بوابة صوت بلادى بأمريكا

ضحى أبوالفتوح يكتب : التفكك الأسري

تعد مشكلة التفكك الأسري من أكثر المشكلات الشائعة خلال عصرنا الحالي وتفاقمت بشكل كبير مؤخرا ، مما أدى ذلك إلى حدوث انعكاسات سلبية على الأسرة بشكل خاص والمجتمع بشكل عام من كافة النواحي سواء اجتماعية أو نفسية أو تربوية أو اقتصادية أو أمنية، مما شهد ذلك وضوح فجوة كبيرة في القيم الإنسانية والأخلاقية، وينبغي إنقاذ ما يمكن إنقاذه من التصدع الحادث الذي نتج عنه ضياع وتفكك واهتزاز أمان واستقرار الأسر، ومحاولة المحافظة عليها من الأمراض والعقد النفسية وحفظ سلامهم النفسي والامني.
 ولابد من تسليط الضوء بشكل كبير على تلك المشكلات لأنها تؤثر على المجتمع خاصة في ظل التطورات التكنولوجية التي انعكست على الأسرة ووظائفها فظهر ازدياد في معدلات الانحراف والبعد عن قيم وعادات المجتمع، بالإضافة إلى ذلك ارتفع غياب دور الوالدين في الرقابة والتوجيه ومتابعة أولادهم ولذلك نستعرض أهم العوامل والأسباب التي تؤدي إلى تفكك الأسرة ونضع بعض الحلول محاولة منا في تقليص حجمها وإن كان بشكل نسبي .
أسباب و عوامل التفكك الأسري
تتنوع الأسباب وتختلف العوامل التي تؤدي إلى حدوث عملية التفكك الأسري نذكر منها لنتمعن في إيجاد حلول تكاد تكون أقرب إلى الحلول الجذرية، وحتى يقع الاختيار الاكثر صوابا وليتم تفادي الأسباب.
تتمركز العوامل الاخلاقية والاجتماعية حول أساليب القيم والعلاقات والمعتقدات، بالإضافة إلى المحاور التربوية عند الطرفين.
في حين أن العوامل النفسية والعاطفية تتمثل في عدم الشعور بالأمان والاستقرار والطمأنينة بجانب الطرف الآخر فيؤثر بشكل كبير على الأسرة ويؤدي إلى تفكيكها.
العوامل التعليمية والثقافية لأن انخفاض المستوى التعليمي عن طرف دون الآخر يمنح ذلك الأطفال امتصاصها لقيم غير مرغوب فيها تؤدي إلى خلافات أسرية تؤدي إلى انهيارها. وكذا انخفاض المستوى الاقتصادي يمكن أن يقود إلى نقص القيم في الأسرة فينعكس على الطفل برغبته في عدم الارتباط بهذه القيم مما ينتج انحراف كلي ينعدم عن الطفل حينها الولاء. 
بينما تتمثل أهم أسباب تفكك الأسرة هو صراع الأدوار ويكون عبارة عن تنافس كل من الزوجة والزوج لأخذ كل منهما مكان الآخر، وحتى أكون منصفة في هذا الأمر العديد من الزوجات يكون الصراع أوضح مقارنة بالأزواج واخصص هنا على وجه التحديد أغلب الزوجات التي  تقوم بالعمل خارج منزلها حيث أنها تسعى وبشكل جاهد في أن تكون هي قبطان السفينة وهذا بالطبع مخالف لطبيعتها وفطرتها كأنثى ، فينتج عن ذلك الكثير من المنازعات المتكررة سواء كانت في أمور كبيرة أو صغيرة فيمهد ذلك الطريق لحدوث التصدع والتفكك الأسري داخل الأسرة، وهذا بناء على العديد من الدراسات النفسية لأنها أكدت وبينت الأثر السلبي لهذا الصراع على استقرار وامان الأسرة. 
وفي نظري تعد من ثاني أكثر الأسباب التي تؤدي إلى التفكك الأسري هو وسائل الاتصالات الحديثة في المجتمع المعاصر لأنه بالرغم من الإيجابيات إلا أنها تحتوي على سلبيات عديدة إذا تم الإفراط في التعامل معها لأن تسبب في إعاقة قيامهم بالمهام والمسؤوليات الأسرية، وتناقص التواصل الأسري، فيؤدي ذلك إلى نقص التوافق في الصحة النفسية.
 وأشير إلى الحضور الغائب سواء كان بالنسبة إلى دور الأب أو الأم، فالأم الحاضرة الغائبة التي تنشغل عن أداء مهامها بأمور أخرى سواء في حق بيتها او تربية أطفالها او زوجها.
 كذلك الأب الحاضر الغائب الذي يقوم بقضاء اغلب وقته خارج المنزل ويقع على رأسهم رجل الأعمال الغارق في عمله الذي يقضي وقته في متابعة تجارته وعمله ليلا ونهارا، سواء اجتماعات أو سفريات وينشغل بالعمل دون منح أسرته نفس هذا الاهتمام فتبدأ الخلافات والمشاكل والتي بالتأكيد تؤثر بشكل سيئ إلى الأطفال فيندفعون ويهربون من الأب والأم إلى أشخاص آخرين فيصبحون فريسة سهلة لأهل السوء فيكون مصيرهم الانحراف بكافة طرقه.
 
 
 آثار التفكك الأسري 
كأس المعاناة يفيض بداخلي عندما اشاهد أو استمع إلى أثر التفكك الأسري، يتمرد عقلي تارة، وتارة أخرى يشعر بعبثية الاشياء من حوله، فلما لا ينسدل وشاح البساطة على جميع أمور الحياة ؟ أليس من الأفضل أن يحل كل شيء محله ونسعى للإصلاح لا للتخريب !! 
من أبرز الآثار التي تنتج عن التفكك الأسري من وجهة نظري هو انحراف أفرادها وخاصة الأطفال فعندما يحدث التفكك الأسري فيكون أول شعور لدى أفرادها هو عدم الأمان الاجتماعي وتحوله إلى إنسان يسعى إلى الحصول على أسرع وأيسر والطرق للحصول على ما يرغب فيه، بدون الاهتمام إلى شرعية الوسيلة التي يقوم باستخدامها في تحقيق أو الوصول إلى هدفه، فيحتمل أن ينحرف الفرد لدرجة الوقوع في سلوك إجرامي، كما يؤثر التفكك الأسري على الأفراد بجعلهم يشعرون دومت بالإحباط النفسي وإلقاء اللوم على المجتمع الذي لم يساعدهم في تهيئة الظروف لعدم حدوث هذا التفكك، فيبدأ في الخروج على القيم المجتمعية والأخلاقية كإعلان عن عدم الرضا الموجود بداخله تجاه المجتمع.
وإذا نشأ التفكك الأسري وكان الأطفال في سن صغير تنشأ بداخله صراعات نفسية نتيجة انهاير حياته الأسرية، ويتولد لدى الطفل دوافع عدوانية تجاه والديه، لذلك لن أتوقف عن قول أن من ضمن اخطر الأمراض الاجتماعية هي التفكك الأسري، ونشير إلى أن كثرة النزاعات بين الزوجين تهدد الصحة النفسية لأفراد الأسرة والمجتمع.
 
 
حلول حول مشكلة التفكك الأسري 
كما ذكرنا سلفا الآثار السلبية على الأسرة والمجتمع نتيجة التفكك الأسري لذلك من واجبنا أن نقترح بعض الحلول ونحاول أن نتفادى العوامل والأسباب التي تؤدي إلى ذلك ونعرض على سبيل المثال لا الحصر: 
_يتطلب على كل من الطرفين معرفة الحقوق التي لهم والواجبات التي عليهم فمن يعرف ما له وما عليه لن يضيع ويمكن الاعتماد على اختياراته سواء في التربية أو الإرشاد أو سعادة أسرته.
_ينبغي على كل فرد الحفاظ على أسرته بكل الطرق الممكنة وأن لا يقوم بتدميرها ويختار أسهل الطرق لحل المشكلة فيخلق العديد من المشاكل الأخرى الكبيرة في المستقبل. 
_على الطرفين السعي إلى كل المشكلة بالتفاهم وأسلوب الحوار البناء القائم على الاحترام المتبادل والابتعاد كل البعد عن العنف والعدوانية لأنه يزيد من حجم المشكلة.
_ يجب أن يكون هناك ترابط بين الزوج والزوجة لكي يتمكنوا من حل خلافاتهم بعيدا عن الأطفال.
_لابد من أن يبتعد الوالدان عن التسلط والعنف خلال تربية أطفالهم، ينبغي أن يتم توعية الأطفال باستخدام التكنولوجيا بشكل صحيح حتى لا يؤدي ذلك إلى التسبب في أي سلوك سيئ للأبناء، بالإضافة إلى ذلك يجب أن يكون هناك لغة حوار بين الآباء والأبناء للتحدث معهم عن خصوصياتهم ومشاكلهم وتقديم الحلول لهم، وتشجيعهم على أن يكونوا مثالا وقدوة حسنة في القيم والمبادئ والأخلاق.
_وجوب طاعة الزوجة للزوج، كما يجب أن تتمسك الأسرة بالتعاليم والمبادئ والقيم الأخلاقية والإنسانية. 
_يجب أن تسلط وسائل الإعلام سواء كانت مرئية أو مسموعة أو مقروءة بالاضافة الى النوادي الثقافية والدعوية والتربوية والجمعيات حيث يجب أن ينادوا بالتوعية بمدى أهمية الأسرة والحفاظ عليها من التفكك والضياع، وكذا توعية المقبلين على الزواج بمدى المسؤولية والجهد المبذول للحفاظ على الأسرة وصحة أفرادها نفسيا واجتماعيا وخاصة ذوي الاعمار الصغيرة. 
 
وختاما ليتم مواجهة مشكلة التفكك الأسري، يجب تعزيز الوعي الاجتماعي بأهمية العلاقات الأسرية ودورها في بناء المجتمع، وكذلك يتم تشجيع الأسرة على التواصل والتفاعل المتبادل والتعاون، وتقديم الدعم اللازم للأسرة في مختلف جوانب الحياة، بما في ذلك الدعم الاقتصادي والاجتماعي والنفسي.
حيث يعتبر التفكك الأسري تحديًا كبيرًا يتطلب التعاون والجهود المشتركة من جميع أفراد المجتمع، لتحقيق الهدف المشترك في بناء مجتمع صحي ومستقر وفي حالة من التقدم والازدهار.

أخبار متعلقة :