محمد جمال الحويطي يكتب: الدايَة .. وظيفة نسائية وأهمية مجتمعية

محمد جمال الحويطي يكتب: الدايَة .. وظيفة نسائية وأهمية مجتمعية
محمد جمال الحويطي يكتب: الدايَة .. وظيفة نسائية وأهمية مجتمعية


تعد القابلة أو المولِدة أو "الدايَة" كما هو معروف في قري مصر وبعض المناطق العربية بهذا الاسم ،من أهم المهن القديمة التى عرفت منذ ظهور البشرية ولم تقتصر علي بلد او أمة بعينها بل عرفها العالم أجمع، وظلت متماسكة حتى مع التقدم والتطور الى يومنا هذا رغم ضعف الإقبال عليها إلا إنها موجوده ولم تنقرض أو تختفي، ففي كثير من القرى لازالت الدايَة موجوده نظراً لأهميتها في هذه البيئة ،علي كونها امرأه معروفه لديهم ويسمح لها بان تعمل في مثل هذه المهنة الحساسة والحرجة ، حيث تقوم "الدايَة" بتوليد النساء في القرى والإشراف علي حملهم من الوهلة الأولى فهي التي ترجع لها المرأة للكشف عليها اذا كانت حامل أو لا ،وهى التي تجري عملية الولادة ،وهى التي تكتب الوصفات الطبية للنساء قديمًا ،وتقوم بمتابعة المولود منذ ولادته ، فالمولِدة مهنة نسائية بحتة ؛فالنساء ركن رئيسي في المجتمع ولبنة في بنائه، ولا يمكن الإستغناء عنهم وعن مشاركتهم في المجتمع.
لم تكن وظيفة الدايَة مهنة أهليه بسيطة يمكن لأي شخص ممارستها ،ولكن كانت لها شروط وضوابط وقوانين، ورخصة تمنح للدايَة من وزارة الصحة لتمارس هذه المهنة، مدتها أربع سنوات قابلة للتجديد، بناء علي نص المادة الثامنة من الأمر العالي الصادر في 8 فبراير سنة 1886م ، وكانت هذه الرخصة تعطي حق للداية ان تقوم بعملية الولادة البسيطة وليست الجراحية منها ، كما كانت لوزارة الصحة الاحقية في سحب الترخيص في حالة صدور حكم علي صاحبتها أو في جناية بعقوبة من عقوبات الجنح أو في اسقاط الحوامل أو في هتك عرض أو إفشاء الأسرار أو النصب أو خطف الاطفال أو في القتل .
ويبدو ان الأمر لم يكن بسيطًا أو مجرد أن تتقدم أي امرأه لتشغل مثل هذه الوظيفة دون خبرة او إجازة بالقدرة على الممارسة لها ، ولكن كانت هناك في مصر مدرسة تسمى مدرسة الدايات تقوم بتدريب وتعليم هذه النساء قبل خوضهم هذه المهنة الحساسة، وذلك كما جاء في احدى الوثائق التي اطلعت عليها لسنة 1925 الصادرة من محافظة المنيا لسيدة تدعي "ترك ..." وقد جاء في نص الرخصة بانها «نجحت في الامتحان الذي عمل بمدرسة الدايات بجهة المنيا في 2/11/1925 بمعرفة اللجنة المكونة من حضرات الدكتور رياض حكيمباشي مستشفى المنيا» ، وكذلك الرخصة الصادرة سنة 1945 باسم الداية "رقية ... ..." التابعة لمحافظة قنا حيث كانت اكثر وضوحًا فكتب فيها نص القانون الصادر سنة 1886م الخاص بالدايات.
ومن شروط الداية ان تكون من المقيمين بهذه الناحية التابعة لها ، وتعرف بين نساء قريتها او الحي القاطنة به بحسن سلوكها ،ومن العادة دائما ان تتوارث بعدها المهنة إما ابنتها أو إحدى أخواتها أو احد اقربائها ،فدائما تكون بمرافقتها احداهم لتتعلم منها وتوصل بها لوراثِه هذه المهنة بعدها حتى لا تخرج المهنة من بيتها لبيت اخر، وكانت تتقاضى أجرة من الزوج او الأب مقابل خدمة الحامل أو عند اجراء عملية الولادة أو في سبوع المولود.
كما كان للداية دور في دفاتر الصحة بالمجمعات الصحية القروية، وقد اطلعت علي هذه الدفاتر التي بدأت من عام1880 تقريبًا ،وبجوار كل خانة المولود ختم الداية، فهو بمثابة اقرار وإخطار رسمي منها بولادة هذا المولود وصحة تاريخ ولادته.
ولأن للدايَة أهمية ودور مجتمعي لا يمكن الأغفال عنه يحتفل العالم في  5مايو من كل عام باليوم العالمي لـ "القابلات/الدايات" كما افادة منظمة الصحة العالمية، وتعمل الدول المتحضرة على الارتقاء بهم تعليمًا وخبرة لتفادي أي مخاطر تحدث والمعرفة التامة بالتعامل مع كل حالة.

 

 

كتبه/ محمد جمال سباق الحويطي