كبسولة حنان .. حنان شلبي تكتب : مأساة الحل الوسط ! يا ليت جمال حمدان كان بيننا ليرد على النتن

كبسولة حنان .. حنان شلبي تكتب : مأساة الحل الوسط ! يا ليت جمال حمدان كان بيننا ليرد على النتن
كبسولة حنان .. حنان شلبي تكتب :  مأساة الحل الوسط ! يا ليت جمال حمدان كان بيننا ليرد على النتن
لم يحظ الدكتور جمال حمدان المولود فى 4 فبراير عام 1928 بقرية ناي بمحافظة القليوبية بتقدير خلال حياته فعاش في عزلة تامة داخل وحدة سكنية لا تتجاوز غرفتين بأثاث متهالك حتى وفاته 17 أبريل عام 1993 في حريق غامض لا يزال سببه مجهولا حتى الآن مع تكهنات دارت حول تعرضه للإغتيال بعد اختفاء مسودة كتاب كان بصدد تسليمه لأحد الناشرين حول (اليهودية والصهيونية)
كان جمال حمدان واحدًا من أبرز الجغرافيين والمفكرين المصريين و تميز بأسلوبه التحليلي العميق وكان يرى أن الجغرافيا ليست مجرد وصف للمكان بل أداة لفهم الحضارات والتاريخ والتغيرات السياسية و قدم رؤى استشرافية حول الصراع العربي الإسرائيلي والتنمية في مصر وموقعها الاستراتيجي و يعد واحداً من قلة محدودة من المثقفين المعاصرين الذين نجحوا في توظيف أبحاثهم ودراساتهم من أجل خدمة قضايا الأمة حيث خاض من خلال رؤية إستراتيجية واضحة المعالم معركة شرسة لتفنيد الأسس الواهية التي قام عليها المشروع الصهيوني فى فلسطين و استطاع حمدان أن يفضح أكاذيب اليهود من خلال كتابه (اليهود أنثروبولوجياً) عام 1967م والذى أثبت فيه أن اليهود المعاصرين الذين يدعون أنهم ينتمون إلى فلسطين ليسوا هم أحفاد اليهود الذين خرجوا من فلسطين ! و قد ألف حمدان نحو 29 كتاباً و 79 بحثاً ومقالة فى مقدمتها كتاب "شخصية مصر" دراسة فى عبقرية المكان و الذى نشر بصياغته الأولى عام 1967 بأربعة مجلدات و قدم فيه رؤية شاملة لمصر من الناحية الجغرافية والاقتصادية والسياسية وربط بين موقعها الجغرافي وتأثيره في تاريخها ومستقبلها و يحدثنا حمدان فى احد فصول الكتاب عن مأساة الحل الوسط فيقول :المأساة الحقيقية في ذلك أن مصر لا تأخذ في وجه هذه الأزمات الحل الجذري الراديكالي قط و إنما الحل الوسط المعتدل أى المهدئات و المسكنات المؤقتة و النتيجة أن الأزمة تتفاقم و تتراكم أكثر و لكن مرة أخرى تهرب مصر من الحل الجذري إلي حل وسط جديد و هكذا !بعبارة أخرى مأساة مصر في هذه النظرية هى الاعتدال فلا تنهار قط و لا هي تثور أبداً و لا هى تموت أبداً و لا هى تعيش تماماً إنما هى فى وجه الأزمات و الضربات المتلاحقة تظل فقط تنحدر و تتدهور تطفو و تتعثر دون حسم أو مواجهة حاسمة تقطع الموت بالحياة أو حتي الحياة بالموت منزلقة أثناء هذا كله من القوة إلي الضعف و من الصحة إلي المرض و من الكيف إلي الكم و أخيراً من لاقمة إلي القاع ،،غير أن النتيجة النهائية لهذا الانحسار المستمر المساوم أبداً و صفقات التراجع إلي ما لا نهاية هي أننا سنصل يوماً ما إلي نقطة الانكسار بعد الالتواء و بدل المرونة سيحدث التصادم و محل المهدئات ستحل الجراحة أي سنصل إلي نقطة اللاعودة إلي الحل الوسط و عندئذ سيفرض الحل الجذري الراديكالي نفسه فرضاً و لكن بعد أن يكون المستوي العام قد تدني إلي الحضيض و الكيف قد تدهور إلي مجرد كم و المجد إلي محض تاريخ و ذلك هو الثمن الفادح للاعتدال ،، 
صدق جمال حمدان في كل كلمة و كل حرف ،، نعم قد يكون الإعتدال له ثمنا فادحاً خصوصا مع المتطرف النتن ياهو رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلى الذي تجرأ و تبجح في الأيام الأخيرة و أدلى بعدة تصريحات أثارت جدلاً واسعًا و للتاريخ نذكر بعضها :
(غزة كسجن كبير ) صرّح النتن ياهو بأن غزة تحولت إلى (سجن كبير ) مشيرًا إلى أن مصر تمنع الفلسطينيين من مغادرة القطاع وقد قوبلت هذه التصريحات بانتقادات من وزارة الخارجية المصرية التي رفضت هذه المزاعم و اختارت مأساة الحل الوسط ! و لم تلقنه درساً قاسياً حتي لا يتطاول و يسرد الأكاذيب و يظن ان هذه الاستفزازات ستجبرنا على مشاركته في هذه الجريمة اللأخلاقية بالسماح بعبور الفلسطينيين دون عودة ! 
(انتهاء فكرة الدولة الفلسطينية)أعلن النتن ياهو أن فكرة إقامة دولة فلسطينية قد انتهت معتبرًا أنها ستكون (دولة إرهابية ) قد تنفذ هجمات ضد إسرائيل مشابهة لأحداث سابقة ! و كأن دولته التي أبادت و دمرت و حاصرت و جوعت ليست أرهابية هذا لمن يعتبرها دولة اصلا و يطبع معها و يبرم الصفقات ثم يطالب بانعقاد قمة طارئة يوم 27 فبراير الجاري بناء على طلب السلطة الفلسطينية المتواطئة مع حكومة الاحتلال لتناول التطورات المستجدة والخطيرة للقضية الفلسطينية و للرد على الرئيس الأميركي ترامب الذي اقترح السيطرة علي قطاع غزة و إنشاء ما وصفها بريفييرا الشرق الأوسط بعد ترحيل الفلسطينيين و إعادة توطينهم في أماكن أخرى ،، فلماذا لم تهدد هذه الدول بقطع العلاقات مع الكيان إلى الان ؟ لانهم يفضلون مأساة الحل الوسط !
(تهجير الفلسطينيين إلى السعودية) أشار النتن ياهو  إلى إمكانية تهجير الفلسطينيين إلى مناطق في السعودية وهو ما أثار ردود فعل غاضبة فقد رفضت السعودية هذه التصريحات بشكل قاطع مؤكدة دعمها لحقوق الشعب الفلسطيني كما اختارت مأساة الحل الوسط فلا تقاطع و لا تطبع ! دون حسم دوّن مواجهة ،،