أخبار عاجلة

مروة جالي حسن تكتب : زواج القاصرات بين الواقع والمعاناة

مروة جالي حسن تكتب : زواج القاصرات بين الواقع والمعاناة
مروة جالي حسن تكتب : زواج القاصرات بين الواقع والمعاناة
انتشرت ظاهرة مقلقة للغاية وهي زواج القاصرات ،وكأن الأبوين يقمن بصفقة مربحة ، قد تغير مجرى حياتهم  بالكامل، وتحول أحلامهم البائسة من ظلمات الفقر والبؤس إلى أحلام وردية ونعيم دائم، وذلك عن طريق بيع أبنائهم  ليس بهدف الإتجار بأعضائهن، ولكن لقتل مشاعرهن دون رحمة ولا رأفة بهن ، والتربح من ورائهن للتمتع برغد العيش على حساب سعادتهم ودفن أحلامهم البريئة تحت ستار هذا الزواج الغير مقبول، لعدم إكتمال نضوجهم الفكري ،ووضع عبء المسؤولية على عاتقهن ، وجميعهم لم يكملوا دراستهم لهذا الزواج المبكر الذى يقضي على أحلامهم وطموحاتهم وعلى حياتهم.
ويعرف زواج القاصرات بأنه زواج رسمي أو إقتران غير رسمي قبل بلوغ سن 18عاماً وهو يطبق علي الفتيان والفتيات، علي الرغم من أن الفتيات أكثر تضرراً من هذه الممارسات ومعظمهم ينتمين إلي أوضاع إجتماعية وإقتصادية متدنية، وعلي الرغم من الإنخفاض الملحوظ للظاهرة في ظل فرض قوانين ومواثيق حقوق الإنسان تمنعها وتجرمها، لكنها مازالت حاضرة في العالم وفي عالمنا العربي أيضاً. 
وكثيرة هي الأسباب التي تؤدي إلى الزواج المبكر، كالفقر المدقع الذي تعيشه معظم الأسر، والبطالة والحرمان، والتدهور الإقتصادي والإزمات المتعاقبة، ما يدفعها لهكذا زيجة، للتخلص من بعض الأعباء، وحرمان الفتاة من أكمال تعليمها، وغياب القوانين وضعفها، وزيادة الزواج خارج المحاكم، لا سيما أن هناك من يؤمن بقوة الأعراف والتقاليد، بدلاً من القانون والمؤسسة الحكومية، كما أن المجتمعات التي تكثر بها المضايقات والتحرش، والإعتداء يدفع بأسر الفتيات إلى تزويجهن بوقت مبكر.
ما الفائدة التى تعود على الفتاة من الزواج المبكر؟؟
سؤال يفرض نفسه وسط تساؤلات كثيرة في هذا الشأن ، نبحث عن فائدة واحدة تعود على الفتاة من زواجها في سن مبكر، إذا كان أهلها هم المستفيدون الوحيدون من وراء هذا الزواج ، فماذا عنها هى ؟؟ لم تجنى من وراء هذا الزواج غير الفشل والحزن والضياع ،وإذا نظرت حولها لم تجد غير أسرة وزوج وأبناء في رقبتها ، وهي مازالت لم تستوعب حجم المسؤولية التى فرضت عليها ، حينما تجد نفسها أم لطفل أو أكثر ماذا هى فاعلة إذن وقتها ؟ وهى من تحتاج من يراعها فكريا ونفسيا ويساعدها لتحقيق ذاتها مثل أصدقائها الذين لم يتزوجوا في هذا السن المبكر .
المسؤول الأول والأخير لمرتكبي هذا الجرم في حق بناتهن هما الأبوين ، وضياع مستقبل بناتهن وهدم حياتهم عن عمد وقصد وتخطيط مسبق ، فحتما هذا الزواج لن يستمر طويلاً لأنه فقد أشياء كثيرة لبناء أسرة قوية ، لا تهدمها عواصف وضغوطات الحياة القاسية .
الفتاة لزواجها المبكر هي من تدفع ثمن هذا وحدها ، ومن ثم أطفالها التى سيقعوا فريسة لفشل هذا الزواج ، ولإجبارها على ترك أحلامها ودراستها من أبوين لا يقدرون ولايرون غير مصلحتيهما ، ولبيع إبنتهم في سوق العبيد لمن يشتريها ويدفع لهم أكثر .
وأحيانا مانجد أن الأسرة تقبل بزواج إبنتهم وهما في حالة مادية لا بأس بها، وإنما لبعض العادات والتقاليد التى نشأوا عليها وليس بغرض الحصول على المال من وراء هذا الزواج ، وإنما لتقاليد والعرف السائد في بعض البلاد ، ولكن هذا في حد ذاته، لم يكن فكرا صحيحاً أيضا ، لأن الزواج في سن مبكر ماهو إلا إجهاض لأحلام الفتاة وعدم نضج فكرها وحياتها بأكملها ، فهى مازالت صغيرة ووضع هذه المسؤولية الكبيرة على عاتقها ، فهى مازالت تحتاج إلى حنان أبويها ، فبلوغها لم يكن مؤشرا لكبرها،لنلقى عليها هذا الحمل على
 كتفها ، لتصبح زوجة وأما دون غيرها ، وهى لم تبلغ أشدها في العزم والفكر والقدرة على تحمل مسؤولية الزواج وواجباته  نحو زوجها وأبنائها دون أن تلحق الضرر بنفسها وبغيرها .
كيف لفتاة أن تتحمل مسؤولية هذا الزواج وهى مازالت قاصرة؟؟
كيف لها أن تعطي وهى في أمس الحاجه إلى الإحتياج إلى من يعلمها ويرشدها لتكن زوجة وأما ناجحة ،دون أن تصاحب دموعها وسادتها كل يوم لفشلها وضياعها ؟؟ من سيشعر بها وبما تعانيه من هذه المسؤولية وثقلها؟؟ أصبحت هى الضحية وحدها نتيجة لسوء الفكر ولبعض العادات والتقاليد الخاطئة التى دمرت حياة الكثيرين أثر جهلهم ومعتقداتهم، 
ولتلك الظاهرة آثارها السلبية، كون القاصرات سيتحملن مسؤولية كبيرة في وقت مبكر، وتقع أعباء كثيرة على كاهل الآباء الصغار، وضغوط إقتصادية، وتعاني الفتاة التي تتزوج مبكراً من عزلة وإنطواء بعيداً عن أقرانها وأسرتها، وتحرم من التعليم وضياع فرص التوظيف، وتكثر المشكلات الزوجية، والإنفصال الذي يحدث بين الزوجين لعدم إستعدادهما لبناء أسرة، وإنتشار العنف الأسري، وعدم تحقيق الإستقرار المادي والإجتماعي.
والزواج المبكر قد يؤثر بشكل سلبي على صحتها لتعرضها للحمل والإنجاب لصغر عمرها وقد تتعرض لمشاكل صحية جمة بسبب هذا الإنجاب المبكر ، وإصابتهم في فترة الحمل بنوبة إكتئاب أثناء الحمل مثل غيرها مما يمرون بهذه الفترة 
من الحمل .
كما أن العديد من الفتيات لا يحصلن على الرعاية الطبية والصحية أثناء الحمل، ويصابن بأمراض وفيروسات مختلفة، وقد يتعرضن لمخاطر الإجهاض، لأن أجسادهن غير مؤهلة للولادة، ويعانن من فقر الدم والضغط وتسمم الحمل،إضافة إلى أن الأم القاصر تصاب بإكتئاب ما بعد الولادة، فتشعر بالحزن والتوتر والقلق، وصعوبات في النوم، وتناول الطعام، وتدهور علاقتها مع رضيعها.
ولتلافي تلك الظاهرة الخطيرة على المجتمع، علينا نشر الوعي من خلال تثقيف الفتيات، وتوعيتهن بمخاطر الزواج في سن مبكر، وتذكيرهن بحقوقهن، كحق التعليم، وحق إختيار الشريك المناسب من دون التعرض لضغوطات، وسن القوانين الرادعة التي تحد من هذا الزواج، وتوفير لهن فرص عمل جيدة، وعقد ندوات للتعريف بعواقب زواج القاصرات.