سميحة رشدي تكتب : قرأت لك .. مبدعون في لوحات أدبية للكاتب الصحفي الكبير أسامة الألفي

سميحة رشدي تكتب : قرأت لك .. مبدعون في لوحات أدبية للكاتب الصحفي الكبير أسامة الألفي
سميحة رشدي تكتب : قرأت لك .. مبدعون في لوحات أدبية للكاتب الصحفي الكبير أسامة الألفي

قرأت لك .. مبدعون في لوحات أدبية للكاتب الصحفي الكبير / أسامة الألفي ، تقديم الكتاب للدكتور / عبد الحميد إبراهيم ..
يضع هذا الكتاب يد قارئه على أهم الملامح البارزة في تاريخ الادب العربي الحديث إذ يتناول المؤلف في لوحات أدبية بالعرض والتحليل أعمال وحياة مجموعة من الشخصيات قامت بدور بارز ورائد في تطوير الأدب العربي مثل :الشدياق أديب سبق عصره .
بدأ الكاتب عرض الشدياق بكلمة الصحفي اللبناني (مارون عبود) 
لو عرف صاحب لسان العرب أن الدهر سيلد لنا واحدا كالشدياق  لما تجرأ ان يقول لنا :خذوا لغتكم عن أعجمي 
وقد قالت الاجيبشيان جازيت :إذا وضعت الكتاب الإنجليز سكوت وأمرسون ووردزورت ووايلكلف في شخصية واحدة يمكنك حينئذ تتصور عظمة هذا الرجل 
انه احمد فارس الشدياق 
احد رواد النهضة في الرعيل الأول 
ولد  في لبنان مسيحي ماروني شغل الناس حيا وميتا بأفكاره 
وأثاره التي قاربت الستين كتابا ما بين مؤلف ومحقق ومخطوط إذ كان مؤلفا مدرسيا ومترجما وشاعرا وقاصا ورحالة ولغويا وصحفيا كان باختصار عدة رجال في رجل واحد اختلفوا في تحديد مولده مابين ١٨٠١ م إلى ١٨٠٥ م .
و الشدياق تعني الشِماس رتبة دينية تلي الكاهن 
ولد الشدياق في زمن عانت اللغة تدهورا كبيرا في بلاد الشام إذ كثرة الإرساليات التنصيرية وزاحمت بلغاتها اللغة العربية 
تسارع في عصره ثلاثة تيارات فكرية 
التغريبي يدعو الي مواكبة العصر دعوة بطرس البستاني إلى إيجاد لغة عربية سهلة مطعمة بمفردات عامية
وتيار ليبرالي يدعو إلى عدم إهمال حضارة الغرب والَمؤامة بينها وبين حضارة العرب ومن ممثليه رفاعة الطهطاوي وأحمد فارس الشدياق 
والثالث كان سلفيا اصولبا يمثله محمد بن عبد الوهاب وفي تونس على السنوسي وفي اليمن محمد علي الشوكاني 
في هذه الأجواء المتباينة شب الشدياق ونمت أفكاره 
كانت النساخة هي المهنة المناسبة له 
ظهرت روح الإسلام وتعاليمه في كتاباته حتى ماكتبه قبل إشهار إسلامه 
خدم الشدياق الإسلام من خلال سعيه في الربط بين الإسلام والعصر على حد قول الباحث وجيه فانوس 
كما وصفه المستشرق الانجليزي (جيب) بأنه كان أحد الأبطال العظام المدافعين عن الإسلام 
كذلك أشار بروكلمان في ( دائرة المعارف الإسلامية ) إلى أن الشدياق عبر صحبفته ( الجوائب) قد ناصر وعرف أهله بحال أوربا 
كان لغويا سابق عصره تصدى للتأليف المعجمي ومترجما نقل إلى العربية ما يفيد وثقافتها وأديب لا يشق له غبار 
شاعر يملك لغة ويطوعها وقاصا لا يباري وصحفيا مجددا في مجال الطباعة فضلا عن كونه من رواد التأليف المدرسي ورحالة جاب الآفاق
تقسيم الباحث التونسي عبد الهادي المطوي لمراحل التأليف والكتابة عند الشدياق 
مرحلة مالطة   ويغلب عليها الطابع الديني الانشائي والنقد الديني 
المرحلة الأوربية ويغلب عليها الطابع الادبي الانشائي والنقد الديني 
المرحلة العثمانية تميزت بتآليف علمية يغلب عليها الاتجاه اللغوي أدب المقالة وعودة الي تأليف الكتاب المدرسي نظرا لزيادة الإقبال عليه في البلاد العربية 
مؤلفات الشدياق 
سر الليالي في القلب والإبدال كتاب في اللغة 
الجاسوس على القاموس معظمه نقد للقاموس المحيط
الساق على الساق فيما هو الفرياق وهو سيرة ذاتية وايضا ضمن أدب الرحلات 
كشف المخبأ عن فنون أوربا يعد من أدب الرحلات رغم قيامه للتصدي لإدعاءات المستشرقين حول العرب والاسلام 
اللفيف في كل معنى طريف في الأدب والحكمة الأمثال 
كنز اللغات قاموس فارسي تركي عربي 
الباكورة الشهية في نحو اللغة الإنجليزية   
  سند الراوي في الصرف الفرنساوي، 
  غنية الطالب ومنية الراغب كتاب مدرسي في النحو والصرف 
  شرح طبائع الحيوان كتاب مترجم عن اللغة الإنجليزية 
منتهي العجب في خصائص لغة العرب 
الكنز المختار في الكشف الأراضي والبحار كتاب جغرافي مترجم 
ويطول الحديث عن مؤلفاته 
اهتم بالعمل الصحفي، 
أنشأ صحيفة الجوائب سياسية أسبوعية صدرت في الآستانة 
١٨٦٠ م 
لما يستقر في مكان واقام في لبنان ومصر ودرس في الأزهر 
واقام في مالطة وإنجلترا وفرنسا وتونس الآستانة 
رحل عن الدنيا في العشرين من سبتمبر ١٨٨٦٠ م في الآستانة 
بحضور أبنه سليم وقد شيعت جنازته مرتين 
في الآستانة بحضور مشايخ للاسلام واقطاب السياسة والأدب والعلم ومرة أخرى في بيروت في موكب مهيب وقد رثاه كبار شعراء عصره أمثال محمود سامي البارودي باشا 
وأمير البيان شكيب أرسلان 
وكما بدا الكاتب بمقولة مارون عبود ختم أيضا بمقولة لمارون عبود  .
النثر الفني في إسلاميات طه حسين :
يرى الكاتب أن حسين يتبع المدرسة الغربية في منهجه البحثي 
إلا أنه ابن بيئته ولم يتخلى يوما عن ثقافته العربية الأصيلة 
لهذا لم يكن هناك أفضل منه لاستخراج الدرر من القرآن والسنة الشريفة 
ويراه في أسلوبه قريب من الجاحظ في السلاسة والترسل والموسيقى اللفظية مع تناسق الألفاظ وجمال العبارة 
فقد قدم رؤية أدبية لتاريخ المسلمين تبرز قيم الإسلام الخالدة 
وخصائص وسمات المسلم 
يعرض الكاتب كتابه "على هامش السيرة" الذي يزعم البعض انه أخذه من كتاب فرنسي بعنوان " على هامش الكتابة القديمة "
وقد تناول الكاتب مقدمة الكتاب وكيف فرقت بينه وبين حياة محمد للدكتور محمد حسين هيكل 
يقول الكاتب أن إسلاميات طه حسين التي تناولت الإسلام وتاريخه تميزت عن غيرها ممن نقلوا الواقع نقلا حرفيا باساليب تقليدية والفاظ جامدة 
لكنه قدم صور فنية للحدث كما تخيله يغززها بالعرض الفاهم الذي لا يغفل رواية يرى فائدة في ذكرها 
يستعين بالاستدلال والقياس وينتهي بالاستبصار والتحليل تاركا لمخيلة القارئ استنتاج أاخطأ ام اصاب في منهجه 
رغم ان حسين يتبع المدرسة الغربية في منهجه إلا أنه ابن بيئته
لم يتخلى يوما عن ثقافته العربية الأصيلة 
ويقول أيضا انه افضل من استخرج الدر النفيس من التراث ومن القرآن الكريم تحديدا 
اسلوب حسين قريبا من أسلوب الجاحظ المتميز بالسلاسة 
والترسل والموسيقى اللفظية مع تناسق الألفاظ وجمال العبارة 
حتى يقلل انه قدم رؤية تبرز قيم الإسلام الخالدة وخصائص المسلم وصفات شخصيته وقد طبق هذا المنهج عمليا في كتابه.  ( على هامش السيرة) .
وقد أشار الكاتب الي كلمة طه حسين عن الكتاب بأنه لم يقصد به علم أو تاريخ ولكنه عرض لما قرأه 
ويشرح الكاتب الفرق بينه وبين(  حياة محمد) للدكتور محمد حسنين هيكل الذي عني بالتأريخ فكانت الفاظه أقرب إلى اللغة العلمية المتادبة 
اما حسين فقد قدم صورة يسيرة طبيعية صادقة قد وظف لها جهده وطاقته الإبداعية وقدرته اللغوية و الأدبية وقد غلب على قالبه جزالة الأديب لا واقعية المؤرخ وقد استند الي( سيرة ابن هشام) (وطبقات بن سعد) ( وتاريخ الطبري) 
ولكن لم يتوقف عندها وينقل منها حرفيا وإنما يعمل فيها خيال الأديب ألا فيما يتصل بشخص الرسول صل الله عليه وسلم 
ولعل هذا النهج هو ما جعل بعضهم يهاجمه ويتخذ من إيراده الروايات الضعيفة وتشكيكه في أخرى سببا لاتهامه بمحاولة إفساد السيرة وزعزعة الإيمان لكن العميد لم يفكر في هذا إنما أراد عرض السيرة بأسلوب أدبي قريب إلى قلب القارئ قبل عقله
وقد ابدع في وصف جو روحاني عميق لحظة ميلاده صل الله عليه وسلم 
وقدم صورة دقيقة للجزيرة العربية قبل الإسلام وبعده وصور قلمية للرسول وكفاحه لنصرة دين الله 
الوعد الحق 
قدم نماذج لما لاقاه الرعيل الأول من المسلمين من عذاب في سبيل دينهم وكيف تغلبوا على معاناتهم للوصول إلى اللحظة المنشودة 
وتعد الوعد الحق اكثر إسلاميات طه حسين قربا من العمل الادبي إذ ان اسلوبها أقرب ألي الرواية من السير والتراجم وقد تحولت إلى فيلم سينمائي    (ظهور الإسلام) 
ويقول الكاتب اتخذ طه حسين القالب التصويري مثل التعبير عن ياسرا وسمية وعمارا ومشهد تعذيبهم حتى استشهدت سمية 
وياتي الحوار في صور واخيلة ليدرك بالاحساس اكثر ما يدرك بالعقل 
وفي(  الشيخان) يتالق طه حسين بأسلوب أدبي رصين ليؤكد ان فتح الإسلام للبلدان كان فتح إصلاح وهداية لا فتح تغلب وجباية أموال 
ومن منطق الحب لا التأريخ كتب عن الشيخان ( أبي بكر وعمر) 
ولم يفعل مثل العقاد تناولهما من زاوية سيكولوجية وفلسفية 
إنما ناقش الظروف التاريخية التي أل فيها الحكم لهما 
ولكنه ركز على الدولة في عهد عمر اكثر من عهد الصديق 
ومرجع ذلك أن الدولة لم تكن توطدت في عهد ابي بكر ولكن استقرت وتوسعت في عهد عمر 
وفي ( الفتنة الكبرى) 
يستكمل طه حسين مؤلفات تتناول عصور الإسلام المختلفة 
ولكنه وقع في مغالطة اوقعه فيها المنهج الشوكي أخذها عليه
من ناصبوه العداء حين انكر وجود ابن سبأ مما صور محاولة لتبرئة اليهود من اية صلة باحداث الفتنة 
وقد قدم صورة ناطقة حية لاحداث الفتنة الكبرى التي بدأت بمقتل عثمان واستمرت في حروب معاوية وعلى الي ان انتهت 
بالخلافة الأموية 
ويدعو الكاتب بالرحمة للعميد مثمنا دوره في إثبات عالمية الإسلام واحتواءه على أرقى القيم الإنسانية بأسلوب أدبي راقي
العملاق العصامي
عباس محمود العقاد
صاحب اعمال موسوعية غزيرة شارفت تسعين مؤلفا اثرت العقل العربي في مجالات الفلسفة الفكر التاريخ الشعر القصة الرواية النقد والتراجم
هو الكاتب العصامي الذي ثقف نفسه بنفسه وارتقي القمة دون مساعدة  من احد وكان الزعيم سعد زغلول يلقبه الكاتب الجبار
ويرى الكاتب أننا لن نفهم أعمال العقاد إلا بإيجاد مفتاح شخصيته وسماتها التي لخصها في اعتزاز شديد بالذات، ونزعة دينية عميقة، وروح شديدة الأنفة عنيدة في الحق، قوية في الحجة، محبة للنظام، عصبية المزاج، وهي تشكل مجموعة شخصيات ألتقت في شخص واحد
كان الكتاب عدوا للأستبداد والأستعمار و أعداء الدين من الشيوعيين 
وعصاميته كانت وراء نزعته إلى التجديد وشارك المازني وعبد الرحمن شكري في تجديد الشعر العربي 
كان العقاد إيجابي يرفض المهادنة ولهذا تميزت مواقفه بالثبات
والدفاع عما يؤمن به 
طالب هتلر برأس العقاد بعد كتابه " هتلر في الميزان "
الذي عبر فيه عن كراهية النظام النازي وتوقع هزيمته وسقوط نظامه 
وكنت تلك الطبيعة سببا في حبسه ستة أشهر في قضية العيب في الذات الملكية 
وايضا سببا في معاركه الأدبية مع احمد شوقي الرافعي وطه حسين 
له مؤلفات جددت الفلسفة الإسلامية مثل* الله" إبليس" "الإنسان في القرآن*  "الفلسفة القرآنية"  و"التفكير فريضة إسلامية "
كما قدم مجموعة العبقريات زاوج فيها بين الفلسفة وعلم النفس وفقه التاريخ الإسلامي 
كما تناول؛ شخصيات مصرية مؤثرة مثل محمد عبده وسعد زغلول وشخصيات عالمية مثل غاندي وموسوليني 
قد ابدع في كتابه" الديوان" الذي شارك فيه المازني وعبد الرحمن شكري 
ومثلت دواوينه" يقظة الصباح" "ووهج الظهيرة" " أشباح الأصيل" "وأشجار الليل "
وقد اتهم العقاد أنه فيلسوف أكثر من شاعر بسبب مزجه مخاطبة العقل مع مخاطبة الوجدان وهذا المزج تجلى في مطولته "ترجمة الشيطان" ضمن ديوان" أشباح الأصيل" 
حاول البعد إتهامه بالعداء للمرأة بسبب عدم زواجه الذي كان سببه إنشغاله الدائم بالقراءة والكتابة 
يرى الكاتب أن العقاد طاف بالقارئ في عوالم شتى من الفكر والإبداع محتفيا بالعقل ومخاطبا للوجدان معا في قالب إبداعي 
رصين ورغم ما أشتهر به العقاد من صرامة وجد فإنه أيضا كان يتمتع بروح فكهة تمازح احيانا في دعابة ومرح 
رحل العقاد في ١٣مارس ١٩٦٤م
وقبل رحيله نشر ابيات تحدث فيها عن رحيله 
رحم الله أستاذنا الراحل الذي علمنا ولا يزال يعلمنا كل يوم .