لم يكن يتبادر لذهني حينما أتصل بي أحد أفراد هيئة الرقابة الإدارية في مصر ليخبرني بأنني مدعوة للمشاركة في دورة القيادة للمتميزين التي تعقدها الهيئة أنني سوف أمر بتجربة تحمل لي نقلة نوعية كبيرة في فكري وفي توجهاتي وربما في مستقبلي المهني.
معلوماتي عن هيئة الرقابة الإدارية في مصر كانت محدودة تقتصر على كونها هيئة مستقلة تتبع رئيس مجلس الوزراء تم إنشائها في عام1964 لتكون أحد أجهزة الدولة المخولة بالإصلاح الإداري ومكافحة الفساد ونشر مبادئ النزاهة والشفافية يعني بصراحة كلام نظري يبعد تماما عن واقعنا الأليم كما كنت أراه، فكرت كثيرا في هذه الدعوة أسبابها ومحركاتها وما سوف تضيفه لي شخصيا وربما لم أدرك وقتها أنه حتى تفكيري في هذا الشأن مرئي ومسموع لديهم!!
بدأ اليوم الأول بتجهيزات على أعلى مستويات الانتظام والجودة وهي بالنسبة لي لم تكن بالجديدة لارتباط الجهاز بالقوات المسلحة المصرية والتي طالما شهدت لهم بالكفاءة والانضباط طوال فترة عملي معهم ولكن الجديد هي المعلومات التي تلقيتها عن دور هذه الهيئة في المرحلة الحالية والتكليفات الخاصة لها من السيد رئيس الجمهورية مباشرة لثقته الكبيرة بأفرادها والتي تخرج عن نطاق تخصصاتهاوربما ليس من المسموح لي في هذا المجال أن أفصح عنها بشفافية لكن يمكنني أن أجمل انطباعي في اليوم الأول في شهادة حق موجزها أن سيادة الرئيس وطني مثابر يحاول أن يخطو بمصر خطوات واسعة ويخلق البدائل لمواجهة التحديات رغم ضعف الإمكانات وأن دور الهيئة في هذه المرحلة دورا محوريا يجب بأدوار هيئات وأجهزة ومؤسسات في مصر باتت غير ملائمة لمواكبة الخطوات الواسعة والتطلعات التنموية الطموحة للمرحلة الحالية.
تخللت هذه الدورة التي امتدت لمدة خمسة أيام من التاسعة صباحا وتمتد حتى بعد الخامسة مساءا حوارات قوية مع وزراء وممثلي وزارات مختلفة وأجهزة رقابية ومخابرات في مصر وبعد كل لقاء أخرج بقناعة مؤداها أننا في مرحلة حاسمة في تاريخ مصر يجب أن تتكاتف فيها كل جهود المصريين بالداخل والخارج لنمر بسلام وأن اللوم لا يقععلى القيادات ولكن العيب فينا لأننا تواكلنا وأمرنا القائد بأن ينقذ مركب ملأتها الثقوب ونحن هاهنا جالسون.
ربما كانت أقوى وأخطر هذه المحاضرات التي تسارعت معها دقات قلبي بقوة وكتمت أنفاس الحضور بالكامل وارتفعت حالة التركيز وتعلقت أبصارنا بشاشات العرض بالقاعة تلك المتعلقة بمكافحة الفساد في مصر وفيها تم استعراض فيديوهات مع شرح دقيق لعمليات مراقبة وضبط بعض حالات الفساد التي ارتبطت بمسئولين كبار بالدولة وانتهت بفيديو ضبط شبكة تجارة الأعضاء في مصر مؤخرا.
عكست هذه الفيديوهات حرفية عالية وإمكانيات لم أكن أتوقع وجودها في أحد الأجهزة المصرية ورسالة مؤداها لن يفلت أي فاسد من العقاب مهما بلغت سلطاته وأن مصر تنتقل لمرحلة جديدة قوامها النزاهة ومواجهة الفساد بإصرار وقوة، وأن الدعوة مفتوحة للجميع لتقديم الشكاوى والتعامل معها بجدية. أيها السادة حتى مجرد الحوارات العابرة بين شخصين في مكان عام قد تعطى أفراد هيئة الرقابة الإدارية خيطا للبحث في قضايا الفساد التي صدر قرار حازم باجتراره من مصر نهائيا. .
ومن بين المهام المتعددةالتي تضطلع بها الهيئة في داخل مصر وخارجها مهمة حشد الكفاءات المتميزة في شتى المجالات ودعمها فكريا وعلميا لتقود عجلة الإصلاح في تلك المرحلة الحرجة التي تحتاج لعقول مصرية شابة مخلصة وقادرة على العمل بكفاءة وفاعلية في مختلف أجهزة الدولة. مجهود ضخم للبحث في كل التخصصات عن هذه الكفاءات بأمانة وموضوعية ربما لم يكن يتبادر لذهني أبدا أننا نخضع لفترات طويلة من المتابعة لأنشطتنا قبل اتخاذ القرار بدعوتنا وتقييم الأداء بعبارة " تعقد عليه الآمال".فخر لك أن تعرف أن من هذا المكان تخرج ترشيحات لكافة الوزارات والهيئات والمؤسسات لتحمل راية الإصلاح. فخر أن تجد أن هذه الدورة الرابعة جمعت خبرات وكفاءات متميزة من داخل مصر بل ومن خارجها نعم من الكفاءات المصرية التي برزت خارج مصر. فخر أن تنطلق منها مجموعات عمل تحفيزية تحت تكليف من السيد الرئيس تحت عنوان " يالا نعمل حاجة".
ربما كنت من قبل أحمل فكرا ناقدا للأوضاع القائمة في مختلف المجالات لكن الفارق التوجهي بين دخولي وخروجي من هيئة الرقابة الإدارية يعكس الفارق بين الجهل والعلم ببواطن الأمور، وإذا كانت هذه الدورة قد أتاحت لي فرصة فريدة للمعرفة والتحفيز على العمل بنشاط وجد لأشارك بفاعلية في المرحلة الإصلاحية الحالية، فأنني قررت أن أنقلها بصدق وموضوعية لأدعو الجميع لتجديد الثقة في السيد رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي قائد هذه المرحلة الحرجة مع اعترافي بكل صعوباتها ومعاناة الكثير من فئات الشعب المصري وأن أدعوكم للتكاتف والتكافل فيما بيننا في داخل مصر لنساند أخواننا المتأثرين بتبعات هذه المرحلة الحاسمة وأدعو أبناء الجالية المصرية في المهجر لدعم مبادرات مساندة الاقتصاد المصري فالجهود التي تبذل في مصر ولا يعرفها الكثيرون تحمل بارقة أمل قوية لمستقبل قوامه الإصلاح. تحية كبيرة للجهود المبذولة بهيئة الرقابة الإدارية والتي لا يراها الكثيرون تحية لقياداتها المتميزة تحية للرئيس المصري الأصيل و"يالا نعمل حاجة"
إضافة سريعة صدر مؤخرا قرار بإعادة تنظيم الهيئة وتبعيتها مباشرة لرئاسة الجمهورية...تحيا مصر ويالا نعمل حاجة.
أخبار متعلقة :