليه ، يُرسل بين الوقت والآخر نظرة إلى الخلف ، وكأنه يخشى أن يكون هناك من يراقبه ، بالرغم من أنه أنهى إجراءات السفر وجلس في قاعة الإنتظار، حتى يحين موعد انطلاق الطائرة المتجة إلى أمريكا ومنها إلى ولاية كاليفورنيا . بعض الإطمئنان بدا فوق وجهه عندما طارت الطائرة ، أطلق القس ميخائيل زفرة ارتياح طويلة وهو ينظر من خلف الطاقة الزجاجية المستديرة لتودع عيناه معالم القاهرة ، أغمض عينيه ولم يفتحهما إلا على صوت المضيفة التي دفعت أمامها عربة تحمل الصحف ، ابتسمت المضيفة عندما اختار أكثر من صحيفة ، قالت في داخلها أن السياسة أصبحت كالخبز اليومي للجميع حتى رجال الدين ، لكن القس ميخائيل في الحقيقة لم يكن هدفه ما جال بفكر المضيفة ، فهو لم يستغرق أكثر من دقائق في تصفحها جميعاً ، وكأنه يبحث عن خبر ما ، ابتسم عندما لم يجد أي أشارة عن الخبر .                                                   

**********

المرة الأولى التي يذهب فيها القس ميخائيل إلى ولاية كاليفورنيا بالرغم من إقامة صديق عمره بها ، رجل الأعمال الشهير " حامد البستاني "  ، ذهب إلى أكثر من ولاية ، ولديه ما يشده ويربطه بشدة إلى ولاية بنسلفانيا .  اللقاء بينه وبين حامد البستاني كان يتم دائماً في ولاية نيويورك . الأفكار تقتحم رأسه وتهرب ليأتي غيرها ، يحاول أن يمسك بفكرة محددة ويسير خلفها ، لكنها تبدو هلامية يصعب الإمساك بها فيطلقها ويحاول مع غيرها . عليه أن يهدأ الآن ويرتب أفكاره ، قد يوفر له الهدوء داخل دار الضيافة الذي أفرده له القس " موسى "  راعي الكنيسة التي توجه إليها ما يمكنه من فرد أفكاره وانتقاء ما يمكنه من الوصول إلى هدفه ، لم يكن له سابق معرفة بالقس موسى ، لكن من المتعارف عليه أن تستقبل أي دار للضيافة ملحقة بالكنيسة الأباء وخاصة لو كان الغرض من الرحلة هو العلاج ، وهذا ما فهمه الأب موسى من القس ميخائيل ، لكن الدهشة تملكته عندما اعتذر القس ميخائيل عن مشاركته الصلاة في قداس الأحد ، متعللاً بأنه مريض وتحت العلاج ، سأل الأب موسى مع بعض الدهشة :                                                                                  

_ وهل المرض يمنعنا عن الصلاة يا أبي ؟!

أجاب القس ميخائيل :

_ نعم يا أبي ؟

قال القس موسى وهو لا يخفي نظرة لوم بدت داخل عينيه :

_ الأمراض تقربنا إلى الله لا تبعدنا عنه يا أبي !!

أجاب القس ميخائيل بذكاء ليس بجديد عليه وقد تكون الإجابة مرتباً لها وليس وليدة التو واللحظة :

_ مرضي يمنعني من الوقوف في الأماكن المقدسة للصلاة .

هز القس موسى رأسه محاولاً أن يقنع نفسه ونهض مستأذناً للإنصراف لكن القس ميخائيل قال :

_ ألا تريد أن تعرف نوع المرض الذي يمنعني عن الوقوف في المكان المقدس لأقوم بواجبي كقس ؟!!

قال القس موسى وهو يشعر بالحرج :

_ أعذر إلحاحي ، فقط أردت أن آخذ بركة مشاركتك لي في الصلاة .

قال القس ميخائيل محاولاً أن يزيل أي دهشة أو لوم قد يكون علق بذهن الأب موسى :

_ من الواجب أن أعرفك بنوع المرض الذي جئت خصيصاً للعلاج منه في أمريكا ، بعد أن عجز الأطباء في مصر عن تشخيص علاج قاطع له . لقد أصبت فجأة بمرض التبول اللا إرادي ، وشدة الإصابة تتفاقم يوماً بعد يوم ، وأصبحت أعاني منها سواء كنت متيقظاً أو أثناء النوم ، وأنا لا أضمن أن يحث هذا خلال الصلاة .                                    

تصاعدت الدماء إلى وجه الأب موسى وأحس أنه أخطأ واندفع نحو القس ميخائيل معتذرا محاولاً تقبيل يده.                                                                         

غادر الأب موسى الغرفة ولا يزال بعض الخجل عالقاً بخطواته ، وعلى وجه القس ميخائيل ابتسامة عريضة فخورة بذكائه .

*************

في ولاية بنسلفنايا تحركت سيارة تقودها سيدة من أمام البيت الفسيح الأرجاء ، داخل البيت كان الطفل صاحب الأعوام الثلاثة في رعاية المربية الفلبينية ، على الجانب الآخر من الطريق وفي مقابل البيت كانت ترابط سيارة يجلس خلف مقودها القس ميخائيل ، استأذن من الأب موسى قائلاً أنه سيذهب لزيارة بعض معارفه بولاية بنسلفانيا ، هبط سريعاً واتجه نحو المنزل ، دق الباب وفتحت المربية الفلبينية ، نظرة احترام بدت في عينيها ، اعتادت أن يأتي بعض الأباء الكهنة لزيارة سيدتها ، أفسحت له الطريق عندما أخبرها أنه يعلم أن سيدة المنزل بالخارج لأنه اتصل بها هاتفياً وأنها رجته أن ينتظرها لحين عودتها ، جلس في غرفة الضيافة سائلاً المربية أن تعد له كوباً من الشاي ، أسرعت المربية إلى المطبخ وهي تردد كلمات الترحيب ، نهض وأسرعت خطاه نحو غرفة المكتب فهو يعرف تفاصيل البيت بدقة ، أخرج مجموعة من المفاتيح من جيبه وفتح أحد أدراج المكتب ودس كل أوراق الطفل وأهمها شهادة ميلاده وجواز سفر استخرجه له بنفسه من قبل ، عاد إلى مجلسه وأتت المربية ومعها الطفل الصغير الذي اندفع بابتسامة كبيرة نحو القس ميخائيل فهو اعتاد أن يرى بعض الأباء الكهنة سواء في المنزل أو الكنيسة وأصبح لا يهابهم ، أمسك به القس ميخائيل ووضعه فوق ركبتيه وهو لا يتوقف عن تقبيله ، إزدادت الإبتسامة على وجه الطفل وهو يتناول قطعة كبيرة من الشيكولاته من يده ، احتسى الشاي واستأذن المربية في اصطحاب الطفل إلى حديقة المنزل ليتمتعا بشمس ذلك اليوم لحين حضور سيدتها ، إنشغلت المربية داخل المنزل ، تسلل القس ميخائيل خارج الحديقة ليلج سيارته على الجانب الآخر وعلى ذراعه الطفل الذي رحب بالتهام الشيكولاتة بيد واللعب باليد الأخرى في لحيتة ، تحركت السيارة سريعاً ، لم تمض أكثر من ساعة وكان يحلق هو والطفل فوق السحاب عائداً إلى كاليفورنيا .                              

**********

عادت السيدة إلى المنزل ، ووجدت الخادمة الفلبينية وكأنها تعاني سكرات الموت ، تشكل وجه السيدة بكل حروف كلمات الجزع والخوف ، وهي تستمع إلى الخادمة عن القس الذي أتى واخبرها بأن سيدتها طلبت منه الانتظار لحين حضورها ، وأن ملابسه الكهنوتية لم تدع الشكوك تقترب من رأسها ، وسمحت له باصطحاب الطفل إلى حديقة المنزل للإستمتاع بشمس اليوم الدافئة ، لكنها عندما خرجت لم تجدهما وبحثت عنهما في المنطقة المحيطة ، لكن الجارة القريبة منهم أخبرتها أنها شاهدت قساً يستقل سيارة كانت واقفة على الجانب الآخر ومعه الطفل .أسرعت نحو الهاتف لتستدعي الشرطة .                                        

**********

 

دق القس ميخائيل باب البيت الذي يبدو كقصر من القصور الأثرية ، فخامته تنبيء عن ثراء صاحبه ، فتحت الباب خادمة تكشف ملامحها الأسيوية أنها لا تجيد الحديث بالعربية ، ملابسه الغريبة والطفل الذي بيده أثارا دهشتها ، لكنه بادر بسؤالها عن مخدومها " حامد البستاني " ، دعته للدخول والانتظار حتى تخبر مخدومها ، نظرة دهشة لا تقل عن الدهشة التي بدت في عيني الخادمة عندما وقع نظر حامد البستاني على القس ميخائيل والطفل الذي يجلس بجانبه ، أطلق بعض عبارات الترحيب وبدت فوق شفتي القس ميخائيل ابتسامة ، مر بعض الوقت لم ينبس خلاله أحدهما بكلمة ، إلا من نظرة مستطلعة من عين حامد البستاني يرسلها إلى وجه القس ميخائيل ، إزدادت الإبتسامة فوق وجه القس ميخائيل ، وبحركة تبدو وكأنها عفوية أزاح العمامة من فوق رأسه ووضعها فوق المنضدة ، حدق حامد البستاني في وجهه ، نهض واقترب منه وكأنه لا يصدق ما يراه ، أرسل ضحكة ملأت القاعة وهو يردد مستحيل ، مستحيل ، نجيب العزيزي في ملابس قس ، آخر شيء يمكن أن يصلح لك ، نهض نجيب العزيزي وتعانق الرجلان ، تلاشت الدهشة بعض الشيء ، جلس الإثنان وقال حامد البستاني ضاحكاً :                                      

_ ثلاث عجائب كل واحدة تفوق اختها غرابة ، نجيب العزيزي يرتدي ملابس قس ، والثانية المرة الأولى التي تحضر فيها إلى كاليفورنيا ، والثالثة هذا الطفل الذي أتيت به في يدك !! .                                                                                  

ضحك نجيب العزيزي قائلاً :                                                              

_ لن أدعك للعجب كثيراً ، ملابس القس هي المخرج الوحيد الذي كان أمامي ، وسأحكي لك بالتفصيل كل شيء ، ووجودي في كاليفورنيا تعليلة أن للظروف أحكام وستعرفها أيضاً ، اما هذا الطفل الجميل فهو ابني من زوجتي " لوسي الصنباوي " بنت رجل الأعمال " هاني الصنباوي " التي تزوجت بها هنا .                                                  

قال حامد البستاني وفوق وجهه خطوطاً من الأسف :                                     

  _ أعتقد أنني فهمت بعض الشيء لكن هذا لا يمنع أن استمع إلى التفاصيل ، لا أنكرك أنني أسفت على ما سمعته وقرأته بالصحف على ما فعلته بزوجتك الطيبة ، لقد رأيتها مرة واحدة أثناء زيارة لها لأمريكا ، وقرأت على وجهها أكثر بكثير من الإشادة بها التي جاءت بالصحف .                                                                               

قال نجيب العزيزي بصوت يحكمه الأمر الواقع وشيء من الندم :                        

_ وأنا لا أنكر أنني أسفت أنا أيضاً ، يد الشيطان دفعتني دفعاً للقيام بفعلتي التي ندمت عليها بعد ذلك ، أعترف بأنني كنت أود ألا تنكشف جريمتي على اعتبار أن ما حدث قد حدث ، ولن يفيد بشئ حبل المشنقة الذي كاد أن يلتف حول عنقي بعد إبلاغ القس ميخائيل عن اعترافي له .                                                                          

_ ما أراه أمامي يقول أن ملابس القس هي التي مكنتك من الهرب ، وأيضاً أنه لا يزال برأسك بعض الخطط التي قد تكون مخالفة للقانون ، فلا أعتقد أن زوجتك أسلمتك الطفل بمحض إرادتها !! .                                                                      

_ ما تقوله هو الحقيقة ، لكن دعني أنقل إليك ما حدث بالضبط يا صديقي العزيز ، أنت الوحيد الذي أثق فيه الآن ، إلا إذا سلكت مسلك القس ميخائيل ، هو تجرد من ملابسه الكهنوتية وأبلغ عني ، وأنت تتجرد من صداقتنا الطويلة وتكرر ما فعله القس ميخائيل .

قال حامد البستاني وفوق وجهه ابتسامة حزينة :                                         

_ أَلتمس العذر للقس ميخائيل ، من المؤكد أن ضميره انشق بين أمرين ، إما أن يصمت من مبدأ أن واجبه الديني يحرم عليه البوح بأي سر لمعترف على يديه ، وإما أن يضحي بخدمته الدينية ليبلغ عن فعلتك ويريح ضميره ، واختار أن يكون هو الخاسر لإرضاء ضميره وتنازل عن رتبته الدينية ، لكن بالنسبة لي فاطمئن ، الصداقة التي قاربت الإخوة بيننا ستقف كمصد أمام أي تفكير قد يؤذيك ، وأيضاً أنا لست ناكراً لوقوفك بجانبي وقفة الأخ عندما كنت على وشك الإفلاس ، فقط أرجوك أن تتريث في خطواتك ولا تكن مندفعاً فتؤذي نفسك قبل أن تؤذي غيرك .                                                                            

قال نجيب العزيزي :

_ دعني أولاً أُسمعك ما حدث بالضبط حتى وجودي أمامك الآن . القس ميخائيل حكم علىَّ بالسجن المؤبد عندما أبلغ عني ، نعم هو الذي حكم علىّ ، كان من المستحيل توجيه التهمة لي بعد أن أثبت وجودي بالإسكندرية ليلة وقوع الجريمة ، هذا علاوة على أنه لم تتجه الشكوك نحوي مطلقاً .                                                              

_ القس ميخائيل قام بواجبه .

_ واجبه الديني يعفيه من هذا الواجب ، ليس من حقه كرجل دين أن يبلغ عني بعد اعترافي له .

_ لهذا ضحى تضحية كبيرة وتخلى عن رتبته الدينية ليتمكن من الإبلاغ عنك .

_ ولماذا إذا كان في حل أن لا يفعل هذا ؟! .

_ هل نسيت ضميره الإنساني وحق المجتمع الذي يعيش فيه  والقانون الذي يلجأ إليه للحصول على حقه ، هو  أيضاً يطالبه أن يقوم بواجبه نحوه ، لا تتضايق من قولي ، أن القس ميخائيل تصرف بصواب ومثالية لا توجد عند الكثيرين ، ولهذا كما أخبرتني أعادته القيادة الدينية إلى خدمته مثنية على ما فعله .                                            

ضحك نجيب العزيزي قائلاً :

_ يبدو أنني سأحتاط لنفسي منك فقد توشي بي أنت أيضاً .

ضحك حامد البستاني بدوره قائلاً :

_ لا ، لا تخشاني ، لقد خالفنا ضمائرنا كثيراً في عالم رجال الأعمال ، ولن يضير الضمير مخالفة أخرى .

قال نجيب العزيزي :

_ السؤال الذي تحول أمامي إلى علامة استفهام في حجم جبل من المرارة ، ماذا ستفيدك يا نجيب كل أموالك ومشاريعك وأعمالك ؟! في كل مكان أموال في البنوك بجميع أنواع العملات ، بماذا ستفيدك بعد خمسة وعشرين عاما ، ستقضيها خلف القضبان ؟! ستخرج إلى العالم وأنت متهدم ، حتى الأسنان ستفقدها فلا تستطيع أن تأكل في أكبر المطاعم العالمية التي اعتدت عليها ، ماذا سيتبقى لك من سنوات العمر ، الأفكار السوداء عن النهاية أسدلت ستاراً قاتماً أمام عيني ، خسارة بالجملة ، الأسرة في مصر وفي أمريكا ، والمال المبعثر بين البنوك والمشاريع والأعمال ، والشهرة والمجتمع ، النزوات التي كانت كمشهيات جميلة على مائدة الحياة ، كل هذا ضاع ولم أعد سوى نزيل زنزانة و بدلة السجن الزرقاء ، حتى اسمي تلاشى ولم أعد سوى رقم داخل أسوار لن أتخطاها إلى بعد أن تصبح العصا ساقاً ثالثة لي .                                                           

قال حامد البستاني ضاحكا :

_ وبالتأكيد كل هذا الفكر أورق بداخلك وامتدت أغصانه ، وأثمر عن فكرة الهرب لتنقذ نفسك من الموت وأنت حي داخل زنزانة حتى لو كان قضبانها من ذهب .

أجاب نجيب العزيزي وهو يهز رأسه مبتسماً :

_ أعتقد أن هذا هو نفس تفكيرك لو كنت مكاني ، قد تختلف الظروف ، أو الأسباب ، لكنني متيقن من أن معظم الذين  يعملون في المال ، لا يستسلمون لقصقصة أجنحتهم التي يطيرون بها في كل اتجاه . وهذا ما حدث معي . الأسبوع الأول داخل الزنزانة كنت أنظر كل يوم في المرآة ، وأبدأ بضحكة وأنا أقارن صورة رجل الأعمال وهو يرتدي أحدث الأزياء العالمية وصورة السجين ببدلتة الزرقاء ، ثم تتقلص خطوط الضحكة وتنكمش  ، وتنقلب السخرية إلى ألم يعتصر قلبي بيد من حديد ، ودموع نارية أحسها تحفر طريقاً فوق وجهي وتتساقط فوق أرض الزنزانة الأسمنتية ، ليست دموع الندم على ما اقترفته يداي ، ، دموعي لم تكن سوى رفض لواقع وصورة رجل الأعمال الشهير السجين خلف خمسة وعشرين عاماً ، رفضت أن أكون ضحية للشيطان الذي دفعني لقتل زوجتي ففقدت هي الحياة وفقدت أنا حريتي. بدأت مشاوراتي مع مدير إعمالي الذي أثق فيه ثقة عمياء ، ويدين لي بكل طاعة ، قد تكون طاعة وليدة الشبع من كل خيرات الدنيا الذي غرق فيه هو وأسرته من وراء العمل معي ، يساعده على ذلك ضمير قابل للإتساع دائماً . وكلت إليه إغماض عين كل من بالسجن بداية بالبوابة إلى أكبر مكتب به ، والمقابل تعاطف الجميع معي كمظلوم أتى خطأ إلى هذا المكان ووجب الترفيه عنه ، مدير أعمالي كان يأتي في أي وقت لزيارتي محملاً بالخيرات لي ولهم ورشوة مالية لا يستهان بها توضع على مكتب الريس الكبير.                                                                              

......
 

إدوارد فيلبس جرجس

edwardgirges@yahoo.com

**********************

 

أخبار متعلقة :