بوابة صوت بلادى بأمريكا

صفوت عطا الله يكتب عن ذكرى الأربعين لشهداء كنيستى طنطا والإسكندرية

فى ذكرى الاربعين لشهداء تفجيرات كنائس مارجرجس بطنطا والمرقسيه بالاسكندريه

العين تدمع-القلب يدمى- العقل متحير

 

لا اعرف لماذا حادثتي تفجير كنيسة مارجرجس بطنطا والكنيسة المرقسيه بالاسكندريه لم تأخذ حقها من تسليط الأضواء عليها سواء من الإعلام العام او الخاص او حتى المسيحي أيضا بالرغم من حجم الخسائر البشرية من الأبرياء كبيره سواء من الأقباط او رجال الشرطة وعدد المصابين من جراء هذا العمل الخسيس الاجرامى القذر.

ربما توقيت حدوثهما فى أسبوع يحتفل فيها المسيحيين بالآلام السيد المسيح او إنهما أحداث أصبحت معتادة ومتكررة ولا تستحق تسليط الضوء عليها او أصبح لدينا خبره طويلة فى تقبل الأحداث والمصائب بصدر رحب وشكر وغفران وتسامح لهؤلاء القتلة المجرمين الإرهابيين.

وزيادة كمية الصبر والاحتمال والآلام التي أصبحت من ضمن معيشتهم اليومية وواقعهم القاسي الصعب.

والحقيقة التي لا تغفل اى إنسان ولا يمكن إخفائها فما زالت العيون تذرف الدموع بغزارة والقلوب تدمى دماً وتعتصر آلماً وحزناً أما العقول متحيرة مذهولة عما يجرى فى ارض الكنانة مصرنا الغالية.

والذي زاد عقولنا دهشة وحيره ماجرى عقب التفجيرات بالرغم من إعلان حالة الطوارئ لمدة ثلاثة شهور فى جميع أنحاء البلاد والإعلان عن تشكيل لجنه عليا لمكافحة الإرهاب ولكن الذى حدث مغاير تماماً ولأول مره وجدنا حالة سعار وتسابق وصراع محموم من وسائل الإعلام الفاشل فى عمل يمكن وصفه بأنه سقطه إعلاميه وانحدار فى الأخلاق وانحراف عن حرفية المهنة فكانت مقابلات ولقاءات مع أخوه وزوجات وعمات وأعمام وأصدقاء هؤلاء الإرهابيين القتلة وكأنها تمثيلية قذرة وأنهم متفقون على أدائها فى إتقان شديد بالدموع وإخفاء الوجوه وترديد الأكاذيب وإبعاد التهم عن هؤلاء المجرمين بكل بجاحة وخسة والذي مما زاد الطين بله رد فعل المذيعين الإعلاميين اللامعين بالأحضان والكلام الرقيق والبعد عنهم تلك التهم وهنا انقلب الوضع وظهر المجرم القاتل كأنه مظلوم ومجني عليهم وليسوا جناه او إرهابيين حتى ان احد المذيعين بعد إذاعة تلك الهيافة اعتذر لما سبب من جرح مشاعر أهالي الشهداء والمصابين وبدلاً من اللقاء معهم تحولوا إلى النقيض ومقابلة المتهمين وهكذا انقلبت الأوضاع وتغيرت أمزجة الناس وتبدلت ردود أفعالهم وتعبيراتهم واستدرار عطف الجماهير بالرغم من ضخامة المكافآت الموضوعة للإرشاد عن معلومات لتلك الخلية الإجرامية المكونة اغلبهم من أبناء محافظة قنا التي وصلت الى نصف مليون جنيه ولاحياه لمن تنادى ولا استجابة لهذا الإغراء المادي.

وبالرغم من إعلان الطوارئ تعلن إمارة كوم اللوفى مركز سمالوط محافظ المنيا الاعتداء على الأقباط وهم يصلون يوم خميس العهد وسقوط مصابين وحرق منازل ومزارع فى تحدى سافر وإخراج لسانهم لكل المسئولين مما جعل الأقباط يختفون بمنازلهم وعدم الخروج فى أيام الجمعة الكبيرة وليلة العيد والأغرب من الخيال تخرج مبادرة ما يسمى عقلاء وحكماء وهم فى الحقيقة إرهابيين دواعش بتحديد مواقع لإقامة مكان للصلاة دون منارة دون جرس دون صليب ودور واحد واعتبروا هذا قمة من الرحمة والتنازل لهؤلاء المواطنين لأداء صلواتهم بهذا الوضع المشين المزري كان اقتراح لجنه الحكماء يا للعجب؟

وأيضا فى سقطه أخرى داخل المحكمة لقتلة النائب العام هشام بركات تطلق الزغاريد والرقص والفرح على إعلان خطبة المتهم الأول فى القضية على احد الفتيات وترفع يدها بعلامة الحب والهيام تحت أعين وبصر الجميع كأنهم فى قاعة أفراح وليس فى محكمه لها هيبة ووقار واحترام ويتكرر أيضا أثناء محاكمة الجماعة الارهابيه الإخوان المسلمين من تصرفات صبيانيه وإشارات وتوزيع الابتسامات والتعليقات دون اختشاء او احترام لهيبة القضاء والمحكمة.

ولاننسى أننا فى حالة طوارئ يتكرر عمليات الاعتداء على كمين بمنطقة سانت كاترين ومدينة نصر بالقاهره وسقوط شهداء ومصابين من رجال الداخلية فى تحدى سافر حقير لكل الإجراءات قتل شاب قبطي شاءت ظروفه الرجوع الى العريش لقضاء بعض احتياجاته فى محله فكان نصيبه رصاصات فى جسده وسط التكبير وكما ارتفعت نبرات الاستنكار وهيجان وفوران عقب التفجيرات هدأت الأمور والنسيان عما يفعله الإرهابيون المجرمين واغلب الظن حتى الآن لم تعلن عن تلك اللجنة العليا لمكافحة الإرهاب ولم يصلح معهم حالة الطوارئ أيضا.

وماهى إلا ايام قليله وتم الإعلان عن مؤتمر الأزهر العالمي للسلام وزيارة البابا فرنسيس الأول بابا الفاتيكان والترحاب وحالة الاستقبال الكبير بين سيادة الرئيس والشيخ الطيب والبابا تواضروس وأصبح الكل فى حالة حب وسلام ونسيان لكل الهجوم الكاسح على الهيئة الدينية للأزهر الشريف وفشله فى تطوير وتجديد الخطاب الديني حتى جاء عيد العمال فكان استقبال الأبطال والتصفيق الحاد لفضيلة شيخ الأزهر ورد اعتباره ومكانته المرموقة العاليه وفى يوم وليله تحول الإعلام الساقط فى تجديد الثقه والتوقير والاحترام لهذه القامة الكبيرة ولكن تأتى الرياح بما لاتشتهى السفن وايام قليله وانقلب الوضع أيضا بتصريحات مثيره من رئيس جامعة الأزهر بتكفير احد الباحثين واتهامه بالرده قاصداً بالتحديد إسلام البحيرى على إحدى القنوات الفضائية ولكنه تدارك هذا التصريح واعلن اعتذاره فلم يشفع له فكان نصيبه إقالته جراء هذا التصريح الغريب المثير لأنه فى الوقت الذى الأزهر لا يستطيع فيه تكفير داعش علنية ويقوم بتكفير المدنيين الباحثين المستنيرين ثم يأتي الطامة الكبرى والصفعة القاضية من شيخ ازهرى كان يتولى منصب وكيل وزارة الأوقاف وكان المستشار الديني للسيد الرئيس بإعلان صريح وعلى شاشات التلفاز وفى برنامج جماهيري بان عقيدة المسيحيين فاسدة ومصيرهم جهنم وبئس المصير وأنه واجب عليه التنبيه والتحذير لهم من يوم القيامة والحشر العظيم حيث لا ينفع فيه شفاعة عيسى او آخرين لهم من النجاة من إيمانهم وعقيدتهم بان المسيح هو الله وفى لحظه من الزمان انهارت حالة الانسجام والحب والسلام بين العقائد والأديان وهاج الجميع وقامت الدنيا ولم تقعد على الفضائيات وصفحات التواصل الاجتماعي فى مهرجان الخطب والتعبيرات والدفاع كل يبكى على ليلاه المسلمين الشرفاء يعترضون والمسيحيين يدافعون عن عقيدتهم والأمر لا يستحق كل هذا الهيجان والفوران لأنه يكشف أمر خطير فكما اعلن وزير الأوقاف سحب ترخيص الوعظ وعدم اعتلاء المنبر والتبرؤ منه فكان التحدي وعدم الاعتذار من الشيخ سالم عبد الجليل عما بدر منه على حكم الشرع من تفسير الآيات وان كان لا يمانع من استمرار حالة الحب والسلام مع المسيحي وفى نفس الوقت يتم تكفيرهم ويعتذر إذا اخطأ فى جرح مشاعرهم وأنه يرسخ سياسة الرياء والنفاق فى التعامل والتعايش مع أصحاب الأديان الأخرى وهنا نسأل ماهو الفرق بين قول هذا الشيخ وأقوال الإرهابيين الدواعش وماهو الفرق بين قول هذا الشيخ وفتاوى المتطرفين من السلفيين وزادت حالة الجدل والتعليق والكلام فى هذا المضمار وانقسم الجميع بين المعارض والمؤيد يخرج منها هذا الشيخ منتصراً ويزيد رصيده من الإعلام وان كان إدارة القناه منعته من الاستمرار فى البرنامج وسريعاً قامت قناة الجزيرة باستقباله والسماح له بالدفاع فى تحدى واضح لزيادة نيران الفتنه ويلاحظ هنا تم رفع قضية ازدراء الأديان للشيخ وتحدد جلسه وسوف ينتفض المدافعين عنه بالعشرات واغلب الظن سيخرج برئ ومنتصراً واقوي من الأول لان الجميع يعلم تلك الآيات ويعرفها جيداً ولكن الاختلاف فى تفسيرها وتأويلها حسب رأى كل من الفئات بين التشدد والتطرف والإرهاب مما أدى الى اعتراض الأزهر على تصريحات الشيخ الذى فجر تلك القنبلة التى لاتقل عن تفجيرات الكنائس لانه يدعو بكل صراحة الى قتل كل المسيحيين دون حساب او عقاب وهذه خطورة أقواله وتفسيره وتصريحه المثير.

وان النتائج الواضحة من هذا الجدل العقيم والذي دار على الفضائيات والتواصل الاجتماعي يختلف تماماً عن تأثيره على ارض الواقع وفى نفوس الاغلبيه من الشعب البسيط من تغلغل الفكر الارهابى الداعشى فى العقول والأذهان ومع مرور الوقت يصبح التطبيق العملي لتفسير الشيخ لتلك الآيات القرآنية فلن تنفع معها مؤتمرات او اجتماعات او أحضان او قبلات فالذي قام به الأزهر الشريف من جهود فى تبرئة الإسلام من تهمة الإرهاب يستطيع شيخاً واحد هدمه فى لحظات فى تشويه صورة الاسلام مره آخرى.

تصريح آخر أكثر إثارة عندما دافع الشيخ عبد الجليل عن نفسه عندما قال انه لا يمانع من قسيس توجيه النقد للإسلام ويعتبرها فاسدة كما قال هو عن العقيدة المسيحية فاسدة كأنها دعوه صريحة لإشعال نيران الطائفية والفتنه علنية ربما جعل الكثير من الراغبين فى الشهرة والظهور الإسراع على اللعب على هذا الوتر الشديد الخطورة وينذر فى حرق الأخضر واليابس لكل الوطن ولو استمر هذا الصراع الفكري فلن يستطيع احد إيقافه لم ينفع معه إعلان الطوارئ او قانون مكافحة الإرهاب او محاولات القوات المسلحة في تطهير بؤر الإرهاب فإنه يتولد عشرات بل مئات إرهابيين كما هو واضح جداً من خليه الإرهاب الأخيرة والتي أعلن عنها بمحافظة قنا وما تم أيضا فى أسيوط من كشف خليه إرهابيه ومخازن للسلاح.

ولا نخفى عما صدر مؤخراً الدعوة إلى ثوره لأولاد أبو إسماعيل وحدد موعداً الرابع عشر من رمضان وهذا مؤشر خطير لا يجب الإغفال عنها او التهوين منها.

وبالرغم من ضربات القوات المسلحة لدحر الإرهاب ونجحت فعلا من تدمير خمس عشر عربه على الحدود الغربية من محاولات إدخال السلاح للجماعات الارهابيه فإنها لن تمنع من اختراق عشرات بدليل استمرار العمليات الإجرامية حتى انها وصلت الى داخل القاهرة ربما الى المحافظات ولن تمنع من تفجيرات كنائس في إنحاء الوطن فما بالك بعد تلك التصريحات المثيرة للانضمام إلى الفكر الداعشى الإرهابي وهذا اخطر كثيراً جداً من الأفعال والتصرفات والعمليات فإن ما يفعله الإعلام الفاشل الساقط الفاسد وقد حذرنا فى العدد السابق من الانزلاق لمستنقع القذارة والسبق الصحفي او الاعلامى من إشعال النيران وإثارة الفتن على حساب الوطن وخراب الديار وتدمير العقول وقد حاول الرئيس السيسى التحذير من هذا عشرات المرات دون جدوى.

من الواضح جداً ان الذى حدث كان نتيجة منطقيه للهجوم على المؤسسة الدينية وكلما زاد الهجوم عليها زادت حالة العند والتعصب وبعدنا جداً من محاولات تصحيح المفاهيم المغلوطة وتجديد الخطاب الديني بشئ من العقلانية والهدوء وترك تلك الأمور لأصحاب الفكر الديني المستنير فى أحداث التغيير المنشود فى إصلاح ما أفسدته سنوات التطرف والتشدد ومواجهة عتاة السلفي نفى السيطرة على عقول البشر.

أول رحلة المليون الخطوة الأولى والاعتراف بالخطأ طريق الصلاح وهذا لم نصل اليه حتى الآن.

المتابع للخطب خاصة في مؤتمر الأزهر العالمي للسلام يتأكد وبوضوح اننا لم نبدأ ولم نعرف اول الطريق لان إلقاء تهمة الإرهاب الى تسويق السلاح والتجارة فيه وليس الى تنقية العقول من الإرهاب أولا ولا ننسى محور اساسى الحرب كما أعلنها قداسة البابا فرنسيس بان الله لا يحتاج الى من يدافع عنه لان الله هو الذى يدافع عنا وأنها لم تصل إلى العقل وفهم الكثيرين لم يفهموا المعنى من القول.

للأسف على مستوى البشرى الضعيف فالعين تدمع والقلب يدمى والعقل متحير فى ذكرى الأربعين لشهداء الكنيسة والوطن ولكن فى نفس الوقت بالإيمان والعقيدة الثابتة الصحيحة وليست فاسدة كما يدعى البعض العيون مرفوعة نحو السماء للصلاة والدعاء والقلوب مملوءة بالحب والسلام والغفران والتسامح والعقول واثقة ومتأكدة من الحقيقة الوحيدة الواحدة فى الإله الذى نعبده ونؤمن به.  

أخبار متعلقة :