بوابة صوت بلادى بأمريكا

د. محمد ضباشه يكتب : لعبة الكبار في مجلس الأمن

 
 
 من المؤكد أن سياسة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن والسلم الدولي لا تكشف عن وجهها القبيح علانية ولكي تحافظ على مصالحها ومصالح حلفاؤها في منطقة الشرق الأوسط  تقف حجر عثرة في أي قرار يصدر لصالح العرب  باللجوء إلى حق الاعتراض أو ما يسمى حق الفيتو ولا تتمتع تلك الدول بالنزاهة والشفافية في أغلب الأحوال، فهي  كالعواصف إن هدأت قليلا تتوقع منها كارثة تحل بقطر من الأقطار العربية في منطقة الشرق الأوسط  ، وتعد أمريكا هي اللاعب الأكبر بهذا الحق خدمة لإسرائيل.
 ومن المفترض أن مجلس الأمن والسلم الدولي جاء لتحقيق الأمن والسلام في العالم وألا يكون قد فرغ من مضمونة وأصبح كيانا كرتونيا لا قيمة له في تحقيق ما أنشئ من أجله،  وهذا الحق قد منح لخمس دول دائمة العضوية في مجلس الأمن هم روسيا والصين والمملكة المتحدة وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وهو حق اعتراض دون إبداء أسباب على أي قرار يقدم لمجلس الأمن حتى ولو كانت الموافقة عليه من أغلبية الدول، فالفيتو يلغي هذا القرار نهائيا .
 وتؤكد الأحداث أن حق الفيتو ساعد الولايات المتحدة الأمريكية على تقديم أفضل دعم سياسي للكيان الإسرائيلي وذلك بإفشال صدور أي قرار من مجلس الأمن يلزم إسرائيل بضرورة وقف احتلال الأراضي الفلسطينية ووقف أعمال العنف ضد الشعب الفلسطيني أو يدين إسرائيل باستخدام القوة المفرطة في حرب لبنان عام 2006 والحرب على قطاع غزة عام 2008 ،   2021 وقد أدى ذلك إلى الشك في مصداقية الأمم المتحدة بسبب الفيتو الأمريكي- موسوعة ويكيبيديا) ولم يتوقف هذا العدوان حتي يومنا هذا فقد شاهد الجميع ممارسات جنود الاحتلال في استخدام العنف والقوة ضد المعتكفين في المسجد الأقصى في شهر رمضان الكريم. 
 والسؤال الذي يطرح نفسه في ظل غياب الشفافية والكيل بمكيالين في قرارات هذا المجلس لماذا لم تحل المشكلة الفلسطينية منذ عام 1948 وحتى الآن؟   الإجابة هي لعبة الكبار المتمثلة في حق الفيتو الأمريكي أو العصا السحرية التي تعرقل أي قرار يصدر لصالح العرب ضد إسرائيل وهو بمثابة الضوء الأخضر لدولة الاحتلال كي تفعل ما تشاء دون تطبيق للقانون الدولي والالتزام بقرارات  الشرعية الدولية وإنهاء الاحتلال .
 ومما يؤكد انحياز أمريكا لإسرائيل وأنها دولة بعيدة كل البعد عن الديمقراطية والسلام ما قام به الرئيس دونالد ترامب بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس المحتلة وقيامه بإصدار قرار بضم هضبة الجولان السورية إلى إسرائيل ومجلس الأمن لا يحرك ساكنا وتشير الإحصائيات أن أمريكا استخدمت حق الفيتو ضد قرارات لصالح فلسطين 43 مرة لخدمة إسرائيل وكان أخر استخدام له منذ عامين ضد مشروع قرار تقدمت به مصر يرفض إعلان ترامب القدس عاصمة لإسرائيل  .
 ولذلك بات من الواضح أن مجلس الأمن لم يقم بالدور المنوط به وأن حق الفيتو تم إساءة استخدامه من قبل أمريكا ضد الحقوق العربية المشروعة ولذا يجب إعادة هيكلة هذا المجلس وإلغاء هذا الحق من جميع الدول دائمة العضوية فيه وإلا سنظل محلك سر  لا خطوة تدفعنا للأمام لتحرير فلسطين والجولان السورية والأراضي اللبنانية المحتلة  وعودة حقوقنا المنهوبة.
 والسؤال الأخير هل انعقاد مجلس الأمن لحل أزمة سد النهضة بين إثيوبيا ودول المصب حل المشكلة وحافظ على الحقوق التاريخية لتلك الدول من مياه النيل وإلزام إثيوبيا بعدم القيام بأي إجراءات أحادية دون التنسيق مع مصر والسودان أم أن الأمر انتهي بالتخاذل إلى واعادة الملف إلى التفاوض برعاية الاتحاد الأفريقي الذي فشل هو الآخر، ويبدو أن القادم أسوء بخصوص هذا الملف ومن المحتمل نشوب حرب بين دول المصب ودولة المنبع سوف تؤثر بالسلب على كل دول الشرق الأوسط وتكشف الوجه الحقيقي للمجتمع الدولي ومجلس الأمن.
 
* د. محمد ضباشه
عضو اتحاد كتاب مصر

أخبار متعلقة :