حقنة عضل !! بقلم حمادة عبد الونيس

حقنة عضل !! بقلم حمادة عبد الونيس
حقنة عضل !! بقلم حمادة عبد الونيس
 
لم تكن حياة عدي الواطي حياة وردية ألقت به المقادير حيث نشأ مع أبيه الذي كان يعمل" حانوتيا ؛مغسلا للموتى!
يسرق الأكفان، يرى نفسه منبوذا دون جرم أو جريرة !!
له عينا ذئب ورأس فيل ،تتدلى أذناه على كتفيه، تساقط أسماله فتنكشف سوءته!
يمشي نائما كأنه هائم في الملكوت ،لا يبالي بوعظ واعظ ولا نصيحة ناصح بل لم ينل منه يوما قدح قادح ،يقابل الأنواء بضحكة بقرة هولاندية من سلالة الفريزين الشهيرة :إنها أحاديث خرافة ،وعلقة وتفوت  ولا أحد يموت !!
ماذا علي لو نمت كلبا وأصبحت سبعا يخشى الناس بأسي ،يتهيبون غضبتي !!
إنما السبيل الوحيدة أن يكون لدي صفراء وبيضاء ،علي أن أغير أديمي حرباء تتكيف لا ينال منها حر ولا قر !!
قد ألجأ إلى حف شاربي فتبدو شفتاي شفير بكر مغربي هائج!
ذبيبة في جبهتي تأشيرة مرور إلى القلوب المتعطشة للدين الحنيف ،ماضرني أن أكون دمنة ترعرعت فوق كنيف ،الناس في بلادي سطحيون إلى أبعد الحدود ،لا يميلون إلى البحث والتنقيب إنهم يكملون نصف عشائهم نوما فلا خوف ولا ريبة!!
للولي في دنيا الحرافيش علامات ،يسيل لعابه ،تعلو الأتربة ثيايه، أفلج الأسنان له سمرة أسفل عينيه من أثر السهر !!
تفوح منه رائحة المسك برغم العناكب التي عششت في رأسه ولحيته!
الأمر جد يسير ،زجاجة سبرتو أحمر ممزوجة ببعض العطور تكفي عاما كاملا ومن لحظة إلى أختها يبدل الله من حال إلى حال!!
يتعجب العوام !!
من أين له هذا ؟!
تروي العجوز التي جاورت أباه أربعين عجافا في مقابر الغفير رواية مبتورة السند:لقد ورث عن أبيه رأسا ذهبية وجدها ذات ليلة بينما كان يمر على المقابر ،يسرق لافتات الرخام المعلقة !
كان درسا موجعا ،ضرب عليه النوم أخبيته سرت في جسده رعده ،كان وقع رجفته يقلق الموتى في أجداثهم !
تنادي سلومة الغجرية ابنتها شربات :
لا تسمعي لهذه المرأة الضالة ،إن لها مع الوطي سرا مطويا  تغمي الناس عنه !
متي رمت المقابر برءوس ذهبية ،ليس في المقابر سوى عظام نخرة وديدان متربصة !
الشحاذ له نصف الدنيا !
عاشت أمه الجارية مترددة على البيوت، تكنس ،وتغسل وترجع إلى المقابر وقد امتلئت سيالتها وقفتها بما جادت به ذوات القدود والنهود الرافلات في النعيم المقيم !!
كاذب من يردد كالببغاء :التاريخ لا ينسى ،تبقى الأصول محفوظة !!
إنها أماني كاذبات ، التاريخ ينسى ..يزور ،على مرأي ومسمع كل بر وفاجر !!
الأصول لم تعد محفوظة حتي أصول العقارات تدول دولتها بين طرفة عين وانتباهتها  قد يصير الذيل رأسا ولا محاسب ولا مسائل!!
دارت الأيام دورتها ، نال ابن الواطي مناله ،بنى له السفهاء في حياته مقاما ووقفوا على أعتابه قياما !!
مدد مدد يا أهل المدد ...مدد مدد يا أهل الجود والسند !!
تفوح العطور على جمر البخور في دكانته التي حوت أسرار العائزين !
أزوج الأرملة ،أربي اليتامى ، أقضي الدين عن الغارمين!!
طويل العمر ،بهي الطلعة ،إمام الزمان دون منازعة !
تقسم بدينة الجسيمة التي أعطاها نصف كيلو لحما وكيلو أرزا أنها رأته يعبر النهر سابحا دون أن يبتل أو يمس الماء جلده!!
الولي الشاكر ،ابن الأكابر، ينتهي نسبه إلى الإمام محمد الباقر هكذا يحدث عنه شيخ العمود في زاوية أبو كرش قدس الله سره وأعلى بين الأنام مقامه !!
لا تفارقه السعود ،تنثال عليه الدراهم والدنانير كلما أم الناس في حاجة !
بنى للواهمين بيوتا فوق الماء ،كان الواسطة بين أهل الأرض والسماء  !
تشاور القوم في أمره وبركة سره !!
وسع دكانه فأصبح لديه دكاكين !!
سماه الناس "الحاج "
ثم نادوه "كبير الحجاج "!!
عرجت أتان السفروت ابن عظيمة ،عجزت فنون الطب في علاجها  جاءته الرؤيا الفجرية ،اذهب بها إلى "سيد الحجاج"!!
يا مثبت العقل والدين يارب !!
ابن الواطي من سارق أكفان إلى بيطار ضليع !!
ملك الملوك إذا وهب لا تسألن عن السبب !
يفتح دكانا جديدا للعطارة فيه أوراد وتعاويذ ،ترد المطلقة، وتفك السحر السفلي ،وتجلب السعود !!
هجمت كلبة بهانة المسعورة ام عين عورة على بقرة المعدوم ولد مسكينة فجرى فيها الكلب فركبه الحزن واسود وجهه  وآواه الحزن إلى النوم فجاءه ابن الواطي ومعه البشارة :
غدا بعد الفجر ،آتيك سرا ،حقنة عضل وأخرى تحت الجلد ،تصبح بقرتك سليمة لا علة فيها ولا مرض !!
ويح قلوبنا ارفق بنا يا صاحب السر الذي ينفع ولا يضر ،حتى كلبة بهانة ،قد ذهب عنها السعار وتعلمت فنون الصيد ،تأتي بكل ما لذ وطاب لأهل الخيام من سكان الحي !!