أخبار عاجلة

صفوت عطا الله يكتب: أمنية عام 2020: تصالح مع نفسك

صفوت عطا الله يكتب: أمنية عام 2020: تصالح مع نفسك
صفوت عطا الله يكتب: أمنية عام 2020: تصالح مع نفسك

مقدمة:

في مستهل كل عام جديد وخاصة قدوم هذا العام بمذاق خاصوطعم مختلف باعتباره له خصوصية فريدة وهي تكرار رقم عشرين مرتين وهذا مالا يحدث أبداً مثل تكرار عشرة مرتين فليس أمامنا سوى التروي والهدوء والسكون والتأمل قليلاً أمام العام الجديد ونحن نتضرع إلى الله القدير أن يحقق كل التمنيات السعيدة والأماني الطيبة لكل الناس بالسلام والصحة والبركة والحب والخير والرخاء ويعم العالم السلام خاصة بلادنا المصرية العزيزة الغالية.

 

سؤال مهم:

يلح على عقلي سؤال مهم ويتردد باستمرار وهو لماذا يتقلب المزاج المصري سريعاً ويتبدل ويتغير دون مقدمات أو تفسير مقنع مع كل حدث كبير أو صغير سواء كان مرتبط بالشخص أو بعيد عنه ولماذا هذا الاتساع الشاسع بين الآراء من أقصى اليمين لأقصى اليسار دون استخدام العقل والمنطق والمدهش أننا نجد كل من الطرفين متمسك بشدة وتعصب إلى رأيه بكل حجة وتبرير يجعل المرء في حيرة من امره إلى حد التوهان والاستغراب وحتى حدود القلق والخوف من أن تصبح هذه الظاهرة هي اساس التعامل وتتحول إلى سلوك يحكم كل تصرفاتنا وأفعالنا وأعمالنا فتحدث مصيبة وكارثة كبرى على بلادنا.

 

أسباب تقلب المزاج المصري:

ربما يرجع هذا التقلب إلى ظروف وأحداث وأمور حلت في بلادنا على فترات متتاية وسريعة وحادة منذ زمن طويل مثل نكسة 67 والإنهيار والإنكسار بالهزيمة المفاجئة أو بالإنتصار في حرب 73 والمبالغة والتهويل بهذا النصر الكبير أو إلى الصحوة الدينية وظهور الفكر الوهابي المتشدد كذلك ثورة الخميني في إيران وتصاعد وتيرة التوتر الطائفي مما أدي إلى مقتل السادات بأيدي الجماعات المتطرفة وانتقلت سريعاً إلى حالة من الاحباط والركود واليأس وتفشي الفساد في عهد مبارك والتي اعقبها حالة من الهيجان والفوران والفلتان أثناء انتفاضة 2011 وتسلق جماعة الإخوان المسلمين للحكم وخلال فترة قصيرة تبدلت الأحوال والأوضاع إلى ثورة 30 يونيو 2013 في محاولة جادة وحاسمة لتصحيح المسار والمطالبة بالدولة المدنية العصرية التي نادى بها المصريون مع الرئيس عبد الفتاح السيسي.

تلك التراكمات والأحداث المتتالية كان لها أبلغ الأثر على شخصية الإنسان المصري سواء على المستوى الفردي والجمعي، وتدرجت الحالة من النقد تهويناً وتهويلاً للإنفعال والتمرد والثورة ومن ثم لم يتحمل العقل العادي تفسير الأحداث وانحرف إلى غلبة العاطفة في الحكم على ما يدور حوله دون اللجوء للمنطق بل من خلال منظور ديني محض وهو الأمر الذي أدى إلى تباين الآراء وتباين الحكم عليها وبالتالي كانت النتيجة الحتمية عجزه التام عن إيجاد حلول عملية للمشاكل التي يقابلها.

 

أمثلة صارخة لتقلب المزاج المصري:

  1. قم للمعلم وفه التبجيلا .. كاد المعلم أن يكون رسولا ، بيت شعر تغنينا  به منذ الصغر ولكن مع تغير الزمان وتغير الأحوال إنقلب حال الكثير من المعلمين من ( رسول إلى لص )، يضع يده في جيب معظم أولياء الأمور ويسلب جزء كبير من مداخيلهم الأمر الذي أثر سلباً على معيشتهم تحت دعوى الدروس الخصوصية التي تم فرضها فرضاً على المجتمع المصري حتى أصبحت وزارة التربية والتعليم عاجزة تماماً إلى درجة تفريغ المحتوى العلمي والتربوي منها.
  2. التاجر الجشع الذي يتلاعب بالأسعار ويفتعل الأزمات ثم يسرع بالتخفي تحت أقنعة التقوى وأهل البر والعرفان.
  3. رجل الأعمال الذي يخالف ضميره باستيراد الغير صالح والمواد منتهية الصلاحية لأجل التربح السريع ثم يقوم مسرعاً بالتبرع لبناء بيوت الله والأعمال الخيرية.
  4. الموظف الذي يستغل منصبه ونفوذه في خدمة المواطنين بطريق الرشوة ويدعي مظاهر التقوى والورع وتعليق الآيات فوق رأسه مع رص الكتب المقدسة على سطح مكتبه!.
  5. العامل الذي يهمل عمله ويقوم بالتزويغ والتهرب من أداء واجبه بأمانه ويختلس تحت دعوى أنه غلبان ومهضوم حقه ومسكين!.
  6. المهندس والمقاول الذي يغش في مواد البناء وتسليح المباني لتحقيق الثراء السريع دون أدنى ضمير على حياة الناس.
  7. الدكتور الجشع الذي يبالغ في اسعار الكشف على مرضاه وكذلك تكلفة العلاج والمستشفى الاستثماري ويدعى من على شاشات التليفزيون أنه حمل وديع وملاك رحمة ومداوي للجراح.
  8. رجل الأعمال الذي يداهن من أجل مصلحته الشخصية ومصلحة الجماعة ليثير القلاقل وافتعال الأزمات والتلاعب بعقول البسطاء دون مراعاة لمصلحة عامة أو وطن.
  9. بائعي الكلم من اصحاب الألقاب الكبيرة ( المنتفخة) من ناشط سياسي لمحلل سياسي لخبير متخصص لباحث أيدولوجي ومناهض حر دون مرجع أو درجة علمية أو حتى دراية اللهم سوى بلبلة عقول الناس.
  10. تجار الدين الجدد الراغبين في الثراء السريع واستغلال الدين بالتفاسير المعوجة والفتاوى المنفلتة ولا يهمهم في هذا المقام سوى إثارة الفتن بين أبناء الوطن الواحد.

 

النتائج الوخيمة لتقلب المزاج:

حدوث انهيار تام في الأخلاق العامة وانحدار شديد في سلوكيات البشر وتغير سريع في تصرفات الناس وتبدل مفاجئ في العلاقات والتعاملات بصورة ملفته وملحوظة.

ومن مظاهر هذا التغير حدوث الصراعات والعلاقات المتوترة وانشقاقات وانقسامات على مستوى الأسرة والمجتمع ككل مع ظهور فئة تؤمن بقانون القوة وفرضها على الآخرين دون خوف من محاسبة أو عقاب لدرجة أن هذه السلوكيات المشينة وصلت إلى حد البلطجة والتحرش اللفظي والجنسي العلني لإثبات الحق حتى ولو كان مغلوطاً وهو في غالب الأحيان يكون ضالاً ومغلوطاً، مع زيادة حالة التعصب والتشدد والمغالاة في كل شئ حتى وصل الأمر إلى حد الفتن والإعتداءات والشغب واستباحة المال العام والخاص واستباحة الأعراض تحت مسميات أغلبها ديني يحللوا به الحرام لأنفسهم ويحرموا به الحلال على غيرهم ليمتصوا دمه، شذوذ أخلاقي اتضحت معالمه تماماً للمصري دون أن يدري أو يستوعب هذا التغير والتقلب والتبدل حتى اصبح يعيش في صراع نفسي حاد وحالة قاسية من حالات انفصام الشخصية ( شيزوفرينيا ) بين ما يظهره وبين ما يبطنه على كافة المستويات.

هذا المزاج المتقلب يدفعنا لتشبيه الجزء الأكبر من الإنسان المصري كأنه ملاك في الظاهر بينما في باطنه وحوش تتصارع وتتنازع وتتقاتل بين بعضها البعض، انسان كتلة من الصراع الذاتي، القلق، الخوف، يتقلب في كل تصرف وفي كل رأي، وهو الأمر الذي جعل الرئيس السيسي يسرع في محاولة تغيير المسار النفسي للاستقرار وترسيخ قواعد الأخلاق واسترجاع مافقده الوطن من صفات وأصول وتقاليد مما يكلفه تضحية باهظة فهو- أي الرئيس السيسي – ليس ساحراً أو يمتلك عصا موسى ليحدث معجزة في طرفة عين لاظهار نتائج سريعة، فمازال هناك نفوس مريضة وقلوب متحجرة وعقول خاوية فقدوا البصر والبصيرة لأجل اطماع مادية ومصالح شخصية وأنانية مفرطة يحاولون بكل جهدهم بقاء تلك الحالة من القلق وعدم الاستقرار وتمكين جذور التذبذب والتقلب لإثارة الهموم والهياج الشعبي والفلتان مرة أخرى داخل قلوب المصريين مما يجعلني في محاولة لتحديد الداء ليسهل معه وضع الدواء ووصف العلاج لتقلب المزاج.

 

التصالح مع النفس هو الحل الأكيد

وللإجابة على هذا السؤال المهم عن تقلب المزاج المصري وبعد توضيح ( الأسباب والنتائج ) فإن الحل الأمثل والأكيد للشفاء من هذا الداء اللعين هو التصالح مع النفس أولاً باعتبارها أمنية للعام الجديد 2020 وبداية طيبة ومحاولة ياعزيزي الغالي ولكل نفس بشرية أن يشفى المصري من هذا المرض ويتطهر قلبه من كل الوحوش المفترسة وتنصرف عنه كل أنواع الكراهية والبغض والتعصب وحب الذات والأنانية والخمول والإرهاب الفكري والتشدد والطمع والجشع.

عليك ياأخي فقط تقريب وجهة نظرك بين ما تتمناه في الخيال والواقع وبين الأمنية والحقيقة وبين ما تقوله وما تفعله وبين ما تؤمن به من سموالدين وما تعتنقه من أفكار، أن تلتزم التوازن بين العقل والمنطق والفكر وبين المشاعر والعواطف والأهواء ثم ليكن عام 2020 بداية جادة لوضع قدمك على أول الطريق فرحلة الألف ميل تبدأ بخطوة فكم مرة تلقي السلام على كل الناس دون مجرد فهم معناها ومحاولة تنفيذ فقط ما جاء بتلك التحية بصدق وأمانة.

أخي المسيحي:

 باستمرار تقول السلام لكم ونهارك سعيد وتصبح على خير فهل حقاً تريد من قلبك السلام لكل البشر الأعداء والأصدقاء البعيد منهم والقريب، هل تتمنى أن تكون حياتهم وأيامهم سعيدة وتطلب لهم البركات والخيرات؟

أخي المسلم:

دائما وباستمرار تقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فهل فعلا ترغب وتريد السلام للناس وتدعو إلى عمل الرحمة وتقديم أعمال البر والتقوى للبشر وتتمنى لهم الخير والبركة؟

 

خطوات مضيئة في طريق التصالح مع النفس:

إذا نجحت يا عزيزي في اجتياز الاختبار السهل وهو التصالح مع النفس فسيصبح من السهل التصالح مع الناس والنفوس الأخرى فتكون ثمار هذا التصالح السلام والحب والتسامح والرحمة والمشاعر الطيبة الإنسانية الراقية وأعمال الخير والبر والتقوى لكل البشر كما تدعو كل الأديان لأن الله خلق الإنسان ويريد الرحمة لا البغضاء ويريد السلام وليس الكراهية يريد الجوهر وليس المظهر.

لحظة تأمل وهدوء وسكون وصفاء نفس تسير على ضوء بعض النقاط التالية:

  1. استخدام الضمير في تقييم وقياس الأمور بصدق وأمانة.
  2. ضبط العقل والتركيز على الإيجابيات لا السلبيات.
  3. اقناع النفس بما رزقت من خير ونعم وبركة.
  4. التفاؤل في الحياة والإيمان بأن غداً أفضل.
  5. العمل والجهد والصبر لكسب الرزق من عرق الجبين.
  6. اسعاد المحيطين بك سواء بالكلمة أو المعاملة الحسنة.
  7. التزام تعاليم الدين ووصايا الله.
  8. نشر السلام والحب والقدوة الحسنة.
  9. تطهير القلب واصلاح الفكر من مظاهر الكراهية والتعصب.
  10. قيمتك غالية عند الله فثق به ولا تيأس من رحمته.
  11. الحكم بالعدل وانصاف المظلوم.
  12. دعم المحتاج والمجروح والبائس والمسكين.
  13. لا تعزل نفسك عن دنيا الله فالله خلقك لتتعايش وتتعامل.
  14. لا تبالغ في طموحك وتطلعاتك حتى لا تنحرف عن الطريق المستقيم.
  15. لا تضع أقنعة على وجهك لأنها ستسقط في يوم ما وينفضح أمرك.
  16. كن صادقاً مع نفسك ولا تحاول تبرير اخطائك.
  17. ابتعد عن مظاهر الشر والصراع والخلاف والجدل العقيم.
  18. لا تنكر تعب وجهد الآخرين من أجلك
  19. لا تتعجل النتائج وجني الثمار سريعاً لأنه خطر جداً وعلى الأقل اصبر واجتهد واتعب وألقي عنك النظارة السوداء حتى لا تحدث انتكاسة ويرجع المرض أشد من تمرد وتذمر وأنانية وانفعال وتفقد سلامك الداخلي والتصالح معها.

 

دعاء وأمنيات العام الجديد 2020

ونحن نودع عام 2019 ووسط هذا العالم المتقلب والمضطرب نتضرع إلى الله أن ينعم بالحب والسلام والخير لكل المسكونة وخاصة بلادنا المصرية وأن يحمي مصر من الأرهاب البغيض وينصرها في حربها على الفساد والمفسدين وأن تختفي كل مظاهر العنف والانتحار والالحاد وظاهرة الطلاق بين الأسر المصرية وتتلاشى كل السلبيات في مجتمعنا المصري وتنتهي من حياتنا تلك الآفة من الفتاوى المثيرة الغريبة والمنفلتة، ونطلب من الله أن يساند ويساعد رئيسنا السيسي في عمل صالح ومشروع لخير ابناء الوطن ويرفع من شأن بلدنا عالياً في جميع المحافل والمجالات الدولية وتحقق امنيات وطموح هذا الشعب العظيم لمصرنا الغالية.