أحمد غريب يكتب: علي خطي الزعيم..مصر تستعيد مكانتها بالقارة السمراء

أحمد غريب يكتب: علي خطي الزعيم..مصر تستعيد مكانتها بالقارة السمراء
أحمد غريب يكتب: علي خطي الزعيم..مصر تستعيد مكانتها بالقارة السمراء

في كتابه "فلسفة الثورة" بين الزعيم الراحل جمال عبد الناصر أن السياسة المصرية الخارجية لها ثلاث دوائر عربية ، وافريقية ، واسلامية وكانت هذه المسارات الثلاثة هي المحرك الرئيسي لسياساته الخارجية ، ورغم كل المحاولات التي سعت جاهدة لاظهار إخفاقات هذا الرجل الا ايا منها لم ينكر قط حقيقة الدور الإيجابي الذي مارسه الزعيم جمال عبد الناصر داخل قارته الافريقية، تلك التي اطلق ابناؤها عليه لقب "ابو افريقيا" ؛ حيث سعي جاهدا وقت حكمه بتخليص القارة من المستعمر الاجنبي وتاريخيا ، لم يكن هناك سوي ٤ دول فقط من القارة هي التي نالت حريتها قبل ثورة ٢٣ يوليو ، وهو التاريخ نفسه الذي ذكر لنا بل وللجميع ان ٣٠ دولة قد نالت هي الاخري حريتها من قبضة المستعمر الغاصب؛ بفضل الجهود المصرية عام ١٩٦٣ ، شكلت هذه الدول نواة جادة لمنظمة الوحدة الافريقية التي اتخذت من "اديس ابابا" مقرا لها وساهمت مصر بقيادة زعيمها جمال عبد الناصر في حركة التحرر الوطني في الصومال، وكينيا وغانا، والكونغو الديمقراطية . .وعلي الصعيد الاقتصادي لم تكن هناك مدينة او قرية صغيرة الا وبها مدرسة او مصنع تحمل اسم الزعيم جمال عبد الناصر ، ولقد حاول جاهدا ابعاد مخالب اسرائيل عن قارته السمراء خاصة تلك التي كانت تستهدف اقتصاد القارة ، وبالفعل نجحت كل مساعيه الحميدة تجاه قارته ، ثم يأتي الرئيس محمد حسني مبارك والذي اخذ اتجاها مغايرا استبعد فيه القارة الافريقية من اجندته الخارجية ، حتي آلت الامور الي ما نحن فيه الان من سد النهضة وخلافه ، الامر الذي جعل الرئيس السيسي يلتزم من جديد بإحياء نبض الدولة المصرية تجاه قارتها ؛ واخذ بالفعل يسير نحو خطوات جادة وعظيمة تجاه القارة الافريقية من اقصاها الي اقصاها ، وخلال العشرة اعوام السابقة ايقنت القيادة السياسية بما لا يدعو مجالا للشك حقيقة ان تهتم مصر ليس فقط بعودتها من جديد الي احضان القارة الافريقية ولكن ان تهتم أيضا وبنفس القدر بإيجاد مصادر اضافية تستمد منها قدرا اضافيا من حصتها المائية يتماشي مع الزيادة السكانية المتزايدة عن طريق ايجاد مورد مائي يحقق تلبية متطلبات هذه الزيادة  من الماء ، واتخذت مصر بالفعل كثير من التدابير التي تمكنها من زيادة هذه الحصة المائية والتي وجدتها في نهاية المطاف غير معبرة بالقدر الكافي عن هذه الزيادة السكانية المتزايدة ، فكان التفكير في ربط نهر الكونغو بنهر النيل العظيم والبداية كانت هناك في "كنشاسا" وانشاء سد انجا.

لم تكن فكرة ربط نهر الكونغو بنهر النيل حديثة العهد؛ حيث تم عرض الفكرة قديما من كبير المهندسين المصريين بالسودان "اباتا باشا"، وذلك عام ١٩٠٢ علي الخديوي "عباس حلمي الثاني" حاكم مصر والسودان في هذا الوقت ولكن تعسر تنفيذها والفكرة ذاتها اعيد التفكير فيها في عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ، وللأسف لم تنفذ ايضا هذه المرة؛ لإنشغال القيادة السياسية بأعمال انشاء السد العالي ، ثم يقوم الرئيس الراحل محمد أنور السادات ويكلف فريق من الخبراء عام ١٩٨٠ ، حيث طرح المشروع علي شركة امريكية "Arther D littd" وتوقف المشروع بعد اغتيال السادات عام ١٩٨١ ، ويعد نهر الكونغو ثاني اطول انهار افريقيا بعد نهر النيل العظيم ، وتتدفق المياه فيه بسعة ٤٠ الف متر مكعب بالثانية ، ويصب اكثر من ١٠٠٠ مليار متر مكعب في المحيط الأطلسي ، حتي ان المياه العذبة تمتد لمسافة ٤٠ كم في المحيط الاطلنطي ، وتقوم مصر الان بتنفيذ وبناء اكبر مشروع في العالم لتوليد الطاقة الكهرومائية في دولة الكونغو وهو سد انجا.

 

موقع سد انجا :

يقع سد انجا في القسم الغربي من جمهورية الكونغو علي اضخم منحدرات مائية في العالم.

 

تكلفة السد :

تبلغ تكلفة انشاء سد انجا ما يقرب من ١٤ مليار دولار ، ويتضمن المشروع بناء سد ضخم ومحطة لتوليد الكهرباء بقدرة انتاجية ٤٨٠٠ ميجاواط ، ويهدف المشروع الذي تم تأجيله طويلا لتوفير ٤٠٪ من الطاقة الكهربائية لافريقيا ، وبحسب خبراء بالمشروع انه قادر علي توليد كهرباء بحجم ٤٠ الف ميجا واط اي ما يعادل الطاقة المتولدة عن ٢٠ محطة طاقة نووية كبري ، يذكر انه في ١٥ يونيو من العام الماضي اعلن "فيلكس تشيسكيدي" رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية عن رغبته في بناء خمسة سدود جديدة لتخزين المياه علي روافد نهر الكونغو ؛ وذلك لانتاج نحو ٤٤ الف ميجاواط من الكهرباء اي ما يعادل انتاج ٤٠ مفاعلا نوويا ، واعرب تشيسكيدي عن اعتقاده في انه اذا تطور العمل في مشروع انجا الكبير بكل مراحله فسيمكن ذلك من توليد ٤٤ الف ميجاواط من الكهرباء اي ما يعادل اكثر من ضعف انتاج سد "الممرات الثلاثة" في الصين.

 

المشروع وتطلعات مصرية :

المشروع يمثل خطوة كبيرة في مشوار الربط الكهربي المصري مع قارتي افريقيا واوروبا من خلال تصدير الفائض من هذه الطاقة النظيفة التي ينتجها السد الي اوروبا عبر دولة قبرص.

 

مصر تخرج بالمشروع الي حيز التنفيذ :

وقعت مصر اتفاقا مع شركة قبرصية قبل شهور لمد كابلات بطول ٣١٠ كم تحت مياه المتوسط ؛ حيث بلغت قيمة الاتفاق نحو ٢ مليار يورو ، ومن المخطط له ان ينقل في المرحلة الاولي مغذي الربط المشترك الف ميجاواط يمكن زيادتها الي الفين في مرحلة لاحقة.

 

مكاسب كثيرة :

وبجانب المكاسب الاقتصادية التي يحققها المشروع هناك مكاسب اخري؛ حيث رحبت دولة الكونغو بمشروع ربط نهر الكونغو بروافد نهر النيل في جنوب السودان ، مما يعود بالطبع علي مصر بزيادة حصتها من المياه ؛ حيث يوفر لمصر ٩٥ مليار متر مكعب سنويا من المياه ، ويساعد في زراعة ٨٠ مليون فدان تزداد بعد ١٠ سنوات ما يتيح زراعة نصف مساحة الصحراء الغربية.

 

مصر بديلا عن الصين وإسرائيل :

حاولت إسرائيل علي عزل مصر عن بلدان القارة ، وكشفت التقارير ان قطر كانت ستشارك من الباطن مع إسرائيل والصين في سد انجا مثلما فعلت تماما في سد النهضة بأثيوبيا ، إلا ان الدبلوماسية المصرية الواعية بل والنشطة نسفت كل هذه المحاولات.

 

ايادي مصر البيضاء :

لم تكتفي مصر بالمشاركة في سد انجا فقط بل