أكتب هذا وباب التصويت للمقيمين في الخارج في الانتخابات الرئاسية المصرية قد بدأ.
لا أجد أنني في حاجة لأن أكتب شيئاً في إنتخابات نتيجتها محسومة سلفاً، لا يوجد منافس حقيقي أمام الرئيس السيسي، فأمامه رجل لا يعرفه معظم المصريين ولم يسمعوا به من قبل، والأكثر أنه هو نفسه يؤيد السيسي ولا ينتقده في أي شيء، إذن لماذا رشحت نفسك؟ ولذلك فقد إبتكر كاتب الأهرام المعروف الاستاذ مصطفي السعيد تعبير "الاستفتخابات" ليعبر عما يحدث، ثم عرف الكلمة قائلاً أنها "اختراع جديد يجمع بين سوءات الإستفتاءات والإنتخابات وتنفرد به مصر."
لا يوجد أحد يشك في نتيجة الإنتخابات لأنه لا توجد منافسة حقيقية، ولذلك أستغرب من ينهكون أنفسهم سواء في الدعاية أو في الحشد أو في التعبئة وكأننا أمام معركة هائلة غير معروف نتائجها، فللجميع أقول الهدوء من فضلكم، وليتكم توجهون جهودكم في أمر يحتاجها فعلاً وليس في أمر محسوم سلفاً.
الثورة الدينية المنتظرة
من يريد أن يبذل جهداً في قضية ومعركة حقيقية إذن فليبذله في المعركة من أجل إشعال الثورة الدينية التي طالب بها الرئيس السيسي في بداية عهده منذ أربع سنوات ولم تبدأ بعد.
وقد كتبت في هذا الموضوع عدة مرات من قبل ولكني لن أمل من الكتابة فيه لأنه لم يبدأ بعد، ولأنه يمثل أهم قضية مصيرية تواجه مصر اليوم. فكل المشاريع والطرق والإنفاق المدن الجديدة لن تجدي شيئاً لو لم تحدث الثورة الدينية في مصر لكي تنقذ المصريين من الفكر الرجعي البائس الذي سمحت له دولة مبارك أن يستشري كالسرطان في الجسد المصري، ومازال حتي اليوم بلا رادع أو أية محاولة لإيقافه.
أما السبب الآخر انني اكتب عنه اليوم فهو ما حدث من تعليقات غريبة من الكثير من المصريين بعد وفاة العالم الأمريكي والعالمي الأشهر ستيفن كنج في الأسبوع الماضي.
وقت قد كتبت فور سماعي بخبر رحيل العالم الكبير ما يلي:
رحل واحد من أهم العلماء أنبياء العلم، ستيفن هوكنج، بعد أن نزع قشرة جديدة مما يغطي معرفتنا بالكون،
في طفولة البشرية، كان الفلاسفة والأنبياء هم المبحرون الأوائل في بحار المعرفة، يرجعون لنا بما تمكنت شباك إجتهاداتهم من اصطياده من أسماك المعرفة وأعشاب الحكمة ورسالات الهداية، ثم تطور العقل البشري وتوصل إلي أساليب التفكير العلمي فاكتشف أن الكثير مما قاله القدماء وفسره الدعاة والكهنة ليس صحيحاً، وعرف أن الأرض هي التي تدور حول الشمس وليس العكس، ودفع العلماء ثمنا باهظا لتحديهم الخرافات وكشفهم لها، والآن نعرف قيمة العلماء في كشف أسرار الكون والطبيعة والإنسان والحيوان والحشرات والحياة بشكل عام، شكراً لكل من حاول السير في طريق المعرفة حتي لو أخطأ.
فإلي نجمة من نجوم الكون البهي تسكنها وتسكنك يا ستيفن هوكنج، يامن قهرت مرضك بعقلك، ونحن ما زلنا نحاول.
من يسأل هل ذهب ستيفن كينج الجنة أم النار مصيره هو، أي السائل، النار حتماً لارتكابه خطيئة الجهل والكفر بأنبياء العصر وكان كينج أحدهم، فحقيقة أن ستيفن كينج هو أحد أنبياء العصر هي من المعلوم من العلم بالضرورة وإنكار هذا المعلوم بالضرورة يلقي بصاحبه بالضرورة في آتون الجهل أي النار.
لا يوجد شعب آخر كان أهم سؤال عنده بعد وفاة ستيفن كونج هو حايروح الجنة ولا النار؟
مجرد طرح السؤال يدل علي أمية تعليمية وثقافية تستدعي ثورة تعليمية فورية، ولكن شبه الدولة لا تستثمر في التعليم.
د. مراد وهبة
وعن الثورة الدينية أيضاً أقول أنه رغم مطالبة الرئيس السيسي بثورة دينية فيبدو أن لا أحد في مصر يرغب أو يقدر أو يعرف كيف يمكن أن نبدأ مثل هذه الثورة. ولكن أستاذنا المفكر الكبير د. مراد وهبة يقول أنه يعرف كيف يمكن أن تبدأ مثل هذه الثورة الدينية، ولذلك يمكن للرئيس السيسي أن يستفيد من خبرة دكتور مراد في هذا الشأن بشكل مناسب.
أما فكرته فهي أن حركة التنوير في أوروبا جاءت تأسيساً علي أفكار إبن رشد في القرن الثالث عشر، وأن الغرب قام بإحياء أفكار إبن رشد بينما قمنا في الشرق بدفنه وتكفيره وحرق كتبه، ويقول أن ما يحتاجه الشرق العربي للقيام بثورة دينية هو إحياء فكر إبن رشد بشكل فعال.
امامنا إذن طريق واضح لإشعال الثورة الدينية الضرورية في مصر، فهل نبدأ؟
كيف تفكر لكي لا تتعصب
أقرأ حالياً كتاب "كيف تفكر" لمؤلفه الاستاذ الجامعي ألان جيكوبز، وفيه يستعرض الأسباب التي تمنعنا من التفكير السليم، منها خاصية الإنتماء إلي جماعة سواء سياسية أو دينية والرغبة في ألشعور بالأمان بين أعضائها وبالسعادة في مشاركتهم مشاعرهم واتجاهاتهم وأفكارهم، فنقبل كل ما تقوله الجماعة ونهاجم كل ما يقوله الخارجون عنها، في مصر "الاخوان" جماعة بالطبع، ولكن كذلك كل المنتمين إلي جماعة أخري دينية، كطائفة، أو مذهب، أو جماعة سياسية كحزب، أو تيار، أو حركة، أو زعامة، فنجد أعضاء هذه الجماعات يميلون إلي سهولة إعتناق وترديد فكر الجماعة بدلا من صعوبة التفكير خارج هذا الفكر.
من الأجزاء الملفتة في الكتاب تعرضه لظاهرة وجود أشخاص في حياتنا نعرف أنهم معتدلين وعاقلين وأذكياء ثم نفاجيء بأنهم يقولون شيئاً صادماً، أو فكرة تبدو بالغة القسوة والفظاظة، فنستغرب كيف لإنسان عاقل ومعتدل وطبيعي أن يحمل هذا الفكر البشع أو العنصري أو الخرافي أو الغبي؟
فهل هذا يعني أن كلنا متعصبون أو عنصريون بدرجة ما؟
في الحقيقة نعم بدرجة ما، لأن الانسان بالغريزة ينتمي لجماعته ويحتمي بها ويعادي ما ومن هو خارجها في نوع من حماية البقاء، ولكن هذه الدرجة في الانسان السوي تكون قليلة وتحت السيطرة، ولكن في الإنسان المتعصب بالسليقة والمزاج والجهل تكون درجة الإنتماء للجماعة والتصعب لها عالية وقد تؤدي إلي العدوانية ضد الآخر كما نري في الظاهرة الداعشية وقبلها الجماعة الاخوانية وقبلها معظم الجماعات السياسية كالماركسية أو المذاهب الدينية التي تحارب بعضها بعضاً حروباً فكرية تنتهي إلي حروب فعلية كما حدث ويحدث بين ألسنة والشيعة في الاسلام وبين البروتستانت والكاثوليك في المسيحية.
حتي نتجنب الوقوع في براثن التعصب لجماعة تؤدي بنا إلي الانغلاق السياسي أو الديني ومعاداة ومحاربة الآخر ممن هم خارج جماعتنا علينا أن نمتحن ما نؤمن به ونعتقده طول الوقت، ونضع كافة معتقداتنا الإيديولوجية سواء سياسية أو فكرية أو دينية تحت مجهر العقل الانساني والمنطق الفاحص والفطرة السلمية، فحتي الأديان تقول أنها في عناق، وليس في حرب، مع الفطرة السليمة المعتدلة والوسطية في الانسان، وأن ما تحاربه وتنهي عنه هو الإنجراف وراء شهوات وتصرفات متطرفة غير سوية.
فمتي كانت آخر مرة قمت فيها بالفحص الجدي والجريء لما تعتقده من موروث ولما تأخذه عن الجماعة التي تنتمي إليها سواء بوعي أو بدونه؟
سؤال يستحق إجابة من كل إنسان عاقل.
تفسير الأطفال لقصص العهد القديم
كنا نقوم بواجب العزاء في شقيق أحد اصدقائنا وجلسنا بعد إنتهاء الصلاة في قاعة الكنيسة السفلية مع مجموعة من الحاضرين، ودار الحديث عما يحدث من الآباء الكهنة، فقال احدهم أن القسيس فلان قال في حديثة للشباب الذين كانوا يسألون مستغربين بعض أحداث العهد القديم التي يريدون أن يعقلوها بعقولهم، قال لهم أنه يمكنهم اعتبارها رمزية، فهاجمه الكثيرون قائلين أن الإيمان المسيحي هو أن كل ماجاء بالكتاب المقدس كان واقعاً تاريخياً أيضاً وليس روحياً فقط.
ودار الحديث عن الشباب وخاصة هنا في أمريكا الذين لا يقبلون كل ما يتعارض مع العقل والعلم، فحكي لنا أحد الآباء ما حدث من إبنه الطفل، فقال أن الصبي سمع في مدارس الأحد الاستاذ يقص قصة خروج اليهود من مصر تابعين موسي النبي، والقصة كما وردت بالعهد القديم أنه شق البحر الأحمر نصفين وعبر عشرات الألاف من اليهود علي اليابسة التي ظهرت في منتصف البحر، ثم عاد البحر إلي حاله بعد عبورهم.
ولما وصل الصبي البيت بعد الكنيسة سألته أمه ماذا تعلمت اليوم؟ فقال اتعلمت النهاردة قصة خروج اليهود من مصر، وانهم عندما وصلوا إلي شاطيء البحر الأحمر استخدموا طائرة هليوكبتر راحت تنقلهم إلي الضفة الاخري من البحر ثم تعود وتنقل غيرهم وهكذا حتي انتقلوا كلهم إلي سيناء،
فقالت الأم مندهشة، وهو ده كلام معقول يا ابني؟ ده ما كانش فيه طيارات هليوكبتر وقتها، فقال لها ابنها، انتي شايفة ده مش معقول؟ أمال لو قلتلك الحكاية زي ما قالهالنا الاستاذ حاتقولي إيه؟
أخبار متعلقة :