د. محمد فتحى عبد العال ومنى كيال يكتبان: زيت كبد الحوت- بين الفوائد والأضرار (حديث الأساطير)

د. محمد فتحى عبد العال ومنى كيال يكتبان: زيت كبد الحوت- بين الفوائد والأضرار (حديث الأساطير)
د. محمد فتحى عبد العال ومنى كيال يكتبان: زيت كبد الحوت- بين الفوائد والأضرار  (حديث الأساطير)

 حظيت الأسماك منذ فجر التاريخ باهتمام الإنسان، فكانت مصدر أساسي لطعامه، كما كانت في بعض الحضارات جزءاً من عباداته و رمزاً للخصوبة والثراء، حيث كان لها بعداً ميثولوجياً واحتلت مرتبة كبيرة في الأساطير القديمة.

ففي الهندوسية كانت السمكة هي الإله ماتسيا وفيها يتجسد الإله فشنو لينقذ الإنسان الأول (مانو)، وفي الطقوس السومرية كانت قربانا للآلهة عشتار وتموز. وفي مصر القديمة حرمت بعض أنواع الأسماك بعدما أكلت إحداها عضو الخصوبة للإله اوزوريس! ...

 

حكاية كل بيت :

عاد استخدام زيت كبدالحوت إلى الواجهة، بعد معرفة خواصه الكيميائية وغناه بالعناصر الغذائية، التي تفسر خواصه العلاجية والوقائية المعروفة على مر العصور.

كانت جداتنا تقدّمن ملعقة الزيت الذهبي لتقوية الأطفال ومعالجة قلة الشهية والضعف، وكانت الاستجابة السريعة لهذه الوصفة السحرية تؤكد فوائدها الجمة؛ مما جعل هذه النصيحة تنتقل من جيل إلى جيل، إنه زيت كبد سمك القدّ أو الحوت.

من عصر أبقراط (أبو الطب) الذي نصح باستخدام زيت كبد الدلفين لعلاج الأمراض الجلدية وآلام الجسم، وصولاً إلى الطبيب الانجليزي توماس بيرسيفال لعلاج التهاب المفاصل، فضلاّ عن استخدامه للزيت كمرهم لعلاج تلين العظام (مرض الكساح)؛ احتل زيت كبد الحوت مكاناً مميزاً في الصيدلية العلاجية.

وإذا عدنا إلى عصر النبوة، نجد أحاديث تتحدث عن أن ضيافة أهل الجنة أول دخولهم لها هي " زيادة كبد حوت "، وذلك أن حبراً من أحبار اليهود جاء يسأل النبي : فما تحفتهم يوم يدخلون الجنة؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: زِيَادَةُ كَبِدِ النُّونِ ..إلى آخر الحديث ) رواه مسلم. قال الإمام النووي رحمه الله : " أما النون فهو الحوت باتفاق العلماء.. وأما زائدة الكبد فهي القطعة المنفردة المتعلقة في الكبد ، وهي أطيبها "

 

فوائد تحتاج لتفسيرات علمية:

في البداية لم يكن لدى العلماء تفسيراً لهذا النجاح الذي يحققه زيت كبد الحوت في مرضى الكساح والتهاب المفاصل وأمراض الجلد، لكن مع الوقت تبين أن السبب يرجع إلى غناه بفيتاميني أ و د. وبينما يساعد فيتامين د على امتصاص الكلسيوم، يساعد فيتامين أ في الحفاظ على صحة الجلد والعين، كما له دور مقاوم للتأكسد يحمي القلب والدماغ. وهو يتميز عن زيوت السمك الأخرى بكميات أعلى من فيتامين أ و د وكميات أقل نسبياً من الأوميجا ٣. وبسبب طعمه ورائحته السمكية يضاف لزيت كبد الحوت مادة منكهة.

 

مكونات زيت كبد الحوت وفوائده الصحية :

يختلف الزيت المستخرج من كبد الحوت عن زيوت السمك العادية المستخرجة من أنسجة أسماك التونه والسلمون وغيرها، بينما هذا الزيت يستخرج حصراً من كبد الحيتان.

يحتوي زيت كبد الحوت على ثلاث عناصر غذائية مهمة: الفيتامين أ، الفيتامين د، والأحماض الدهنية بما فيها الأوميغا، ويقدر محتوى الملعقة الواحدة (٥مل): ٨٩٠ غرام من دهون الأوميغا ٣، وحوالي ٩٠ بالمئة من حاجتنا اليومية من فيتامين د وأكثر بقليل من حاجتنا اليومية من فيتامين أ.

 

 

زيت كبد الحوت والتهاب المفاصل الروماتيزمي

 في دراسة اجريت على ٤٣ مريض مصاب بالتهاب المفاصل الرثواني، فإن تناول ١ غرام من زيت كبد القد لمدة ثلاثة أشهر، أدى إلى تخفيف التيبس الصباحي بنسبة ٥٢،٤ بالمئة والتورم بنسبة ٤٠ بالمئة، وشدة الألم بنسبة ٦٧،٥ بالمئة. وفي دراسة أخرى أجريت على ٥٨ مريضاً، كانت النتائج مشابهة واستطاع ٣٩ بالمئة المرضى تخفيف جرعات الأدوية المضادة للالتهاب. ويعتقد أن الخواص المضادة للالتهاب للحموض الدهنية بما فيها الاوميغا ٣ يمكن أن تساعد في تخفيف الالتهابات المفصلية وتحمي المفصل من العطب.

 

زيت كبد الحوت وصحة العين

 في دراسة أجريت على ٣٥٠٢ مريض بعمر ٥٥ فما فوق، وجد أن المرضى الذين تناولوا حاجتهم اليومية من فيتامين أ من زيت كبد الحوت كان لديهم نسبة أقل من الاصابة بداء الزرق. كما أن زيوت الأوميغا مع الفيتامين أ تساعد على الوقاية من الضمور البقعي.

 

زيت كبد الحوت وصحة القلب

تساعد دهون الاوميغا ٣ على خفض الشحوم الثلاثية و رفع الكولسترول المفيد وخفض ضغط الدم المرتفع ومنع تشكل الصفائح العصيدية المسببة لتضيق الشرايين والتي تؤدي لحدوث الجلطات القلبية والسكتات الدماغية. كما أن لفيتامين أ دور مضاد للأكسدة، تبطل عمل الجذور الحرة المؤكسدة.

 

فوائد لتحسين أعراض الاكتئاب والقلق

 في دراسة كبيرة أجريت على ٢١٨٣٥ شخص، وجدت أن الأشخاص الذين تناولوا زيت كبد الحوت بانتظام، كان لديهم أعراض أقل من الاكتئاب والقلق. ويعزى الباحثون هذه الفوائد إلى التأثيرات الايجابية لفيتامين د والاوميغا ٣ على الأعصاب و وظائف الدماغ.

 

 

ولكن لا يخلو الأمر من مضار!!

و رغم أن تناول ملعقة صغيرة من الزيت يومياً يعتبر آمناً، يجد بعض الأطباء صعوبة في وصف جرعات معينة من زيت كبد الحوت، كون المكونات يمكن أن تختلف من نوع لآخر، ويمكن أن تحتوي الملعقة الصغيرة كميات من فيتامين أ تتجاوز الجرعة الموصى بها، مما يمكن أن يسبب تراكمه في الكبد على المدى الطويل، وحدوث أعراض التسمم بالفيتامين أ. كما أن محتواه من دهون الأوميغا ٣ قد لا تكفي الحاجة اليومية، مع وجود خطر في حال رفع الجرعة عن الحد المسموح به.

إن عدم اتباع الجرعات الآمنه الموصى بها من زيت كبد الحوت، يمكن أن يؤدي أيضاً إلى زيادة فيتامين د، مما قد ينتج عنه زيادة مستويات الكالسيوم في الدم وتكلس الانسجة وتشكل حصيات الكلية. كما ما لا ينصح بتناوله للمرأة الحامل حيث أن الجرعات العالية من فيتامين أ يمكن أن تؤذي الجنين.

ويمكن أن يتداخل زيت كبد الحوت مع التأثيرات الدوائية لأدوية الضغط والمميعات، لذا يجب أخذ استشارة الطبيب منعاً من حدوث آثار جانبية كهبوط الضغط أو النزوف وغيرها. لذلك فان استشارة الطبيب والتقيد بالجرعات الموصى بها وعدم تجاوزها أمر شديد الأهمية.

ويبقى زيت كبد الحوت مصدراً طبيعياً لكثير من العناصر الغذائية المهمة، ويمكننا أن نتناوله من وقت لآخر لإغناء نظامنا الغذائي

 

 

. د. منى كيال د. محمد فتحي عبد العال