بوابة صوت بلادى بأمريكا

ﭽاكلين جرجس تكتب: ثقافة الخوف وشتاء الرعب

احتفل العالم نهاية الشهر الماضى بعيد الهالوين الذى تكثر فيه إقامة الحفلات التنكرية ، و التي يرتدي فيها الصغار والكبار ثيابًا وأقنعة مرعبة ، والواقع أن جذور الهالوين التاريخية تعود إلى ما قبل 2500 عام، حيث يُعتقد أن طقوسه مستمدة من احتفال قديم لقبائل السلت في أوروبا، و هي المرتبطة قديما بمواسم الحصاد ، فكان السلتيون يضيئون النيران ويلبسون الملابس المخيفة لدرء الأشباح والأرواح الشريرة، التي كانوا يعتقدون أنها تأتي مع بداية الشتاء.

 و تزامن وقت احتفال الإيرلنديين الفارين من المجاعة التى ضربت أوروبا فى النصف الثانى من القرن التاسع عشر بالهالوين ،مع توقيت عيد المسيحيين "عيد القديسين"؛ وبدأ الأمريكيون في تقبل فكرة احتفالات المهاجرين الجدد تدريجيًا .

و من الملفت للأنظاراحتفال الأطفال بتلك المناسبة المفزعة و عدم اكتراث أى من المؤسسات التربوية  بمدى تأثير ألعاب و أفلام الرعب على نفسيتهم و ما تؤثر على سلوكهم فى المستقبل ؛ فبحسب علماء النفس فالطفل دون الخامسة يعاني مشكلات في التمييز بين الواقع والخيال، لذلك فمشاهدة أفلام الرعب أو الملابس التنكرية المخيفة ومحاكاتها  يؤثر سلباً عليهم  و قد تعرضهم للإصابة بالرهاب واضطرابات النوم، وأحياناً الدخول في أزمة التبول اللإرادي،  لذلك يجب منع الأطفال من محاكاة تلك الاحتفالات أو مشاهدة ما يبثه التليفزيون من أفلام رعب ، والاكتفاء باحتفاليات قائمة على المرح وليس الخوف .

و المتابع لتلك النوعية من الاحتفالات يستطيع أن يرصد مدى استثمار صناع السينما بشكل أو بأخر من ظاهرة شعور الإنسان بالخوف و بدأوا على الفور  بمجاراة الأحداث و تحويل عيد الهالوين إلى تجارة رابحة بالملايين ، فقد أنتجت الشركات عشرات الأفلام عن الهالويين إلى أن أصبحت افلام الرعب هى حصان هوليوود الجامح بداية من ثلاثينيات القرن الماضى و أفلام هيتشكوك ، فنجد أن سبعة أفلام كان قد صدر معظمها خلال 2016 حققت أرباحاً تجاوزت مليار دولار، في حين أن مجموع ميزانيتها بلغ 109 ملايين دولار فقط .!

إلا أن هذه الظاهرة جاءت إلى مصر بشكل عشوائى ، فأرشيف السينما العربية لا يضم عدد كبير من أفلام الرعب فيما كانت البداية عام 1945عندما قام يوسف وهبي بكتابة و إخراج  فيلمًا بعنوان "سفير جهنم"، ولا أحد يعلم إذا كان الفيلم قد نجح تجاريًا أم لا، لكنه نجح في صراعه مع الزمن، بدليل أننا نتحدث عنه كأحد أفلام الرعب الرائدة .

وحديثًا تم إنتاج فيلم "الفيل الازرق" كمثال طيب على تحويل روايات الرعب إلى أفلام تحقق المنافسة ، و ننتظر هل يحالف الحظ فيلم " خط دم "  الذى يعرض حاليًا على إحدى المنصات الرقمية ، وهل يمكن توقع تدشين سينما عربية فى هذا الإطار متطورة برؤى اجتماعية تراعي قيمًا تربوية لا تهدد حالة السلام والأمن النفسي للطفل .

وبمناسبة الانتخابات الأمريكية ، يذكر أن "روزفلت فرانكلين ديلانو" قال في أول خطاب له             " الشيء الوحيد الذي يجب أن نخافه هو الخوف نفسه " فهل ثقافة " الهالوين " على الطريقة الأمريكاني كانت لمقاومة الخوف نفسه ؟

 

 

ﭽاكلين جرجس

jakogeorge@gmail.com

 

أخبار متعلقة :