إدوارد فيلبس جرجس يكتب: حرية التعبير .. حرية القتل !

إدوارد فيلبس جرجس يكتب: حرية التعبير .. حرية القتل !
إدوارد فيلبس جرجس يكتب: حرية التعبير .. حرية القتل !

أري أنه يجب أن نُعطي مقدمة نصل منها ليس إلى موضوع العنوان فقط ، لكن إلى الكثير من السلوكيات البشرية التي نراها الآن والممتدة إلى الخلف وحتى بدء الخليقة . تحدثت من قبل عن " الصفر العقلي " وفي الحقيقة لم أتحدث عنه كموضوع انشائي أو ككلمات كتبت بأقلام وضعت خطأ في أيدي لا تعرف كيف تسوغ جملة واحدة صحيحة .

كتبت عن " الصفر العقلي " كحقيقة واقعة نراها الآن كظاهرة لو أنكرناها كأننا ننكر شروق الشمس وغروبها ، " الصفر العقلي " هو حالة من حالات العقل البشري التي قلت أنها محصورة بين اللا إدراك والسلوك الحيواني ، وهو موضوع طويل له جانبياته الكثيرة ، أحد هذه الجانبيات ما حدث سابقا وتكرر هذه الأيام ثانية ، شخص أو مجلة تسئ إلى العقيدة أو مقدس من مقدساتها تحت بند حرية التعبير ، فتُقابل بالجرائم والقتل والتخريب ،

ووصفت هذا بأنه حرية القتل فبناء على حرية التعبير في الحالة الأولى أعطى الثاني لنفسه الحق في حرية القتل بوحشية ، أي بحجة نشر رسوم مسيئة للنبي محمد تحت بند حرية التعبير ، البعض أعطى لنفسه حرية قتل الأبرياء . سأناقش الحالتين بحيادية تامة . الحالة الأولى وهي حرية التعبير التي لا يجد من يفعلها سوى العقائد لينفذ فيها حريته وهو ما فعلته جريدة شارل ابيدو من قبل واقتدى بها مدرس التاريخ في فرنسا ودفع الثمن رأسه التي فصلت عن جسده ثم اعقبتها سلسلة من الجرائم الوحشية ،  وبالرغم من فداحة الجريمة إلا أنني أنظر إلى هذا المدرس كحالة من حالات الصفر العقلي وهي عدم الوصول إلى الإدراك الكامل أي أن العقل توقف عند مرحلة اللا إدراك ، أقصد هذا المعنى تماما ، لأن العقل المدرك لا يمكن أن يلجأ إلى هذه الوسائل الرخيصة تحت بند حرية التعبير وهي في حقيقة الأمر لن تخرج عن حالة من عدم الوصول إلى النضج الفكري وثبوته عند نقطة اللاإدراك الذي أوصله إلى محاولة  الوصول إلى شهرة رخيصة أو تعصب لا معنى له ، فمن الإساءة للنبي محمد سواء بكلمات أو رسوم ، إلى الإساءة إلى السيد المسيح أيضا سواء بكلمات أو رسوم مسيئة ، أو تمزيق كتب العقائد ، أو فتاوى تتراوح بين التكفير وعداء الآخر ، ليس لها سوى معنى واحد أن من يفعلها لم يخرج عن الصفر العقلي ومرحلة اللاإدراك وشهرة مقززة . وللأسف هذا الأمر بالرغم من تفاهته وأنه يمكن أن يعالج باالفكر الراقي ، إلا أن المقابل لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يدفع إلى حرية القتل ، التي أصبحت تُمارس بأدنى مستوى من مستويات الصفر العقلي وهي السلوك الحيواني وربما أكون قد ظلمت الحيوانات بعض الشئ ، تنطلق الحيوانات البشرية الشرسة لتفصل رؤوس الأبرياء وتعتدي على الكنائس وتفصل رؤوس النساء والرجال أثناء صلاتهم ، وتكسر وتهدم ، تنطلق في الشوارع تطعن ككلاب مسعورة لا ينقصها سوى " سماوي الكلاب " وهو الشخص الذي كان يعين من قبل البلدية في بلادنا ليضع السم للكلاب الضالة التي تعقر المارة ، من المستحيل أن يطلق على هؤلاء أسم بشر ، بالتأكيد من يفعلون هذا هم هؤلاء الذين غُيبت عقولهم ليدخلوا إلى مصيدة الإرهاب التي تعمل دون كلل أو ملل لاصطياد كل ما يمكن اصطياده من أصحاب العقول المغيبة ، ودعونا نقف وقفة صريحة أمام تعبير " مغيب العقل " ، تغييب العقل له أشكال عدة ، ليس من الضروري أن يكون بفعل المخدرات أو الخمر ، هناك أسوأ بكثير وهو التغييب بأسم الدين ، وهي ظاهرة انتشرت في البلاد العربية وتبناها نوع من الشيوخ والدعاة الذين لهم القدرة الفذة على تسميم الأفكار وخاصة الشباب بأقاويل دينية مقتطعة أو محرفة أو تناقلت عبر ألسنة كثيرة ومع كل نقلة يضاف إليها من الأخطاء ما يكفي إلى تحويل أي مقولة دينية إلى تحريض كامل لارتكاب الجرائم وتكفير الآخر والاعتداء عليه وعلى مقدساته بطريقة وحشية ، هذه النوعية هي المُساعد الأكبر أو الذراع اليمنى للإرهاب سواء بقصد أو بغير قصد ، نوعية الشيوخ والدعاة التي شوهت العقيدة بكل ما تملك من ضحالة الفكر أو بكل ما تملك من طمع وشراهة الحصول على المال كرشوة من هؤلاء الذين يعملون بكل نشاط وبكل الوسائل إلى نشر الجرائم الإرهابية واستخدامها سياسيا ، هؤلاء الدعاة للأسف ترزح بأفكارهم كل البلاد العربية وفي بلادنا أيضا حتى الآن ليس تحت مسمى الإخوان فقط لكن  أيضا هؤلاء الذين يطلق عليهم مسمى " السلفيين " ، وبدون مبالغة هم الأسوا  فكريا من الإخوان . حرية القتل التي تمارس على مستوى العالم الآن ، وضحاياها من الأبرياء ، ما هي إلا إشارة خضراء من هؤلاء الشيوخ والدعاة لينفذوا القتل الإرهابي باسم الدين واستخدام " الله أكبر " دو حياء أو استحياء ، إشارة خضراء تقول اقتل بكل حرية فإن استطعت الهرب فأنت بطل ويجب أن ننفذ لك كل شهواتك ، وأن قُتلت فأنت المحظوظ  ، أنت الشهيد الذي تنتظره حور العين على أحر من الجمر على شواطئ انهار اللبن والخمر . أي تغييب هذا الذي يهبط بالعقل إلى درجة الصفر الأقرب إلى السلوك الحيواني لينفذ جرائمه الوحشية بقتل الأبرياء وإيمانه بأن الاستشهاد هو طريقه إلى الجنة النسائية ليطلق فحولته على حور العين . هل يتنبه هؤلاء الذين يتشدقون بحرية التعبير من خلال العقائد ومن ثم يتيحون الفرصة للمغيبين للقتل بحرية ؟!! ، لا أعتقد ، فكما قلت سابقا أن الصفر العقلي كان وكائن وسيكون !!!!

شر الانتخابات ما يضحك .

************************

لم أكن أتوقع أن أشاهد طوال حياتي ما حدث في أمريكا من كاركاتير مسئ للوجه الأمريكي كما حدث في الانتخابات الرئاسية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس المنتخب  جو بايدن سواء أثناء العملية الانتخابية نفسها أو ما سبقها من مناظرات وتراشقات أبدا لم أكن أود أن أشاهدها وكأنني في مجاهل العالم الثالث وليس أمريكا ، في الحقيقة لا أعرف كيف أحسبها ، هل  فوز بايدن هو ضربة حظ أم تلاعب في الاصوات أم أن الحزب الديمقراطي عرف كيف يلعب اللعبة الصحيحة التي ضمنت الفوز لمرشحه ، وهل خسارة ترامب هل هي سوء حظ أم أخطاء ارتكبها أثناء فترة رئاسته أم لم يعرف كيف يكون سياسيا ليس في ميدان السياسة بل أيضا في علاقته بالآخرين بالرغم مما حققه من طفرة اقتصادية هائلة في الفترة التي تولى الحكم فيها ثم أكلها الفيروس الكوروني . في النهاية لا يصح سوى الصحيح وهو الواقع  بفوز المرشح الديمقراطي  جو بايدن . في الحقيقة أنا لا أستطيع أن أقرر إن كان بالفعل قد حدثت تلاعبات أو تزوير في البطاقات الانتخابية أم أن بايدن استفاد من أخطاء ترامب ، الذي لم ينتهج السياسة منذ البداية ، ومنذ  بداية طريقه داخل أروقة البيت الأبيض لم يتوقف عن مهاجمة وسائل الإعلام الأمريكية التقليدية من قنوات وصحف ومواقع إخبارية إلكترونية ، حظى الكثير منها على شهرة عالمية منذ ظهوره فى عالم الإعلام قبل سنوات طويلة، وكثيرًا ما اتهم الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وسائل الإعلام بعدم النزاهة ، لافتًا إلى أنها تهاجمه ولا تنقل الواقع بحيادية ، إلى جانب تحيزها سابقًا إلى منافسته الديمقراطية فى الدورة الانتخابية الماضية   " هيلارى كلينتون " ، ، ويبدو أن الإعلام الأمريكى لم ييأس من محاربة ترامب ومحاولة الإيقاع به ، وهو ما اتضح خلال جولة الانتخابات الرئاسية الأمريكية ، فانحاز إلى منافسه الديمقراطى جو بايدن ، واتجه إلى إبراز مساوئ ترامب وسلبياته ، حتى أثناء فعاليات حملته الانتخابية رفضت بعض المؤسسات الإعلامية الكبرى سفر مراسليها لتغطيتها ، بحجة الخوف من فيروس كورونا ، مع الإشارة إلى أن المرافقين لترامب لا يرتدون الكمامات أثناء سفرهم على متن الطائرة الرئاسية ، وأثناء تلك الفعاليات بشكل عام ، ومع مؤشرات فوز بايدن ازدادت وتيرة الانتقاد إلى الرئيس الأمريكى ترامب ، إلى حد قطع البثّ أثناء خطاب ألقاه من البيت الأبيض متحدثًا عن عمليات تزوير فى العملية الانتخابية الجارية لصالح منافسه .                                                                               

ولم يتوقف الأمر على هجوم المنصات الإعلامية التقليدية ، بل خذله أيضًا موقع تويتر، هذا المنبر الوحيد الذى كان ترامب يعمل على استخدامه ، حيث قام الموقع الشهير فى عالم السوشيال ميديا على حجب عدد من التغريدات له منذ بدء عمليات الفرز فى الانتخابات الحالية وبرر تويتر ذلك بأن تلك التغريدات تأتى منافية لسياساته ، حيث إنها تحتوى على معلومات وصفها بالمضللة ، وهو ما دفع ترامب للقول بأن تويتر خرج عن السيطرة ، للأسف ترامب لم يتوقف لحظة على مدار ثلاث سنوات عن محاربة الإعلام وعمالقة التكنولوجيا إلى جانب الديمقراطيين ، ترامب للأسف                    خسر رهانه على قدرته إدارة التسويق لنفسه بمفرده ومن خلال اعتماده على حسابه على تويتر الذى بالطبع أفاده كثيرًا ، بينما تسبب فى خسارته فى النهاية  وانتهى الأمر بفوز جو بايدن ، الذي كثر اللغط حوله بعد أن تحول الرئيس السابق أوباما إلى أكبر مؤيديه ، بأنه سينتهج الكثير من سياساته في الشرق الأوسط ، في الحقيقة لا أريد أم أستبق الأحداث ، لكن لا أتوقع أن تكون خيرا إذا سار بايدن بنفس هذه السياسات ، وربما يكون على شئ من الذكاء ويعلم الآن أن ما انتهجه أوباما سابقا سيكون شرا عليه وعلى أمريكا إذا حاول إعادته ثانيا . لا أريد أن أدخل في تفاصيل كثيرة لأنني فقط أحببت أن أقول أن الإسلوب الذي اتبع في هذه الانتخابات جعلني أغير صياغة المقولة " شر البلية ما يضحك " إلى شر الانتخابات ما يضحك " . يقولون " غدا لناظره قريب " ، ربما  يحدث ما لم يكن في الحسبان وخاصة أن الرئيس بايدن على اعتاب الثمانين من عمره .                                                                                 

جنون أسمه السوشيال ميديا

          **************** **********                                                                                                                                                                                                               

   جنون بالفعل هو ما تحولت إليه السوشيال ميديا ، أو شيطان من شياطين الزمن الحاضر وجن أمرد بالنسبة الزمن القادم ، جنون الليك والشير والإعجاب تملك البعض إلى أن وصل بهم الأمر إلى الجلوس أمام الكمبيوتر أو الحملقة في التليفون لساعات طويلة وكأنهم في مهمة رسمية ، بالفعل بعض البشر لهم القدرة إلى تحويل أي شئ يمكن أن يكون له منفعة إلى شئ يمكن أن تتقزز النفس منه ، كم من اساءات حدثت للبعض نتيجة اساءة توظيف السوشيال ميديا ، بل أن البعض يسلك بطريقة قد تقوده إلى الوقوع تحت طائلة القانون كجريمة مكتملة الأركان ، والبعض لا يحكمهم الضمير وفي سبيل البحث عن اجتذاب أكبر عدد ممكن من المتابعين  يمكن أن يطلقون الإشاعات إلى حد نشر شائعة عن وفاة فنان أو شخصية عامة ، وأصبحت لعبة الكثير من الفتيات نشر شائعات التحرش التي تجد لها صدى واسع الآن ولو بالباطل لمجرد الانتقام ، أما البحث عن الشهرة فلقد خلقت من الكثيرين مجانين يختلقون أي مواضيع قد لا يكون لها أي أساس لنشرها ، وتفاقم الموضوع إلى الأكثر عندما تحول الأمر إلى وسيلة للربح السريع ، حتى فى أزمة كورونا، وجدنا بعض راغبى الثراء السريع الذين استغلوا وسائل التواصل الاجتماعى من أجل جنى المال على حساب معاناة الناس ، حيث قام عدد من الأشخاص بالترويج للكحول، والمستلزمات الطبية بالمخالفة للقانون، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل إن هناك من جعل من الفيس بوك على سبيل المثال ساحة مفتوحة للترويج لوسائل وأجهزة ما أنزل الله بها من سلطان لمقاومة الفيروس فى إطار بيع الوهم على طبق من فضة للناس والاستغلال غير المشروع للأزمة ، ولا ننسى الأبشع في محاولات بعض الخائنين للأوطان من محاولة توظيف السوشيال ميديا للنيل من أوطانهم ، حيث السخرية الدائمة من كل إنجاز، والإساءة المتواصلة لكل رمز، علاوة على محاولة بث الإحباط فى النفوس ، وبالتأكيد لن ننسى جنون السوشيال الذي جعل لدينا ملايين من اليوتيوبر ، وملايين من القنوات على اليوتيوب ، ولا أعلم من الذي سيشاهد إذا تحول الجميع إلى مصدر لبث الفيديوهات . لماذا لا نجعل من السوشيال ميديا مجالا نافعا لخدمة بلداننا وأوطاننا ووسيلة دعم لا هدم . الموضوع تفاقم بدرجة كبيرة وعلى الأباء أن يقوموا بدور أكبر فى توعية الأبناء بمخاطر إساءة استخدام السوشيال ، كما يجب أن يكون هناك قدرا أكبر من الرقابة لا الوصاية على الأبناء فى المراحل السنية المبكرة ضمانا للاستخدام الرشيد والمتوازن لهذه الأداة التكنولوجية المتطورة ، رحم الله أيام زمان عندما كانت وسائل التنشئة الاجتماعية قاصرة على الأسرة والأقران ، واليوم صار هناك تواصل على مدار اللحظة بين الأبناء وهم فى غرف نومهم وبين كل ما يجرى فى العالم عبر السوشيال ميديا، التى تنقل لهم عبر هواتفهم كل حسن وقبيح على ظهر كوكبنا. 
 

 
 

إدوارد فيلبس جرجس

edwardgirges@yahoo.com

********************