د. محمد ضباشة يكتب: اغتراب الهوية العربية

د. محمد ضباشة يكتب: اغتراب الهوية العربية
د. محمد ضباشة يكتب: اغتراب الهوية العربية

الهوية يمكن تعريفها بأنها مجموعة من الأسئلة تدور فى عقل كلا منا منذ أن خلقنا الله على الأرض أمما وقبائل لنتعارف فحواها من أنا ؟ وما هدفي في الحياة ؟ وإلى أين أتجه ؟ وما هو مصيرى ؟ وهل هناك مظلة تجمعنى بالأخر يمكن أن تعبر عنا ثقافيا واجتماعيا وسياسيا ودينيا ؟ حتى يكون لدينا هوية متفردة تميزنا عن هويات أوطان أو عوالم أخرى ، أم أن مشكلة الهوية من الأمور المعقدة التي مازالت تحير العلماء والمفكرين والفلاسفة أزمان طويلة وبات الأمر يحتاج الى إجابة شافية لتلك الأسئلة التي أشرت إليها . 

وعلى الرغم من أن العرب أمة واحدة فى الإطار الحضارى والثقافى واللغة والتاريخ والأرض إلا أنهم على مدار التاريخ لم يجتمعوا فى إطار أو هوية سياسية واحدة مما يعنى أن الهوية السياسية ما زالت حلما منذ أن أنتبه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إلى خطورة اغتراب الهوية العربية ودعا الى اقامة قومية أو مظلة عربية يجتمع العرب من عليها تشكل هويتنا إلا أن الفكرة باءت بالفشل ولم يتبقى منها الا دعوات هنا وهناك لا تلقى المباركة من الأنظمة العربية الحاكمة .
وفى الحقيقة أن فكرة الهوية العربية واثارتها فى الوقت الحالى لم تعد رفاهية لأن كل مشكلاتنا العربية وما تنتج عنها من إرهاب وتناحر بين شعوب الوطن العربى داخل وخارج القطر الواحد هي في الواقع أزمة هوية سواء عن قصد أو جهل وعدم إدراك لماهية الهوية باعتبارها الكل الجامع لكافة الأقطار العربية على مستوى نظم التعليم والاعتماد على اللغة العربية فى تدريس العلوم والبعد عن المدارس الأجنبية التى انتشرت فى كافة أرجاء الوطن والبعد عن التحزب فى الأمور الدينية بين طوائف وأحزاب وعقائد تطعن الهوية فى مقتل الى جانب رؤية سياسية موحدة فى إطار اتحاد عربى موحد .
وفى الواقع لم تسلم الهوية العربية من التخطيط الصهيوأمريكي منذ اتفاقية سايكس بيكو وإلى الأن لطمس و تفتيت الهوية العربية لإضعاف القوة والحفاظ على الاستقلالية والاعتماد على الغرب وأمريكا فوت يومنا وسلاحنا بالاضافة الى أغراض الحياة الأخرى التي نستوردها بالمليارات من تلك الدول ولم تسلم أيضا حروب الجيل الرابع والخامس من دم بن يعقوب بما تمتلكه من كتائب الكترونية تفت فى عضد الهوية خدمة لإسرائيل وفرض نفوذها فى منطقة الشرق الأوسط .
وإذا انتبهنا لما يحاك لنا فى ليل حالك في ليبيا وسوريا وفلسطين والعراق واليمن ومصر ولبنان وأقطار عربية أهرب لعلمنا علم اليقين أن الحرب ليست على الإسلام فقط بل هى حرب على الهوية العربية ومحو حضارتها التى دامت لأكثر من سبعة آلاف عام حتى يستطيعوا السيطرة علينا أحزاب وطوائف وجماعات لا تربطنا رابطة أو هوية .