غادة قدري تكتب: الهائجون بطبعهم!

غادة قدري تكتب: الهائجون بطبعهم!
غادة قدري تكتب: الهائجون بطبعهم!

 

سيصدمكم العنوان بالتأكيد، هذا لو قررتم الاكتفاء بالعنوان دون قراءة المقال كاملا وسيتهمني البعض بالبجاحة وقلة الأدب، فماذا تنتظرون من واحدة ترتدي بنطلونا مقطوعا؟

الأسبوع الماضي كتبت مقالا يحمل عنوان "لأن الحرام أجمل.. لن أنتظر" وكنت أناقش فكرة الخيانة الزوجية، وطرحت مشكلة الزوجة الخائنة التي لا تختلف إطلاقا عن الزوج الخائن، ولكن المجتمع لا يتحدث عن الخائنات رغم وجودهن بكثرة، ولا أحد يفكر في دوافع خيانة المرأة واحتياجاتها، لكن عندما يتعلق الأمر بالرجل فنحن نبحث له عن ألف مبرر ليكون خائنا، هذا رغم أن عقوبة الزنا في الشرع واحدة.

أما عن عنوان مقالي الآن "الهائجون بطبعهم" فهو عن ردود الفعل التي تلقيتها بسبب مقالتي الأخيرة، حيث لاحظت أن الأغلبية اكتفوا بقراءة العنوان فقط، ثم أصدروا أحكامهم، وياليتهم اختلفوا معي وتناقشوا لنصل إلى نتيجة أو لا نصل.

 ما حدث هو أن هؤلاء أطلقوا شتائمهم الجنسية  البذيئة، وتلقيت مئات الرسائل الإباحية، والعبارات التي أخجل من ذكرها، وكان هذا مؤشرا جيدا يثبت لي كيف يعاني شباب هذا المجتمع من القمع الجنسي، والتراجع الفكري فهم لا يتخيلون أن تكون بينهم فتاة تتحدث بحرية رافضة كل الظلم والتفرقة والسلبيات الكثيرة في سلوكهم.

لا أدعي المثالية، لكن أردت أن أوضح لهؤلاء أنهم لم يخرجوا بعد من مجتمع "القبيلة البدائية" التي تحدث عنها فرويد والتي عانى أفرادها من الحرمان الجنسي فكانت نتيجته العدوان، فأبناء هذه القبيلة الأسطورية التي أخبرنا بها عالم النفس الشهير سيجموند فرويد كانوا أخوة ثاروا وتمردوا على أبيهم وقتلوه لأنه استأثر وحده بالمحرمات والنساء، ولم يشركهم معه.

ويرمز فرويد في مثاله هذا بالأب إلى سلطة المجتمع، والتعقيدات الجنسية المفروضة، وما يترتب عليها من نتائج نفسية خطيرة على النمو العقلي والعاطفي لدى الأفراد، وهو تماما ما يحدث الآن في كثير من المجتمعات العربية التي لم تتخطى بعد مرحلة الرهاب الجنسي ووهم "الخطيئة" الذي يطاردهم.

لنتكلم بصدق وصراحة، هذا المجتمع الذي يدين أفراده بعضهم البعض، ويصدرون أحكامهم العمياء دون تفكير، حيث يتوقف التفكير المنطقي لمجرد صورة امرأة تتحدث، أو عنوان يزعجهم، لا يعنيه "الحرام" ولكن يعنيه كيف نتحدث عن الحرام على الملأ! على غرار المثل الشعبي المعروف "البلد اللي محدش يعرفك فيها شلّح واجري فيها".

 هذا المجتمع الذي ادعى أنه "متدين بطبعه" هو الذي يكبّل أفراده بمطالب الزواج المستحيلة، فيبيع بناته لمن يدفع أكثر، فيحجم الشباب ويعجز عن الزواج، فيتجه إما إلى التحرش، أو الاغتصاب، أو إقامة علاقات غير مشروعة طالما لم يعرف بها أحد وفي ظل الكتمان، أو يلجأ بعضهم لأشكال الزواج غير المعترف بها مثل الزواج العرفي والمسيار والمتعة وغيره كنوع من "الدعارة المقنعة"، أو يمارس بعضهم العادات السرية ولا داعي لذكر المزيد، وبعد أن تقع الفأس في الرأس تجدهم يناقشون مشكلتهم وأسبابها وهم الذين صنعوها.

عناتيل هذا المجتمع الذين قالوا أنني أكتب مقالات لنشر الفتنة وأنني عاهرة أعمل لدى قواد، هم أفراد المجتمع الذين تصدروا احصائيات جوجل في الدول الأكثر تصفحا لمواقع الجنس، حيث توجد ست دول إسلامية ضمن الدول الثمانية الأكثر بحثا عن المواقع الجنسية على الإنترنت، بعائدات فاقت 12 مليار دولار سنة 2014 وذلك حسب إحصائيات لمحرك البحث الشهير "جوجل" التي أكدت تصّدر كل من مصر والمغرب والسعودية والباكستان وإيران وتركيا المراتب الستة الأولى.

نأتي لمصر التي أحمل جنسيتها والتي انهالت عليّ شتائم أبناءها حيث جاءت في المراكز المتأخرة في جودة شركات الطيران ومستوى التعليم الجامعي وسيادة القانون، لكنها تفوقت في التحرش الجنسي حيث حلت في المركز الثانى عالميا بعد أفغانستان حيث تتعرض 64% من المصريات للتحرش والاعتداء الجنسى بنسب متفاوتة، وذلك وفقًا لتقارير منظمات الدفاع عن حقوق المرأة العالمية.

وهؤلاء الذين تحدثوا عن الشرف والإيمان ينتمون لدولة تحتل المركز الثاني عالميا في قائمة الدول الأكثر اتجارا بالنساء، وفقا لإحصائيات مركز القاهرة للتنمية وحقوق الإنسان، وبيان الأمم المتحدة، حيث يتم تزويج القاصرات في بعض مدن الريف للأثرياء.

في النهاية لن أنسى أن أخبركم بأن نسبة الممارسين للعادة السرية من الرجال تصل إلى 95%، و89% من النساء و70% من المتزوجين، بينهم 61% من الرجال و9% من النساء، وذلك بناء عن إحصائيات لعام 2013 عن العادة السرية صادرة فى الشرق الأوسط.