تشهد العاصمة الأمريكية «واشنطن» حالياً معارك سياسية عربية وإقليمية تتعلق بما جرى فى منطقة الخليج من مقاطعة وحصار لدويلة قطر من قِبل المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين، ومعها مصر من جانب، ودويلة قطر، وتركيا، وإيران من جانب آخر.
المعركة على أشدها، لا سيما بعد أن تدخل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وألقى بثقله خلف الكتلة الأولى التى تقاطع قطر وتدعو إلى محاسبتها جراء ما ارتكبت من أعمال عدائية فى العديد من الدول العربية عبر دعم جماعة الإخوان الإرهابية والتنظيمات الأكثر تطرّفاً، مثل «القاعدة» و«داعش» وغيرهما. فالملاحظ أن المعركة بدأت بين المعسكرين على الأراضى الأمريكية، واستعان كل معسكر بعدد من شركات العلاقات العامة الأمريكية من ناحية، واستقطب عدداً من المراكز البحثية المؤثرة من ناحية ثانية، ورغم النفوذ القوى الذى تتمتع به قطر، لا سيما فى وسائل الإعلام الأمريكية ومراكز البحث والفكر، وتركيا فى المجالين السياسى والأمنى، لا سيما وهى عضو فى حلف الناتو، فإن السعودية والإمارات ومصر نجحت هذه المرة فى كسب الجولة، حيث وجدت أن موقف الإدارة الأمريكية من مصر كان ولا يزال جيداً، وهو ما عبّر عنه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أكثر من مرة، وتدخلت السعودية والإمارات العربية المتحدة، وألقى كل منهما بثقله السياسى والمالى، فنجح فى توظيف شركات عامة قوية، وأيضاً استقطاب عدد من الباحثين المهمين فى مراكز الفكر الأمريكية، إضافة إلى توظيف بعض وسائل الإعلام الأمريكية فى الرد على الحملات القطرية - التركية.
وكانت زيارة «ترامب» إلى المملكة العربية السعودية والقمم الثلاث التى عقدها فى «الرياض» بمثابة قمة النجاح لمحور السعودية/ الإمارات/ البحرين ومصر، ففى هذه القمم بدا واضحاً الدعم الأمريكى المباشر لوجهة نظر ورؤى هذا المعسكر، وبعد أيام من الزيارة، كشفت تغريدات الرئيس الأمريكى، ثم مؤتمره الصحفى فى البيت الأبيض، الأسبوع الماضى عن دعم أمريكى كامل لرؤية هذا المعسكر، حيث أعلن دعمه لسياسة المملكة، وفى الوقت نفسه تضامَن مع العقوبات التى فرضتها دول هذا المعسكر على قطر، داعياً الأخيرة إلى التوقف عن دعم الإرهاب وتمويله.
ورغم ذلك لم تستسلم دول المعسكر الآخر الذى تقوده قطر وتركيا ومعهما إيران، وإذا كانت الأخيرة لا تملك مفاتيح واضحة لدعم سياساتها فى «واشنطن»، فإن قطر وتركيا تملكان الكثير من أزرار الضغط والتأثير فى الولايات المتحدة، منها مراكز الفكر والأبحاث التى تمولها قطر بالتحديد، وشركات العلاقات العامة المتعاقدة معها «الدوحة»، التى تدرس كيفية إخراج «الدوحة» من هذا المأزق، وتحسين صورتها فى الولايات المتحدة، وتحديداً العاصمة «واشنطن»، إضافة إلى الأموال القطرية الضخمة التى تضخ فى عدد كبير من وسائل الإعلام الأمريكية المهمة والمؤثرة.
السؤال هنا: هل يمكن أن يؤدى ذلك إلى نجاة قطر من سياسة المقاطعة الإقليمية، ويدفع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى لعب دور وساطة لإنقاذ قطر من مصير سيئ فى انتظارها، حال عدم التجاوب مع الشروط السعودية؟
الإجابة صعبة للغاية، فالنظام القطرى يدفع ثمن دعمه المتواصل للجماعات الإرهابية، الذى كان يجرى بضوء أخضر من إدارة «أوباما»، والذى سعت قطر بكل قوة لاستمراره عبر انتخاب هيلارى كلينتون، لاستكمال مسيرة تدمير الكيانات العربية الكبيرة، خسرت «كلينتون»، وكسب «ترامب»، فتغيرت الرؤية الأمريكية لدور قطر، وتقلص نفوذها كثيراً، فأخرجت مراكز الفكر والبحث فى «واشنطن» الكثير من الأوراق البحثية التى تفضح الدور القطرى فى دعم الجماعات الإرهابية، وكان القرار فى قمم «الرياض» بالبدء فى إجراءات مقاطعة قطر وعزلها، ومن ثم فالمعركة الجارية اليوم على الأراضى الأمريكية من أجل كسب الإدارة، باتت شبه محسومة لصالح الدول التى تقاطع قطر، وما لم تحدث معجزة غير متوقعة فإن العد التنازلى لاستمرار السياسات القطرية قد بدأ، وربما العد التنازلى لبقاء النظام القطرى نفسه.
أخبار متعلقة :