بوابة صوت بلادى بأمريكا

عبد السلام بدر يكتب: الشعب الأصيل ... يرُدُ الجميل ..

طوّق أعناق المصريين بجميل غالي الثمن .. وربما دون أن يكون في حساباته أن يجسّد المثل الشهير " اللي يقدم السبت يلاقي الحد قدامه " .. واظنه أيضا لم ينتظر أن يكون ( الأحد ) حباً جارفاً والتفافاً رائعاً حوله من شعب يعرف دوماً كيف ومتى ينتفض ، ولمن يعطي حبه وبذله في أوقات الشدائد ليتخطّى كل الصعاب في طريق آماله وطموحاته ..

كان ( السبت ) الذي قدمه ابن مصر الوفي هو مستقبله في منصب رفيع إيماناً منه بأن وطنه الذي وُلد وتربّى على ترابه هو وطن جدير بكل تضحية .. هذا هو " عبد الفتاح السيسي " ذلك الصبي الذي حدّد طريقه مختاراً ليكون طالباً في الثانوية الجوية عندما ذاق في حلقه الصغير مرارة الهزيمة لجيش بلاده .. التحق بعدها بالكلية الحربية ليصبح ضابطاً في القوات المسلحة المصرية لافتاً أنظار قادته ومعلميه بذكائه وإخلاصه وحبه الشديد للجندية الذي ظهر جليّاً في انضباطه ودقة التزامه فيما يُسنَد اليه من أعمال .. مما جعله يصل الى رئاسة إدارة المخابرات العامة والاستطلاع وهو برتبة لواء عندما جرت أحداث 25 يناير 2011 على النحو الذي يعلمه الجميع كلُ بما أتيح له من معرفة وثقافة .. غير أن " السيسي " كان يرى تلك الأحداث بعين أخرى بحكم موقعه وبما توفر لديه من معلومات مؤكدة حددت أفكاره بوضوح ورسمت صورة حقيقية لكل ما يحاك لمصر من مؤامرات وما يهددها من مخاطر ..

على أية حال .. بعد فترة انتقالية أدار فيها المجلس الأعلى للقوات المسلحة شئون البلاد وصلت ( جماعة الاخوان ) لحكم مصر واستطاعت خلال عام أن تعرّض البلاد إلى كثير من الانهيار في أغلب المجالات وكانت في طريقها إلى الدمار الشامل بل جعْل مصر بلداً من الماضي ، لاحاضر له ولا مستقبل .... 
ولكن رحمة الله بشعب مصر بوصول الفريق أول " عبد الفتاح السيسي " لمنصب وزير الدفاع وإطلاعه على مايجري في دهاليز قصر الرئاسة بتعليمات من مكتب ارشاد الاخوان قدّر حجم الكارثة المتوقعة .. ولنتوقف هنا قليلا عند هذا المنصب الكبير الذي لم يكن حلماً يراوده ولم يكن يدري أن مشيئة الله تُعدّه وتؤهله لما هو أكبر من هذا المنصب وأهم .. إذ كان من الممكن أن يعمل جاهدا على الاحتفاظ لنفسه بذلك الموقع إلى أن يحال إلى التقاعد ان هو ظل حامياً ومدافعاً عن نظام الاخوان .. لكن ما كانت العقيدة القتالية للقائد أو الجندي المصري هكذا يوماً ولن تكون .. فالجيش المصري عيْر تاريخه الطويل هو جيش الشعب ، خرج أبناؤه من أرحام الأمهات المصريات ليحمي أمه الكبرى مصر ، ويذود عن أراضيها من كل معتدٍ غاشم ،ويمنع الأذى عنها من أي عميل بالداخل ..

عندما رأى " السيسي " أن حكم الاخوان يجر البلاد إلى كارثة حقيقية أيقن أن الله اختاره لهذا اليوم ليكون المنقذ والمخلّص للبلاد من الضياع ، فأخذ قراره دون تردد أن يكون في صفوف الجماهير الرافضة لهذا الحكم الذي باع قادته ضمائرهم وتخلوا عن مصريتهم في سبيل أطماع شخصية ، ورغبات مكبوتة تأججها عقيدة مشوشة وأفكار مسمومة لا أساس لها من دين ..

أعلن هذا القائد الشجاع موقفه جلياً دون لبس .. لا لبيع الوطن .. لا لتقسيم مصر .. لا لأخونة مؤسسات الدولة العريقة .. لا للإنصياع والتبعية للدول المعادية لمصر .. لا للإرهاب بكل أشكاله .. فكانت ( لا) هي الجميل وهي ( السبت ) الذي قدمه لبلاده مضحياً بمنصبه الرفيع بل بما هو أغلى من المنصب وهل بعد الروح ثمن ؟

استطاع " عبد الفتاح السيسي " " أن ينهي حكم ( جماعة الاخوان ) في 3 / 7 / 2013 كما أنهى " جمال عبد الناصر " حكم الملك والانجليز بثورة يوليو 1952 لذلك رأى المصريون " جمال " يُبعث من جديد باسم " عبد الفتاح " .. فخرجت الملايين من الشعب التي أذهلت العالم في مشهد لم ير مثيلا له مطالبة برحيل دولة الاخوان مانحة للقائد البطل تفويضا بمحاربة الارهاب وكان المعنى المرادف هو المطالبة بأن يكون" السيسي " رئيساً للبلاد وزعيما لهذا الشعب الذي يصنع المعجزات اذا التف حول قائد منه ويكون له ملهماً يتقدمه نحو الغاية والهدف ..

تردد الرجل كثيراً وطال تفكيره في قبول هذا الأمر ..ولكن كانت المطالبة به رئيساً تزداد كل يوم وتعلو نبرتها لتصل لدرجة الالحاح مما جعل شعوره بضرورة الاستجابة للمطلب الشعبي وتلبية النداء واجباً وطنياً .. فقبل الترشح وخاض معركته الانتخابية بكل شرف ونزاهة ، لم تصدر عنه جملة بالتلميح أو التصريح تسئ إلى مناقسه ..لم يقدم وعودا براقة يخدع بها الناس ليحصد أصواتهم ، لم يعزف على أوتار الأوجاع للبسطاء ( كما يفعل الآخرون ) بل كان الصدق والشفافية هما برنامجه ، وكان حشد الهمم والحث على العمل الشاق هو شعاره .. وكان ما قدمه من انحياز وانتصار لارادتهم هو " السبت " .. لذلك كان الحب الذي حازه واحتله في قلوب المصريين واختيارهم له بمثابة " الأحد " تعبيرا عن رد الجميل .. .

وباختيار " عبد الفتاح السيسي " رئيساً لمصر باتت عواصم العالم ليلة لا تًنسى .. فالغالبية من العواصم العربية والصديقة أعربت عن فرحها وارتياحها .. أما من يضمر الشر لمصر ومن لا يخلص النوايا تجاهها من الدول فقد جعل رؤساءه وقادته يتساءلون : " كيف سنتعامل مع ناصر الجديد " 
ولا أستبعد أن يكون العالم كله بدأ في إعادة حساباته والنظر في طبيعة علاقاته بمصر طبقا لما رسمه من ملامح شخصية الرئيس الجديد .. 
أما المصريون فقد كانت ليلة الانتهاء من التصويت الانتخابي الكاسح بداية أفراح ممتدة تغمر قلوبهم .. كما تولد لديهم شعوراً بعودة العزة والكرامة .. والاصرار على مواصلة الجهد في طريق تحقيق خارطة المستقبل من بناء وعطاء ورفاهية بإذن الله ....

 

أخبار متعلقة :